نادية العبيدي
لقد انصرف الانسان الى ملذات الحياة ومفاسدها واخذ يطيح بمن حوله بكل جبروت وتعنت واخذ يتمنع عن الرهبة من ملاقاة وجه رب كريم … وتصورت له الدنيا بعربدتها انها ملك له ولا احد غيره يستوي على العرش …
ومن بين كل هذا وذاك ورغم ان الانسان ولد هلوعا اذا مسه الشر جزوعا واذا مسه الخير منوعا ومن بين اخر المبتكرات التي توصل لها العقل المريض الخاص بالحكام الجدد هو التفنن بقتل الناس وهم احياء .. وابادتهم ابادة جماعية … كنا نسمع عن وأد البنات ومواراتهن الثرى وهن احياء في العصور الجاهلية حتى جاء الاسلام الحنيف ليمحو ويمنع بل ويحرم ذلك العمل لتتحول المرأة من عار في دار اهلها الى سند لابيها وامها ولولا وجودها لما استمرت الحياة الى هذا الحد .. لكن الحكام الذين جاءونا مصادفة بل ظهروا لنا عن طريق السهو والغفلة انهم امتهنوا هذه البدعة وليس وأد البنات احياء .. وانما استعباد العباد وقد ولدتهم امهاتهم احرارا وقتلهم قتلا جماعيا ولكن بطريقة مبتكرة …
لقد اطل الصباح على السجن وكان الجميع متأملين خيرا في تحسن اوضاعهم حينما طرق الى سمعهم بأنهم سينقلون الى سجن آخر ولانقول افضل ولكن ربما يكون به خير لهم … وضع الجميع حشراً فوق بعضهم وكأنهم جراد مبثوث .. معبأين بعلب مصفحة وكأنهم سردين فهل سمعتم بعلب السردين ..!! حشروا وكأنهم في يوم الحشر مما ادى الى نفاد الاوكسجين المقسم لكل سجين وهو اونس واحد للمتر المربع ..!! مما ادى الى اختناقهم بالجملة ونجا من نجا وكان الحظ الاوفر في هذا لمن لديه وفرة في الحظ وتحول الى جسد مشبع بثاني اوكسد الكربون اما الذي لا وفرة له بالحظ فانتقل الى رحمة الله الواسعة التي انقذته مما كان ينتظر…
لقد تجاوزنا بقدرة الله القتل عن طريق الدريل والسلخ والتكسير والنفخ والشفط والسم والطعن والتفصيخ … وانتقلنا الى طريقة موت اخرى لم يتبعها اقذر المجرمين واكثر الحكام اجراماً في تاريخ البشرية … وبعد كل هذا ينسى الموضوع وكأن شيئاً لم يكن ولا يطرف لهم اي طرف ولا يحاولون بالمرة القصاص من هذا الفعل الاجرامي بحق البشرية ..!! لقد تراخت قيود الاحتلال عن الوطن واطبقت الحكومة الخناق بكلتا يديها على الشعب المسكين الذي لاحول ولا قوة له الا الايمان بالله والقدر والابتهال الى يوم يرعوي فيه من لم يرعو ويهتدي فيه من لم يهتد ويكف فيه من لم يكف بعد عن استباحة النفس التي حرمها الله.
ترى متى يتوقف هذا الشلال الدامي؟
ومتى يرفع البعض ايديهم عن رقاب العباد؟
ومتى يكون الانسان العراقي قيمة عليا لاقيمة اعلى منها في بلاده وبين شعبه؟