لطالما اتّهم مسعود البارزاني المتشبث بالسلطة، الحكومة العراقية السابقة بالنهج “الدكتاتوري”، كون رئيس الحكومة وقتها بقى في منصبه لولايتين منذ عام 2006 ولغاية شهر نيسان من العام الماضي، بقرار وارادة شعبية تمسكت به.
الا ان مجريات الأحداث، وتداعيات الوقائع، اثبتت العكس تماما، وكشفت عن دكتاتور يستمد قوته من الاتباع وحكم العشيرة بعدما ارتدى قناع الديمقراطية، لفترة طويلة من الزمن، في عملية خداع كبرى، انطلت على البعض، فيما سوق لها آخرون من كتاب عرب أيضا، وجدوا فيها فرصة للاثراء عبر العطايا والمكارم التي تغدق بها ماكنة البرازاني الإعلامية، مثلما وجدوها فرصة لحضور المنتديات والفعاليات الثقافية في فنادق “الخمس نجوم” في أربيل.
وهكذا وصلت الأمور في الوقت الحاضر الى درجة التفاقم في الإقليم، بسبب رفض اجراء الانتخابات خوفا من العزلة بعد سنوات من احتكار السلطة والثروة، فيما تصاعدت تصريحات ومواقف المعارضة الكردية بشأن رفض التجديد لمسعود بارزاني لولاية ثالثة في رئاسة اقليم كردستان العراق.
الكاتب يوسف فرح يوسف، يشير الى تصاعد نجم نجل البرزاني، مسرور ، في سماء كردستان السياسية، على طريقة الانظمة الدكتاتورية العائلية، ليقول بان “ترشيح مسرور البارزاني لرئاسة سلطة الاقليم تعني امتدادا لهيمنة العائلة المالكة على مقاليد الحكم الوراثي بعزل تام للشخصيات الكردية الاخرى التي تبغي التغيير الى النظام الرئاسي فصلا عن ذلك ان مسرور شخصية اشكالية ولها اتصالات مريبة وهي لاتقل خبثا ازاء بغداد والانفصال وهو غارق بالفساد المالي … السؤال المهم هل تقبل الاحزاب الكردية والاتحاد على وجه التحديد بصفقة كهذه .. ان بارزاني لديه مبرراته الرئاسه في العراق للاتجاد يقابله رئاسة الاقليم” .
مسعود البارزاني الذي اعتبر نفسه في احد التصريحات “عنصرًا في قوات البيشمركة”، يرفض باستمرار قبوله تعديل قانون رئاسة الاقليم، وأبقى خياراته مفتوحة فيما يتعلق بتجديد ولايته، وسط معارضة شديدة من قبل القوى الكردية المعارضة لسياسته الاحتكارية.
واذ اتّهم بارزاني، وقتها، رئيس الوزراء نوري المالكي بالاستحواذ على مراكز القرار، فان التفرد في القرارات في الاقليم هو الطابع الذي يسود الحكم الذي يقوده بارزاني الذي يفضل لقب “السيد الرئيس”، على “حاكم الاقليم”، ويبرز نفسه على هذا النحو في زياراته المتكررة للدول الاجنبية والعربية، الامر الذي يعد مخالفا للدستور.
وحزب البارزاني غير متفق مع “حركة التغيير” بسبب نهج الحركة الداعي الى التغيير و نهج حزب البارزاني الداعي الى استمرار الوضع الكردستاني السياسي و الامتيازات الحزبية و الشخصية على ماهي عليه.
وحسب قانون رئاسة الإقليم لا يجوز للشخص ان يرشح نفسه للمرة الثالثة على التولي لمنصب رئيس الإقليم.
وشغل مسعود البارزاني منصب الرئاسة في عام 2005 بتخويل من قبل برلمان الإقليم وليس بالاقتراع العام كما اصبح الأمر لاحقاً.
