وكيل وزير النفط يحمل حكومة الشمال مسؤولية انشاء مصاف غير شرعية للنفط
تحت مرأى قوات الاحتلال و”مراقبتها”، تمضي “قوافل تهريب النفط العراقي عن طريق إيران ولمصلحتها” على السكك الحدودية نفسها (عبر بنجوين ونقاط أخرى)، تلك التي أنشأها النظام السابق زمن الحصار والعقوبات الاقتصادية، لكنّ خصومه ومنذ أكثر من سبع سنوات يحصدون “ثمار” مالها الحرام المنزوع من جلد المواطن العراقي الذي ينتظر منذ عقود تحسّن أحواله المعاشية والتمتع ببعض “منافع” خيرات نفطه دون جدوى!. وإذ تستفيد إيران من استمرار ثغرات “أقانيم التجارة السرّية”، فإن هناك سياسيين “ثقيلي الوزن” يستفيدون منها بقوة، كما أن الموارد “الخرافية” التي يدرّها التهريب، تسهم في إفساد ذمم المزيد من السياسيين العراقيين، وتبقيهم “سراً” مرتبطين بالأجندة السياسية الإيرانية، عبر هذه الأقانيم الاقتصادية ذات “المال المحرم”!. وفي ثنايا التقرير الذي كشفت فيه صحيفة أميركية الكثير من خفايا عمليات التهريب هذه، يُطرح السؤال الأكثر خطورة: ((لماذا تسمح الولايات المتحدة بكسر عقوباتها التي فرضتها على إيران، عبر ثغرة تهريب النفط العراقي إليها؟)). ولماذا بالتحديد تترك الولايات المتحدة مثل هذه الثغرات مفتوحة؟. ربما لا يتسنى الآن لأحد من السياسيين الأميركان والعراقيين والأكراد، كشف التفاصيل الحقيقية للإجابة عن تساؤلات مثل هذه، لكنّ استفادة الإيرانيين من “الموارد المالية” الضخمة ترضيهم في جانب، وتفسد السياسيين العراقيين في جانب “يرضي إيران” كما “يرضي الولايات المتحدة”، لأنهما كانتا، ومازالتا بحاجة الى هؤلاء الفاسدين الذين هم مادة حركتهما ونشاطهما في مجالات كثيرة وأهمها “الأمني” و”السياسي”. وهذا يعني –كما يقول محللون سياسيون- أن المشكلة لا تنحصر فقط بضياع أموال عراقية، يبقى المواطن الفقير بحاجة ماسة إليها، إنما تتحوّل هذه الأموال الى مادة “إفساد”، ينعكس نتائجه على حياة العراقيين بأشكال سلبية بالغة الضرر، وهي قضية يصعب تحديد ملامحها بالأسماء وبالأرقام وبالتفاصيل ما لم تتولّ الحكومة المركزية قضية التحقيق فيها لاسيما أن تقرير الصحيفة الأميركية يشير الى تورّط سياسيين كبار في عمليات تهريب النفط العراقي إلى إيران. ولقد اكتفى نائب وزير النفط العراقي بقوله إنه لا يعلم بعمليات التهريب هذه، لكنه –بطبيعة الحال- يعرف فقط كيف يتهم “كردستان بمسؤوليتها عن الحدود الشمالية”!. من جانبه يقول وزير نفط كردستان أشتي هورماني: إن المشكلة أكبر من أن نتصدّى لها وحدنا!.
