من بين مصائب الفضائيات وكوارثها التي ابتلينا بها قنوات اخبارية عدة لاتقل بشاعة عن مرتكبي جرائم الحروب والمخططين لها على كل الاوجه … قنوات كانت تعد العدة والعديد كي تنقض دون رحمة على فرائسها .. وان كانت هذه الفريسة احياناً بريئة حد الطهر وطاهرة حد البراءة …
انتهجت قناتا الجزيرة الفضائية وقرينتها المسماة جزافاً العربية .. والعربية امة ولغة وقيما وتاريخا ورسالة براء منها .. انتهجتا لعب صناعة الموت بعد ان كانت تبحثان عن صناعته وكيف واين ومتى ومارستا التطبيل والتزمير لاي حراك وان كان لا يذكر في اي دولة كانت لاشعال الفتنة هنا .. وايقاد النار هناك .. واضرام النار في المخيمات الامنة الساكنة .. وذر الرماد في عيون من يتابعها بحجة انها ناطقة بلسان الكلمة والصورة .. وشتان بينها وبين كلمة حق يراد بها حق وكلمة حق يراد بها باطل وكلمة باطل تلبست لبوس الحق ويراد بها اشاعة الموت والدمار بين ابناء الامة الواحدة تمهيدا لجعل الارض مدحية لنمو سرطانات الصهيونية العنصرية الفاشية ومن دب دبيبها.
لم تكذبا فقط
ولم تفبركا فقط
ولم تطعنا الناس في ظهورهم فقط
ولم تكنا من محاريث النار فقط
بل كانتا مثل شركات صناعة السلاح في العالم ، حياتها في موت الناس، وسلامها في الحروب، وربحها في صناعة الحروب هنا وهناك ، فان لم تكن هناك حرب سعت الى صناعتها وجعلت من الصديقين الجارين المتحابين عدوين لدودين قاتلين لبعضهما مدمرين لديارهما واوطانهما وشعوبهما.
قال بعض السذج والمغفلين ان قناة الجزيرة والى حد ما قناة العربية كانتا رمحين في صدر الغزو الاميركي الاطلسي الصهيوني للعراق وانهما وقفتا موقفا كبيرا لصالح العراق واهله، ولكن فات هؤلاء انهما كانتا رمحين في صدر العراق ، وانهما كانتا بوقين من ابواق الغزو والاحتلال، بل كانتا حاملتي طائرات مرعبتين.
كيف؟
لقد اعتمد العدو الاميركي الصهيوني الاطلسي الصليبي الجديد في غزو العراق خطة اسماها بالصدمة والترويع، ومارس هذه الخطة تكتيكيا في جميع مناطق المواجهة اولا وعلى حافات المدن وفيها.
واعتمدت فضائيتا الجزيرة والعربية الخطة نفسها، صدمة الشعب وترويع القوات المسلحة اذ كانتا تبثان على مدار الساعة بالصورة والصوت والكلمة والتحليل والتاريخ خصائص الاسلحة المستجلبة مع قوات الغزو ومدى قدراتها التدميرية والافنائية للمدن والناس، وكان بث هذه الامور من العناصر الاساسية التي احدثت شرخا في عزيمة المقاتل العراقي على صد الغزاة المتوحشين كما احدثت خللا في بنية التخطيط القيادي الميداني للمواجهة وكيفيتها وعناصرها وقوتها وامكانيتها في رد الغزاة او هزيمتهم او على الاقل تكبيدهم خسائر كبرى تجعلهم ينكصون على اعقابهم.
ولما كانت المقارنة عند المقاتل العراقي وعند قائده الميداني ترجح كفة سلاح العدو وامكانياته الهائلة، وما احدثته هذه المقارنة من تصورات في الفعل الفردي والجمعي وردوده وانعكاساته، فمابين يدي المقاتل العراقي ليس اكثر من قشة صغيرة لاتستطيع ان تحدث اي شيء لفيلة الغزاة الضخمة والهائلة والمدمرة وافواهها وخراطيمها النارية التي لا تبقي ولا تذر، حدثت الصدمة الاولى وهي صدمة المقارنة وحدث الترويع الاول وهي ترويع المقارنة.
وبهذه النتيجة بلغ الاعداء الغزاة المرحلة الاهم من مراحل غزوهم وهو احداث الانكسار النفسي عند المقاتل العراقي وشعوره بعدم جدوى المواجهة لانعدام التوازن بين كفتيها.
اذن فان ما فعلته قناتا الجزيرة والعربية ومن سار في ركابهما من الفضائيات كان فعلا عسكريا وحربا نفسية مباشرة لاتقل كفاءة عن اداء وفعل اي فيلق عسكري غاز مدجج بانواع اسلحة الدمار الشامل والافناء العام.
واذن ايضا فان هاتين القناتين منذ بدئهما كانتا اداتين من ادوات الصهيونية والامبريالية والرأسمالية المتوحشة والعدوانية الصليبية الجديدة.
ولا غرابة في هذا فالجزيرة برعاية قتلة ابائهم واجدادهم من اولاد الجواري في السلطنات العثمانية ،و(العربية) برعاية الخرف النجس ابي متعب الذي احتفى بالمجرم الرعديد بوش كما لم يحتف باي بطل من ابطال العروبة.
والخلاصة: ان خلاص امتنا من عدوانيات اعدائها التاريخيين لن يتحقق الا بثورة شعبية تلقي بابناء الجواري وقتلة ابائهم واجدادهم والكسيح ابي متعب وبندره وزبانيته ومن ركب مركبهم الى مزابل التاريخ وعفونتها.