واتبعت قيادة الحزب الديمقراطي خلال الأعوام العشرين الماضية استراتيجية تركز على تثبيت حكم عائلة بارزاني، واحد ابرز الأدوات في ذلك، اثارة مشاكل خارجية كي ينسى الشعب مطالبه.
حركة التغيير المعارضة بشدة لسياسة البارزاني “الاحتكارية”، اعتبرت على لسان مسؤول مكتب العلاقات الدبلوماسية في الحركة محمد رحيم، في تصريح لوسائل الاعلام محاولة تمديد ولاية بارزاني “تكريساً للديكتاتورية”، وشدد بالقول “نرفض تجديد ولاية رئيس الإقليم، ونؤكد إجراء الانتخابات في موعدها المحدد”.
وأضاف أن “أي خطوة من هذا النوع تعتبر خرقاً قانونياً ودستورياً، وحتى إذا لم يكن الدستور مقراً، لأنهما (الحزبان الرئيسان)، يطالبان بعدم التمديد لولاية رئيسي الحكومة والبرلمان الاتحاديين في بغداد وحتى الوزراء لولاية ثالثة في زمن المالكي.. فكيف يمكنهما أن لا يطبقا المبدأ ذاته في الإقليم؟”.
ويبدو ان حركة التغيير كإحدى اطراف المعارضة لسياسة البارزاني، الى جانب الاتحاد الإسلامي، والجماعة الإسلامية قد حسمت أمرها برفض التمديد لبارزاني لولاية ثالثة للخلاص من تسلط البارزاني على رقاب الكرد لمدة اكثر من 22 عاما.
وعُرف عن مسعود البارزاني وعائلته، احتكارهم ليس للسلطة فحسب، بل للثروة حيث تشير المعلومات الى الغنى الفاحش لأسرة بارزاني على حساب الشعب الكردي الذي ترتفع نسبة الفقر فيه قياسا الى خيرات الاقليم الواسعة وحصته الكبيرة من الميزانية الاتحادية.
النائب عن دولة القانون محمد الصيهود قال في حديث لوسائل اعلام محلية إن “المالكي وصل إلى السلطة في ذلك الوقت عن طريق الانتخابات، اما الذين يتهمونه بالدكتاتورية فقد تشبثوا بالسلطة منذ اكثر من اثنين وعشرين عاما دون انتخابات”.
وطوال سنين من احتكار البارزاني للقرار السياسي في الإقليم، اتخذ من الفصل بين السلطات شعارا للإيهام، وبدت السلطتان التشريعية ولا القضائية، العوبة بيد سلطته، ما خيب امل كثيرين في إقامة ديمقراطية حقيقية في الإقليم.
وفي 12 حزيران عام 2005 انتخب مسعود بارزاني كأول رئيس لإقليم كردستان من قبل المجلس الوطني الكردستاني العراقي. وفي الانتخابات الثانية التي جرت في إقليم كردستان في 25 تموز (يوليو) عام 2009 حصل مسعود بارزاني على نسبة 70% من أصوات الناخبين، وبذلك انتُخب للمرة الثانية رئيسًا للإقليم وبصورة مباشرة من قبل مواطني الاقليم.
وفي خضم ذلك، تقود الماكنة الإعلامية لرئيس إقليم كردستان، حملة دعائية تسعى الى التغطية على الدور المباشر لرئيس الإقليم في سقوط الموصل، عبر تسخير صحافيين عراقيين لتجميل صورة بارزاني والتغطية على اخطائه وسياساته الانفصالية.
وكانت مفوضية الانتخابات في إقليم كردستان، أعلنت في (14حزيران الحالي 2015)، عدم إمكانيتها لإجراء انتخابات رئاسة الإقليم في الـ20 من آب المقبل، فيما عزت السبب إلى عدم وجود ميزانية كافية فضلاً عن الوقت، فيما حدد رئيس الاقليم مسعود بارزاني العشرين من آب المقبل موعداً لانتخابات رئاسة الاقليم حيث تنتهي قبل يوم من موعده ولايته الرئاسية بعد تمديدها لعامين
- info@alarabiya-news.com