مشوى الكرادة وندم توني بلير علي السوداني

لا جديد على شاشة العيد هذه السنة. ثمة زيادة لافتة بحجم اللون الأحمر المفضوض برماد اللحم البشريّ العزيز. مشوى كرّادة بغداد يسحل الذاكرة صوب محرقة ملجأ العامرية، قبل خمس وعشرين سنة. إعادة إنتاج مملّة لهولوكوستات صغيرة، مصحوبة هذه المرة بنصف اعتذار من توني بلير.

توني كذاب ومراوغ وجسمه كله ملطخ بدم وبدمع الملايين المُمَليَنة من العراقيين. تقول له الصحافة العامة والمواطنون الصحافيون على وسائل الدعاية والنشر المجّاني، إنّ عراق ما قبل الغزو كان نظيفا من القاعدة وابنتها داعش وأخواتها، وكانت الناس تعيش هناك متحابة متآخية متعبدة، فيردّ عليهم ببرود كبير يشبه برودة مؤخرة السقّاء، إنّ إطاحة صدام حسين كانت ضرورة عظمى.

كاميرون الدائخ ببلبلة استقلال الإمبراطورية العجوز من الأمة الأوروبية، جرّ آذان المشاهدين الكسالى إلى ما يمكن الاستفادة منه من درس غزو العراق. في قاعة المساءلة، ظلّ الضحايا ثانويين، مثل ملفّ اكفهرت أوراقه من فرط جلوسه على مصطبة احتياط الشرف.

رسائل وجمل العيد المتناقلة بين الناس كانت ناشفة جدا، وقد فقدت لذتها ومعناها الجميل النبيل. لا طعم لكل عام وأنتم بخير، أو عيدا سعيدا وهو ليس بسعيد حتى لمن استطاع إليه سبيلا.

تركنا أم كلثوم تصدح وحدها خلف الشاشة. “يا ليلة العيد آنستينا وجددتِ الأمل فينا يا ليلة العييييد”. سننوح طويلا مع عمّنا المغدور أبي الطيب. “عيدٌ بأية حالٍ عدتَ يا عيدُ”. توزيع الدموع السواخن وفق قياس أرض الله، لم يكن عادلا أو على بعض عدل، فإذا كان انفجار باريس مثلا، قد أوقف العالم على حيله دقيقة صمت وخشوع، فكم مليون دقيقة صمت وقهر جليل سنحتاج لنعطّر جرحك يا بغداد، وأُخياتها الباقيات على مرسم الخارطة الرافدينية المتآكلة.

منقل ومشوى الكرادة الشهيدة، قد وزّع عطاياه على الجميع بكرم حاتميّ باذخ. رأس الحكومة جال في مكان المحرقة، فاستقبلته الناس المقهورة بالقنادر واللعنات والبصقات.

هذا منظر لا يثلم من الكرامة شيئا، فالحكومة لا تستحي وعينها لا تنكسر، وذيولها الشجعان إخوان أخواتهم، ثأروا فورا لمصيبة الكراديين.

Facebook
Twitter