ومع ان الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات جديدة على ايران ،فان احدى الفجوات الكبيرة في الاستراتيجية الاميركية هي في كامل عرضها في العراق ، حيث المئات من الملايين من الدولارات من النفط الخام والوقود المكرر يتم تهريبه عبر الجبال الماثلة لكردستان العراق في كل سنة. ويوما بعد يوم ، كما تشير صحيفة النيويورك تايمز، وبدون موافقة رسمية من بغداد، فان اكثر من الف صهريج تمضي خلسة من مدينة بنجوين العراقية عبر الحدود العراقية مع ايران ، ولا تعمل على قطع العقوبات الاميركية فحسب ، ولكن ايضا تزيد التوتر سوء مع الحكومة العراقية حول كيفية تقسيم عوائد النفط العراقية . وقد زادت درجة وتنظيم التجارة القلق بين المسؤولين الاميركيين هناك في شمال العراق بحسب احد المسؤولين الاميركيين الكبار، والذي تحدث للنيويورك تايمز بشرط عدم الافصاح عن اسمه بسبب ان الحديث ينصب على تجارة ايران النفطية . وهم يتخوفون من ان ارباح المبيعات المذكورة يمكن ان تؤدي الى افساد السياسيين العراقيين ولفائدة الحكومة الايرانية ، حتى مع ان الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات جديدة من جانب واحد ضد طهران ، فارضة عقوبات على الكيانات الخارجية التي تبيع نفطا مكررا الى ايران . وقال مسؤول حكومي كردي كبير بان الفائدة من الاعمال التي وصفها :” محكمة ” و ” هائلة ” تذهب الى أحزاب سياسية وشركات تابعة لها. وتشير الى أن بعض المسؤولين والسياسيين في بغداد ضالعون فيها تماما .وقال حميد محمد وهو سائق صهريج عراقي كان ينتظر لدخول ايران مؤخرا :” يقوم الناس يالاحتيال ، ولكن ممن ، نحن لانعرف “.والتهريب المتعلق بالنفط وبقية انواع البضائع عبر المسامات الحدودية العراقية قد ازدهرت في التسعينات – بحسب صحيفة النيويورك تايمز –حينما كان العراق يرضخ تحت العقوبات الدولية ، ولكن الطبيعة شبه الرسمية للتجارة الحالية تبرز ان المصالح التجارية قد لفقت السياسية العراقية المضطربة في العراق والاقليم . ويستمر تيار الشاحنات الى ايران بدون اعاقة اثناء الحملة العسكرية الايرانية ضد الاكراد في الشهر الماضي . والمئات من الصهاريج كل منها بحمولة ما لاقل عن 226 برميلا من النفط الخام المنتج تدخل ايران في كل يوم من بنجوين ومركزين حدوديين اخرين في كردستان العراق ، كما يقول المسؤولون الاكراد . وفي الوقت الذي يستخدم اغلب النفط المكرر في ايران التي تفتقد الطاقات التكررية بشكل كبير ، فان النفط الخام يشحن الى موانىء الخليج في بندر بوشهر وبندر الخميني وبندر عباس ، حيث يتم خزنه في المستودعات او يشحن في السفن استنادا الى سواق الشاحنات . ويقول وزير النفط الكردي اشتي هورماني بان هذه التجارة تدعم بما يقارب السبعين من المصافي الصغيرة تعرف في الصناعة بالوحدات الصناعية . وهي منتشرة حول كردستان والمناطق التي يسيطر عليها الاكراد قرب كركوك ومحافظة نينوى ، كما قال ، والعديد منها غير مرخص .وقال عبد الكريم لعيبي نائب وزير النفط العراقي للانتاج ، بانه لا يعلم بصادرات النفط الى ايران من الاقليم الكردي ، مضيفا بان جميع المصافي الصغيرة غير مجازة قانونا . وقال لعيبي :” انهم يتحملون المسؤولية عنها ” مشيرا الى السلطات الكردية .