لُحيميٌّ أثولٌ أعرجٌ يعرجُ في مؤخرة السرب. يتعثر ويسقط على وجههِ، فينغرس منقاره بذروقها، فيقوم ثانيةً على حيلهِ فيخونه الحيلُ والحيلةُ ويعود ضجيعَ درب الذروق.
يفطرُ منظره فؤادك الرحيم، فتترك سربَ الطيور القاسيات، وترجع إلى الطير السقيطة الّلحيميّ الغضّ، وتمدّ له حبل يدك القوية الكريمة، فيحرنْ ويرفض يمينك، فتستنكر وتحزن وتتعجّب، وعجبكَ لن ينمطَّ طويلاً حتى يلملم الّلحيميّ جسدهُ ويتوكأ على عكّازة فضلات، ويعيّركَ بأنك إنّما عدتَ إليه فقط كي تتعلّمَ منه الطيران.
هكذا تتورّم الذوات المريضة، فتأخذك صوب باب مدرستك الابتدائية، وهناك سيطيب جرحك على رنّة حكاية الضفدعة الصغيرة التي أرادت أن تتتلتل مثل فيل، فصارت تنفخ جسمها الضئيل بأف وأف وأفّ حتى انتفختْ مثقال ظفر فيل وانفجرتْ.
يحدث هذا التضخّم لدى كثرة من الناس، وأشهرهم تلك الكتلة الهلامية التي أدركتها رائحة الكتابة وما حولها من كائنات تثرد على سور كلّ فنٍّ جميل، فيصير الكُويتبُ كاتباً والشويعرُ شاعراً والرويسمُ رسّاماً والخويطر خاطراتياً والمنشّزُ مغنّياً والسمكريّ نحّاتاً، وضارب طبلةَ الخميس ملحّناً وجامع الزبل تشكيلياً.
إنَّ الضرر الذي تُنتجهُ هذه السلالة الرخوة، لن يكون محصوراً بها أو بمحيطها، كما هو قياس الضفدع الذي تنافخ وانفجر، إنما سيكون ضرراً شاملاً سيترك كدماته وقبحهُ فوق جسد المنتَج الإبداعيّ الجميل، وسيساهم في إشاعة العفن والتخلف، وسوف تنشطر بمرحلة تالية مثل أميبا، فايروساته وخلاياه وتتناسل تكويناته وتتكامل حلقات دائرته الضخمة، فيخنق كلّ إبداع وخَلْقٍ بوصفهِ عدواً منافساً له في سوق العرض والطلب.
سيتحول مشهد الأنوات والنرجسية الغبية التي تنتج العطب النفسيّ على خريطة الفيسبوك الملتبسة، إلى ملهاة كوميدية لطيفة، فيعلن الزوج امتناعه عن غسل صحنٍ بمطبخ العائلة، لأنّ منشوره البارحة قد حصد عشرة إعجابات وروعة ومنوّر خالي، وستزعل عليك عمّتك حسنية خانم لأنك لم تعن وليدها غايب على طبع ديوانه الذي خَبَزَهُ الأسبوع الفائت خبْزاً. سينشف منبع الحبّ بينك وبين صاحبك الإلكترونيّ لأنك دستَ فوق مقصوصتهِ ولم تقلْ شيئاً.
ستنمو فوق صدرك تسعُ شعيرات بيضاوات، بعد أن تنتهي من قراءة قصة واحدٍ رمى جسده من فوق سطح البيت، لأنّ الناس لم تتفاعل مع قصيدته كما فعلتْ مع مسألة تنغيل الخيار بالباذنجان لاستيلاد البطّيخ.