ما أشبه يوم العبادي وبوتين وروحاني بأمس صدام حسين.
بالامس، وبعدما خرج العراق من حرب السنوات الثماني مكسور الظهر يئن من مديونية عالية واقتصاد متهالك وصناعة شبه ميتة وزراعة اموت وجيش هائل به حاجة الى فرص عمل، عمد اليرابيع من حكام الخليج الى اغراق السوق النفطية وتخفيض اسعار النفط الى حد وجد صدام حسين نفسه امام خيار يتيم واحد هو: الحرب ثانية.
قيل حينها : ان الخلايجة اليرابيع استشعروا عن بعد بعض نيات مخبأة في نفس صدام فرأوا ان يتغدوا به قبل ان يتعشى بهم خاصة بعد ان ادرك متأخرا وكما اعترف في كلام معروف منسوب له بانهم ( ألبسوه عقالا) اي ورطوه في حرب ثم خرجوا من تداعياتها كشعرة من عجين.
وكانت حرب الكويت واحدة من حفريات الخلايجة وولاة امرهم في اميركا والكيان الصهيوني التي اورثت العراق البلد الذي كاد يقفز الى العالم الثاني من عالمه الثالث ازمات شديدة في السياسة والاقتصاد والاجتماع والاخلاق والخ والخ والخ.
واليوم، يعود اليرابيع الخلايجة الى ممارسة جبنهم وخستهم ثانية باغراق السوق النفطية وتخفيض اسعار النفط بغية تدمير الاقتصاد العراقي فلا تقوى حكومته على مواجهة الارهاب المصنع في المطابخ الاميركية الصهيونية، وتدمير الاقتصاد السوري كي لا يتواءم مع اداء الجيش العربي السوري وهو يسحق بقايا الارهاب، وتدمير الاقتصاد الايراني كي يهزل موقف طهران في مباحثات النووي الايراني ويتراخى دعمها لدمشق، وتدمير الاقتصاد الروسي ولي عنق موسكو فلا تعود يد ممثلها في الامم المتحدة قادرة على اشهار الفيتو ضد اي مشروع قرار تتقدم به دول العدوان على سورية.
هذه السياسة القديمة الجديدة كشف عنها احمد زكي يماني وزير النفط السعودي الاسبق حين قال (استراتيجيتي أن أنتج وأنتج حتى تدفع الأسعار المنخفضة ايران إلى الإفلاس، واوامري من الأسرة الحاكمة لا يمكن أن تكون أوضح من ذلك: اكسر ايران مهما كانت التكاليف. ومع بقائنا على المحك فنحن على استعداد لتحمل تلك الأسعار المنخفضة لأننا نعرف أننا نجعل ماكينة الحرب الإيرانية تتضور جوعا).
وايران في قول يماني لاتعني ايران وحدها قدر ما تعني كل دولة نفطية تختط نهجا مخالفا لبني سعود خصوصا والخلايجة عموما.
هذه السياسة تعد اشد انواع التدخل في الشؤون الداخلية الاخرى بل هي اعلان حرب صريح، الامر الذي يستدعي من الدول المتضررة مغادرة لغة السياسة وتصفير الازمات والانجرار الى العواطف وبناء المواقف على نيات معلنة ، الى ممارسة لغة سياسية جديدة تواجه اعلان الحرب الصريح ذلك بما يستوجبه من رد طبقا لمقولة السلف الصالح (عجبت لمن لم يجد قوت يومه ، كيف لا يخرج للناس شاهرا ً سيفه).
لا اعني هنا الحرب بتوصيفاتها العسكرية ولا منزلقات صدام حسين انما اعني ان نجعل اليربوع الخليجي يتحسس مؤخرته على الدوام، ومفاتيح ذلك يعرفها السياسيون المتابعون للشأن الخليجي ويعرفون قدرتها على اجبار اليربوع على ملازمة جبه فلا يغادره ولا يتلفت.
ليس من الحكمة ان يذهب القتيل لمصالحة قاتله.
وليس من النباهة ان تنسى دماء الشهداء كي يرضى اليرابيع الخلايجة.
وليس من الحصافة ان يترك حبل رزق شعب العراق على غارب اليرابيع.
وليس من الوطنية ان نمارس سياسة الخنوع والذل لمن اوغل في تدمير حياتنا ومن اراضيه ومياهه انطلقت عناقيد الموت لتدمر كل شيء حي في العراق.
واظن ان معصوم وحيدر العبادي مطالبان بالاعتذار علنا للشعب العراقي عما سولته لهما نفساهما باقتراف جنحة الخنوع لليرابيع.