خمسمائة ألف مواطن عراقي، هم حصيلة المفقودين من أبناء الشعب العراقي، خلال العقود الماضية، فضلا عن مقابر جماعية وصلت لـ 520 مقبرة، وبعد عام 2003 بلغ عدد المفقودين في بغداد، نحو 17 ألف مفقودا، وهي الإحصاءات التي صدقت عليها وزارة حقوق الإنسان في العراق.
تشير الإحصائيات التي قدمتها لجنة الصحة النيابية العراقية، إلى أن أعداد المفقودين تتراوح ما بين 250 ألف شخص لقرابة مليون شخصا، وأكثر من 520 مقبرة جماعية رسمية مكتشفة في العراق، و33 مقبرة فقط خلال العام الماضي، تحديدا منذ اجتياح تنظيم الدولة، للمدن والبلدات العراقية التي تشهد أعمال مسلحة.
تدل الإحصائيات الواردة، على أن العراق إبان التدخل الأمريكي في العراق، وحتى ظهور تنظيم الدولة، وسيطرته على بعض المناطق، عانى وما زال يعاني من تدهور في الأوضاع الأمنية، وانتشار للأعمال المسلحة وعمليات القتل والسرقة والتهديد والتدمير، والنعرات الطائفية، كلها عوامل ساعدت على ارتفاع وتيرة القلق لدى الشعب العراقي وارتفاع معدل الخطف والقتل والاعتقال، وهو الأمر الذي ترتب عليه زيادة كبيرة في حصيلة المفقودين سواء في السجون أو داخل المقابر أو ممن لم يُستدل على أماكن تواجدهم.
ولما استشعرت الجهات المعنية في العراق القلق، من هذه النسبة في عداد المفقودين، أعربت اللجنة الصحية، عن تعاونها مع اللجنة الدولية لشؤون المفقودين ، لبحث ووضع نظام فني وعلمي يقضي بعدم الوقوع في الأخطاء الفنية لتشخيص رفات المفقودين، والوصول لنتائج دقيقة فيما يخص المفقودين وبياناتهم.
يقول دانكن سطنير رئيس برنامج العراق في اللجنة الدولية لشؤون المفقودين، أن آلاف المفقودين العراقيين يمثلون تحديا كبيرا، أمام الحكومة العراقية، التي يُفترض أن تضع نظاما قضائيا يقضي يإيجاد المفقودين ومحاسبة المتورطين في تلك الجرائم.
خطوة اللجنة الدولية لشؤون المفقودين، ليست الأولى من نوعها التي طالبت بوضع حلول سريعة لمشكلة المفقودين في العراق، فبادرت من جانبها المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان في العراق بتوجهها نحو تأسيس مركز متخصص بقاعدة بيانات خاصة بالمفقودين، لأن هناك عددا كبيرا ممن فُقدوا من القوات الأمنية والمدنيين حتى عام 2014 .
ولم يقتصر عداد المفقودين على أبناء العراق فقط، فهناك جاليات أخرى تعاني من تلك الأزمة، حيث قال رئيس العصبة المغاربية في العراق، محمد الزهاري، إن قضية المفقودين لم تنل حظها من المتابعة لجانبها الإنساني.
الزهاري تحدث عن مواقف الحركة الحقوقية المغربية المناهضة للإعدام، ودعى الدولة المغربية للتحرّك السريع لسن الاتفاقية القضائية بين المغرب والعراق، لنقل السجناء المغاربة لوطنهم.
العديد من العائلات العراقية الذين فقدوا ذويهم في بغداد وجهوا اتهامات صريحة للحكومة العراقية بتخليها عن واجبها الأمني في حفظ الأمن ووضع حلول جذرية للمفقودين، خاصة أثناء ولاية رئيس الوزراء الأسبق نوري كامل المالكي، حيث عانت الكثير من الأسر خاصة في مناطق حزام العاصمة بغداد من عمليات الاعتقال، واضطراهم لمراجعة وزارة الدفاع والداخلية ودوائر السجون للحصول على معلومات قد تفيدهم في الحصول على أبنائهم المفقودين.
وحتى مع مجيئ حكومة حيدر البغدادي التي وصف البعض أدائها بالضعيف، لا تزال أزمة المفقودين عالقة، فلم تُظهر خطوات إيجابية تساهم في إنهاء المشكلة التي وصفها البعض بأنها قضية معقدة ضمن أهم الملفات في الصراع العراقي الشائك.