من اوراقي: مع صدام حسين في موسكو محسن حسين

القادة السوفيت يضعون طائرة خاصة بأربعة صالونات تحت تصرف صدام

 

بريجنيف يطالب صدام حسين بصور التقطها مرافقوه ويعجب ببدلة برزان التكريتي

 

عثرت من بين اوراقي مسودة تقرير اخباري كتبته وانا في الطائرة التي اقلت صدام حسين عندما كان نائبا لرئيس مجلس قيادة الثورة عائدا الى بغداد من زيارته الثانية للاتحاد السوفياتي يوم 17-2-1972.
كنت بحكم عملي الصحفي معاونا لمدير عام وكالة الانباء العراقية (واع) قد رافقت صدام حسين في زياراته الاولى الى ليبيا للتهنئة بثورة الفاتح من سبتمبر ايلول ثم الى الاتحاد السوفياتي في اب عام 1971 والثانية في شباط 1972.
في تلك الزيارات كان جميع الوفد في طائرة واحده مع صدام حسين لكن الوضع تغير بعد ان اصبح رئيسا للجمهورية اذا كان يسافر وحده في طائرة والوفد المرافق في طائرة اخرى تحمل ايضا الوفد الصحفي ومصوري التلفزيون.

في السنوات اللاحقة وكنت قد تركت وكالة الانباء العراقية (واع) والتحقت بمجلة الف باء اتيح لي ان احضر معظم مؤتمرات القمة العربية ضمن الوفد الصحفي المرافق لصدام حسين في المغرب وتونس والاردن وفي هذه الزيارات كنا قلما نلتقي به.
وخلال عودتنا من موسكو في الطائرة الى بغداد يوم 17 شباط كتبت هذه الاسطر وقدمتها له فقرأها ولم يعلق. كان صدام حسين في السنوات الاولى يقول ويكرر لنا في وكالة الانباء اكتبوا حسب المتعارف عليه في عملكم وهكذا كنا نكتب اخبار مقابلاته واذكر انه في ليبيا وقبيل عودته قلت له ان المتعارف عليه الادلاء بتصريح للصحفيين عن الزيارة فطلب مني ومن محمد سعيد الصحاف وكان مديرا للاذاعة ان نعد التصريح باسمه وطلب منا ان نبقى في ليبيا لان المسؤولين الجدد في ليبيا يريدون استشارتنا في اعادة تنظيم الاذاعة الليبية ووكالة الانباء.
وحدث مثل ذلك في موسكو اذ طلب اعداد تصريح نقدمه للصحفيين في المطار.
الزيارة الثانية الى موسكو جاءت بعد نحو 6 اشهر من الاولى كان من الواضح ان صدام استطاع التوصل مع السوفيت الى اتفاق لا شك كان جزءا منه العلاقة مع الحزب الشيوعي العراقي.
في 9 نيسان 1972 اي بعد شهرين من زيارتنا لموسكو وقع العراق والاتحاد السوفيتي معاهدة صداقة. اتفق البلدان على التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية. كما وافق الاتحاد السوفيتي على تجهيز العراق بالاسلحة.
ومن اجل تقوية الحكم فقد اتخذت خطوتان مهمتان: المصالحة وتسوية الخلاف مع الحزب الشيوعي وتشكيل الجبهة الوطنية التقدمية. وابدى الحزب الشيوعي العراقي رغبته في الانضمام للجبهة.
في اذار 1972 التقى قادة البعث والشيوعي العراقي لمناقشة المبادئ الاساسية للدولة مثل الاشتراكية والديمقراطية والتنمية الاقتصادية. وصدر اعلان يوضح المبادئ المتفق عليها كاساس للتعاون بين الاحزاب في الجبهة.
في العام التالي 1973 تشكلت الجبهة رسميا وقام سكرتير الحزب عزيز محمد بالتوقيع على اتفاقية مع الرئيس احمد حسن البكر وانضم الحزب الشيوعي إلى الجبهة الوطنية والقومية التقدمية جنباً إلى جنب مع حزب البعث ولكن الخلافات بدأت تطفو على السطح تدريجياً بسبب ميل الاخير إلى الانفراد بالسلطة إلى أن تم حل الجبهة الوطنية عام 1979 وأصبح الحزب الشيوعي حزبا محظورا
هذه هي اللقطات التي كتبتها في الطائرة
* كان قادة الاتحاد السوفياتي ودودين جدا خلال مقابلاتهم للوفد وخاصة ليونيد بريجينيف السكرتير العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي فقد بدا مسرورا جدا
