لا شك أن الالتزام بالأعراف الدبلوماسية واحترامها وعدم إهمالها حتى فيما بين الدول المتخاصمة، هو أمر محمود ويدل على “وعي” الأنظمة السياسية وتمسكها بما درجت عليه دول العالم منذ عقود من الزمن، وخاصة إذا ما كانت تلك الأعراف تتعلق بتبادل التهاني والتعازي.
لكن الأعراف الدبلوماسية لها أخلاقياتها وثوابتها التي من “المعيب” تجاوزها والقفز عليها لكي تحافظ الأنظمة على احترامها من قبل المجتمع الدولي، وهو ما لم يلتزم به ساسة العراق وكبار قادته وعلى رأسهم سليم الجبوري.
من المتعارف عليه دبلوماسياً أن يتبادل رؤساء ومسؤولو دولة ما التعازي أو التهاني مع نظرائهم في دولة أخرى، ومن “المخزي” أن يكون التبادل من الأعلى إلى الأدنى، وهذا ما “درج” عليه من تصدر لحكم العراق و”تزعم” مؤسساتها وسلطاته.
وعلى خلفية مقتل خمسة دبلوماسيين إماراتيين في تفجير بمدينة قندهار عاصمة أفغانستان الأسبوع الماضي، تقدمت العديد من الدول والشخصيات بالتعازي إلى “دولة” الإمارات العربية المتحدة، وتلقى “رئيس الدولة” الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ووزارة الخارجية الإماراتية، برقيات التعزية من “نظرائهما أو أقل” إذ كانوا رؤساء دول ورؤساء حكومات ووزراء خارجية ورؤساء برلمانات، وبعضهم (من هذا التمثيل الرفيع) بادر إلى تقديم التعازي بنفسه فتوجه إلى الإمارات للقاء “رئيسها” أو من ينوب عنه.
لكن في العراق الأمر مختلف عن العرف الدبلوماسي وحتى عن احترام الذات والبلد الذي يمثله السياسي العراقي، وأشد “إهانة” للبلد هو ما قام به رئيس أعلى سلطة تشريعية في العراق إلا وهو رئيس مجلس النواب سليم الجبوري الذي “تصاغر” إلى حد مخجل، حيث توجه بنفسه وبصفته الرسمية ليقدم التعازي إلى “سفير” الإمارات في العراق.
لم يكتفِ الجبوري بإرسال برقية تعزية لـ”سفير” الإمارات في العراق حسن أحمد الشحي، بل أنه توجه بشخصه وموكبه و”جوقته” الإعلامية إلى مقر سفارة الإمارات في بغداد ليقدم تعازيه “الحارة جداً” للسفير، وهناك التقط صوراً فوتوغرافية مع الشحي.
الصور التي التقطها الجبوري مع سفير الإمارات لا تدخل في باب الترويج الإعلامي أو حتى التذكارات الشخصية، فالشحي ليس بالشخصية المهمة أو ذات قيمة سياسية أو دبلوماسية، لكن على ما يبدو أنها صورة يؤكد بها الجبوري لـ”رعاته ومموليه” الخليجيين بأنه أدى واجب الزيارة بنفسه حرصاً منه على “ديمومة خبزته”.