وفي لقاء نادر مع صحيفة التايمز اللدنية في شهر شباط الماضي ، قال هورماني بانه فقط النفط الخام وبعض منتجاته مثل النفط ترسل الى ايران بعد التعامل معها في اثنين من حقول النفط الخاصة بالاقليم وفي المصافي المملوكة في القطاع الخاص لكي تكون في المستويات الدولية وتخضع للسيطرة المحلية . وقال هورماني بان العوائد من الاعمال مع ايران قد ساعدت في تغطية تكاليف شركات النفط الاجنبية في اقليم كردستان والذي تضرر حينما تم اغلاق انبوب النفط الى تركيا في شهر تشرين الاول بسبب الخلاف بين كردستان وبغداد . وقال بان اية عوائد اضافية والتي تتحصل للاقليم من تلك الاعمال تحفظ خارج سيطرة الحكومة الكردية وتودع في حساب بنكي منفصل ليتم التوافق بشأنه مع بغداد في المستقبل ، بمجرد ان يحل الطرفان خلافاتهما . ولكن السيد هوارماني قال ايضا بانه ليست المنتوجات النفطية المكررة من اقليم كردستان التي تجد طريقها الى ايران . بل النفط الخام والمكرر من كركوك ومصفى بيجي يتم ايضا تهريبه الى داخل الاقليم وبعضه يعبر الحدود الى داخل ايران ، وقال ان وزارته لاسيطرة لها على ذلك الموضوع .وقال هورماني :” الشاحنة هي شاحنة ومن السهل جدا حصولها على الاذن بقولها بان هذا نفط للوقود وليس نفطا خاما وتحصل على طريقها للمرور ، ولسوء الحظ فان المشكلة هي اكبر كثيرا من كردستان الصغيرة “. وبحسب النيويورك تايمز فان الكشف عن تجارة النفط مع ايران يأتي في وقت حساس بالنسبة للاقليم الكردي . وفي شهر مايس ، فان الحكومة المركزية وافقت على الصفقات المؤقتة لاستئناف صادرات النفط الخام بحدود مائة الف برميل يوميا الى تركيا عبر الانبوب العراقي . وقال هورماني بان الصادرات ستستأنف فقط بعد ان تنجح الية الدفع لشركات النفط عن تكاليف الانتاج .وقال ان الشركات المتمثلة بشركة النفط النرويجية دي ان او ، والصينية – التركية التي تسمى تروبوكو – تدين بحوالي بليون دولار . وسوية فان الحقلين اللذين تعملان به يمكن ان ينتجا الى ما يقارب مائتا الف برميل يوميا ، وانتاج الاقليم الكلي سوف يصل الى مليون برميل يوميا خلال ثلاث او اربع سنوات حينما يتم فتح ما لايقل عن ثلاثة او اربعة حقول جديدة ، استنادا الى هورماني . ويقول المحللون بان تجارة النفط لاقليم كردستان مع ايران تدر عوائد والتي لا يقتضي ان تتشارك فيها مع حكومة بغداد ، وعلى الاقل لحد الان ، وتقلل من اعتمادها على . وهي تضمن فعاليتهم ايضا في حل مسائل النفط واراضي المتنازع عليها مع بغداد . وتقول ربى حصري وهي خبيرة نفطية ومؤسسة لموقع منتدى النفط العراقي :” انهم يستطيعون التفاوض من موقع قوي ، وهم يديرون مملكتهم النفطية الخاصة “. ولكن التساؤلات تثار عن شرعية نشاطات الاقليم النفطية من جميع الاتجاهات. ويقول عبدالله ملا نوري عضو البرلمان الكردي من الحزب المعارض كولان والذي انفصل عن احد الاحزاب الحكومية الكردية في السنة الماضية:” كردستان مثل جزيرة بدون سيادة القانون حينما يتعلق الامر بالنفط ” ويريد ملا نوري بان تذهب عوائد هذا النفط الى الخزينة التابعة للاقليم بعد اقتطاع حصة العراق البالغة 83 % استنادا الى الترتيبات الحالية. ويدفع بهذا الاتجاه رئيس وزراء الاقليم الحالي برهم صالح كما افيد الى ذلك ، ولكنه يواجه مقاومة شرسة. وقد زادت مهمة صالح بالتعقيد بسبب العلاقة اللاذعة مع وزير نفط الاقليم هورماني الذي يسانده رئيس الاقليم الكردي مسعود برزاني وابن اخيه القوي رئيس وزراء الاقليم السابق نيجرفان برزاني . ولحزب طالباني اتفاقية تسمى بالاستراتيجية مع حزب برزاني منذ سنة 2005 ، تسمح لهم باقتسام السلطة السياسية والعسكرية والاقتصادية للاقليم ، وينطبق ذلك على تجارة النفط مع ايران تماما استنادا الى مسؤول كردي كبير والذي تحدث الى النيويورك تايمزبشرط عدم كشف اسماءهم لانه ينتمي الى احد الاحزاب الحكومية .وحصة الاسد من المشاركة تذهب الى شركات وصفها “أنها مافيوية بالادراك الحقيقي للعالم”.(الملف برس)