* وقبل ان تبدأ المباحثات تبادل برجينيف مع نائب رئيس مجلس قيادة الثورة احاديث ودية عن الجو والصحافة.
* قال بريجينيف عند تقديم غروميكو وزير الخارجية الى صدام حسين هذا هو غروميكو.. هذا هو غروميكو..وللمرة الثالثة هذا هو غروميكو.
* وبعد ان صافح بريجنيف اعضاء الجانب العراقي الذين حضروا الاجتماع وهم مرتضى سعيد عبد الباقي ومحمد فاضل شاهد الملازم برزان التكريتي (وكنت اقف معه ومعنا مجموعة من المصورين) صافحه وساله هل هذه بدلتك العسكرية؟ اجاب برزان بعد ان ادى التحية: نعم تفاريتش.
(حسب اوراقي وضع صدام خطا بقلمه الاخضر على الفقرة المتعلقة ببرزان. لم يكن يريد نشر الفقرة).
* قال بريجينيف لصدام حسين عندما شاهد عددا كبيرا من المصورين يلتقطون لهما الصور التذكارية “لا ادري اين يذهبون بهذه الصور؟” واضاف: ” انني انحني لهم واتوسل اليهم لكني لم استلم منهم اية صورة من الصور التي يلتقطونها لي.”
* على عكس ما تنشره الصحافة الغربية عن كوسيجين من انه متجهم الوجه دائما ، فقد كان باسما طوال الوقت.
* ابدى كوسيجين شكره للصحافة العراقية وقال لصدام حسين ان الصحافة العراقية قد ابدت اهتماما كبيرا بالزيارة ونشرت الكثير من الاخبار والتعليقات عن مباحثاتنا.
* حرص القادة السوفيات الثلاثة بريجينيف وبودغورني وكوسيجين زيادة في تكريم صدام حسين وتعبيرا عن اهتمامهم بزيارته ان يجتمع به ثلاثتهم ويبحثوا معه الامور المطروحة ولهذا فان الزيارة قد استغرقت سبعة ايام في حين كان من المقرر ان تدوم خمسة ايام فقط.
وكان اجتماع بريجنيف وصدام حسين اطول الاجتماعات فقد استمر ثلاث ساعات ويعتقد انه من اطول الاجتماعات التي عقدها بريجينف مع رؤساء الوفود التي تزور موسكو.
* اضافة الى الاجتماعات فان كوسيجين كان حريصا على متابعة الاتصالات مع صدام هاتفيا ايضا.
* قام التلفزيون والاذاعة والصحافة السوفياتية بتغطية الزيارة بصورة جيدة
* اثارت الزيارة اهتمام الاوساط الدبلوماسية والصحفية في موسكو وانهالت النداءات الهاتفية على السفارة العراقية من قبل المراسلين الاجانب بحثا عن اخر اخبار الزيارة والمباحثات الجارية وقد ركز المراسلون اهتمامهم بما جاء في كلمة صدام عن التحالف الستراتيجي بين البلدين.
* كانت الزيارة عبارة عن جلسات عمل ومباحثات عقدها صدام حسين والقادة السوفيات ولهذا لم يتضمن البرنامج اية زيارات خارج موسكو او للاطلاع على معالمها. وكانت اجتماعات اللجان المتفرعة عن الوفدين مستمرة احيانا الى ساعات متأخرة من الليل.
* قدم التمر العراقي للمدعوين في مادبة الغداء التي اقامها صدام حسين تكريما لكوسيجين وقد اعجب به الضيوف السوفيات ودار حديث طويل بين كوسيجين واعضاء الوفد جول النخيل في العراق وانتاجه من التمور والمعلوم ان الاتحاد السوفياتي استورد في العام (1971) 30 الف طن من التمور العراقية.
* وضع القادة السوفيات تحت تصرف صدام حسين طائرة سوفياتية خاصة مصممة لتنقلات القادة السوفيات انفسهم وهي تتالف من اربعة صالونات منها اثنان مزودان بطاولة عمل وسرير للنوم والراحة واثنان للمرافقين.
* خصص للوفد قصران من قصور الضيافة في تلال لينين بضواحي موسكو وقد حل صدام حسين وكبار اعضاء الوفد في القصر رقم 1 وهوالقصر الذي تحل فيه الشخصيات البارزة التي تزور الاتحاد السوفياتي.

 

 

Facebook
Twitter