صاحب الامتياز
رئيس التحرير
عبدالرضا الحميد

مزرعة فوق سطح الدار

علي السوداني

عندي الليلة فكرة مدهشة سأجعلها وقفاَ مشاعاَ ومخلّصاَ مفترضاَ لفقراء الأرض ومحروميها والذين يعانون من عبودية صاحب الدكان ومالك البستان ومشغّل الأنسان . سأشرع غداَ بتنفيذها قائما أنا ومقطورة العائلة من نومة الصبح ، هاجراَ التنبلة وقتل الوقت بالتثاؤب . سيشيل واحدنا بيمينه سطلاَ أو طشتاَ أو طاسة عمّالة وسنهبط من ظهر الجبل صوب سفحه والمقترب ، نحو أرض بور خلاء جدباء . سنملأ سطولنا وطشوتنا بتراب خصب ونهاجر فيها نحو سطح الدار فنفرغها عليها ، وفي بحر ستة أيام سيمتلىء السطح بتراب ينطر مزنة من ألله الرحيم فنتركه يوماَ او بعض يوم كي ينشف فننزل عليه حرثاَ بالفؤوس وبالمعاول وبالأكراك وبالأظفار وبالملاعق ، ثم نقسّم سطح المأوى الى قطع محروثة طيبة ، واحدة نرشها ببذر الحنطة وثانية نعمدها بشتلات الرز وثالثة بأقلام الفاكهة وبفسائل النخل الشريف والمروز التحت ظله ، بالطماطة والخيار والبصل والبطاطا وما فوقها نبني عريشة عنب وأذ ينقلب الموسم وتتراكم الأيام ، يبدأ معها فصل الحصاد وجمع الغلة التي منها الخبز والمرق والبقول والتمر الذي منه الدبس والعنب الذي ستدوسه الأبناء ويقطره ويخمره ويعتقه الآباء فيصير خمرة طيبة فيها لذة ومتعة للكارعين الشافطين . وما زاد من جبل البيدر والحصاد ، سنهبط به الى سوق المدائن والقرى فتكون التجارة رابحة والدنانير مبروكة لا تنقطع ، فنشترى بفائضها سبع بقرات سمينات وثوراَ هائجاَ يزرع في الأرحام الخصب والنماء واللذة ويسيّل الحليب من الضروع فنشرب بعضه صحة وعافية ونبيع ما أنترس من الجرار فنعب ليرات جديدة نخفي أولها ببستوكة ونشتري بأخيرها ثلاث عشرة دجاجة وثلاثة عشر ديكاَ قوياَ فتنزل البركة على سطح الدار بيضاَ ولحماَ وصوصاَ فنبيع من البيض بيضاَ ومن الأفراخ أفراخاَ ومن اللحم لحماَ حتى اكتظاظ الخزنة بدنانير الكد الحلال فنرى الى أجسادنا التي حقها علينا ، فنسترها بالحرير وبالشاموا وبالكشمير وبالساتان ، ونرصع الخناصر والبناصر والسبابات بمحابس الذهب المرصع باللؤلؤ وبالعقيق ، ونزين الآذان بأقراط ما خلقت من قبل وعند أعتاب العصر نهبط من على السطح الذي صار جنة ، ونلتم حول صينية العوافي ، وقبل أن تمتد الأيادي التي ثوابها عند الله ، نحو هبر اللحم وفصوص الدهن ، يرتل الأب دعاء الأكل فتردده بعده العائلة ثم يبوس الجمع أكفه وجهاَ وقفاَ ويتعاهد على ذم الحسد ونبذ الطمع الذي منه القيام الى جارك الشمال وشراء سطح داره وتركه والعيال بمواجهة مصائرهم من دون سطح ، فيموت الزوج قهراَ وهضماَ وضيماَ فتترمل زوجه الصابرة على البلوى ، وتنزرع بناته وابناؤه في أمكنة شتى ، واحدة بباب مسجد ، وواحد عند جزرة أشارة مرور يبيع السكائر ومناديل الورق وشدّات الورد ، وثالث ينطر مساء تعزيلة سوق الخضار ، فيشيل في سلته حبات طماطم معطوبة ورؤوس بطاطا منخورة ونصف رمانة وربع تفاحة ، أما البنت الحلوة ، فسوف يسحلها نحو غوايته ، ضوء ملهى ليلي خافت ، فتتوسل بصاحبه أن يقبلها مغنية عنده ، فيوافق المالك الطيب ، فتغني البنت في احدى الليالي أغنية ” غريبة من بعد عينج يا يمه ، محتارة بزماني ” فيسكر ويثمل ويعربد ، زبون شرير ، فيستل من محزمه مسدساَ ويرش البنت المسكينة بسبع طلقات ، فتموت مضرجة بدم الأغنية . في الأسبوع القادم – ان كتب الرب لنا عمراَ – سأقص عليكم ما فعله أخوة المغنية بذلك الزبون الكلب أبن السطعش كلباَ . شكراَ

Facebook
Twitter