مرافق صدام يروي قصة ايامه الاخيرة في بغداد

لماذا لم يلتق صدام بعزة الدوري ايام الغزو الاميركي وبعد الاحتلال؟

 

 

اعجبه الصحاف واضحكه خبر هروب طارق عزيز الى الشمال

 


قال الملازم الاول خالد السلطاني من فريق حماية صدام حسين  ان صداما لم ينم ليلتين متتاليتين في مكان واحد ، وكان يغير مكان مبيته باستمرار ، تنفيذا لاقتراحات واضحة من اجهزة الاستخبارات التي كانت معنيه بتوفير الحماية الشخصية له ، وان الاماكن التي قضى فيها الرئيس لياليه اثناء المعركة كانت في بيوت عادية جدا ، منتشرة في احياء بغداد ، ولم يكن دخوله الى هذه البيوت او خروجه منها يثير اي اهتمام للجيران او المواطنين .
كان ينام على سرير عادي ، غير السرير الذي اعتاد النوم فيه في الايام العادية ، وكان يعيش حياة متقشفة تماما.
كنا نحرص ان تتوفر في المكان طاولة اجتماعات ، وحينما يتعذر ذلك كان صدام ومعاونوه يجلسون على ” طاولة السفرة ” ليناقشوا المستجدات السياسية والعسكرية للحرب المدمرة التي يواجهها العراق .
وقال السلطاني ان صدام حسين لم يتحدث الى الهاتف مطلقا طيلة ايام العدوان على العراق ، لاعتقاده بان اجهزة الاستخبارات المعادية ، بما يتوفر لها من تكنولوجيا متطورة ، يمكن ان ترصد مكالماته ، وتحدد مكان وجوده ، وكان يستعيض عن ذلك بارسال الرسل الى من يريد ان يلتقيهم ، وكان كل عضو في القيادتين السياسية والعسكرية قد اختار مكانا بديلا لمقره الاصلي ، وكانت كل هذه الامكنة معروفة لدى سكرتارية صدام، وهي منتشرة في كل احياء يغداد .
بعد الاسبوع الاول للحرب تناقلت بعض وسائل الاعلام خبرا كاذبا يشير الى هروب نائب رئيس الوزراء طارق عزيز الى منطقة كردستان ، وقد سرى ذلك الخبر مثل النار في الهشيم ، عندما سمع صدام الخبر ضحك بصوت عال ، وقال لقد بانت كذبتهم ، لانني اعرف معدن طارق عزيز ، وفي اليوم نفسه جاء طارق عزيز وبرفقته طه ياسين رمضان الى حيث مكان صدام، واتفق الثلاثة على ان لا يقوم احد بنفي الخبر ، وقد تم ابلاغ وزير الاعلام محمد سعيد الصحاف بذلك ، غير ان صدام اشار على طارق عزيز ان يشارك الصحاف في مؤتمر صحفي ، وان يتحدث بعدة مواضيع تم تحديدها والاتفاق عليها .
كان صدام مرتاحا جدا للاداء الاعلامي الذي قدمه الصحاف عبر ايام المعركة ، وكان حريصا على متابعة مؤتمرات الصحاف الصحفية ، ووصفه بالقول انه قائد شجاع لفيلق الاعلام .
في اوقات متفاوتة كان صدام يبعث بملاحظات ومجموعة اوراق لوزير الاعلام ، بعضها يتعلق بخطة الهجوم الاعلامي التي يقودها الصحاف ، وبعضها الاخر كانت تحمل خطبا بخط يد صدام ليقرأها الصحاف في التلفزيون .
في تلك الايام الاستثنائية يقول السلطاني انكسرت بعض جوانب البروتوكول في حياة صدام الذي لم يعد موجودا في قصره الرئاسي ، وفي كل الايام كان جميع من يتواجد في المكتب يتناولون الطعام بمعيته ، وبعد ان ينفض رفاقه وقادته العسكريون ، كان صدام يحرص على قضاء ساعة او ساعتين في قراءة القران ، الذي رافقه في كل المقرات التي تواجد فيها ، ولم يكن يستسلم للنوم اكثر من اربع ساعات يوميا ، فهو دائم الحركة على مدار الليل والنهار ، وهذا ما كان المقربون منه يعرفون ذلك تماما .
الذين كانوا يتمعنون في جسم صدام ، يقول السلطاني ، اكتشفوا دون عناء ، انه فقد شيأ من وزنه ، وربما يعود ذلك لسبب عدم انتظامه في النوم ، او في نوع الغذاء الذي يتناوله ، او بسبب حالة القلق التي يعيشها ،وهو يعرف انه يخوض معركة خاسرة ، بالمعنى العسكري التقليدي .
وفي تعليقه على بعض المبادرات العربية وغير العربية التي طالبته بالتنحي ، كان صدام يضحك وهو يخاطب معاونيه ، ويقول لهم ، يعتقدون ان صدام حسين مثلهم ، اي مثل الزعماء العرب ، الذين تنصبهم اميركا وتستغني عن خدماتهم وقت تشاء ، انا عراقي ، ومثلما ولدت على ارض العراق سأموت على ارض العراق.
نادرا ما كان صدام يرسل في طلب معاونيه السياسيين ، فالضرورات الامنية تتطلب عدم اجتماع القيادة في مكان واحد ، ثم ان ترددهم على المقر قد يلفت انظار الناس وبالتالي ينكشف المقر .
اكثر الذين تواجدوا معه ، بالاضافة الى سكرتيره عبد حمود هم ولده قصي والفريق سلطان هاشم وزير الدفاع وطاهر جليل الحبوش مدير المخابرات العامة ، وقادة الصنوف العسكرية المختلفة .
ومن القيادة السياسية كان اكثر المترددين على المقرات البديلة طه ياسين رمضان وطارق عزيز ، اما عزة الدوري فلم يلتق به صدام طيلة ايام المعركة وبعد وقوع الاحتلال بسبب وجوده في مدينة الموصل لاسباب لا اعرفها .
واضاف السلطاني في سرد ذكرياته عن تلك الايام ان صدام التقى مرة واحدة مع علي حسن المجيد الذي عاد لبغداد بعد احتلال البصرة ، حيث كان قائدا عسكريا للمنطقة الجنوبية ، فقد عينه مسؤولا لمنطقة الرصافة في بغداد .
لقد كان حريصا على متابعة كل شئ ، وعندما وصل اليه ان هناك خللا في قيادة قاطع محافظة المثنى امر باعفاء مسؤول المحافظة سيف الدين المشهداني من مهمته وعين مكانه نوري اسماعيل الويس غير ان تطور الاحداث بشكل سريع واحتلال مدينة السماوة منع الويس من ممارسة مهامه .
كان مكتب وزير الدفاع هو المكان الاكثر اتصالا مع مكتب صدام ، وكانت المعلومات دائمة الحركة ، جيئة وذهابا ، بين المكتبين ، حيث كان الفريق سلطان هاشم العسكري حريصا على نقل كل المعلومات المتعلقة بجبهات القتال .
اذكر ان صدام بعث مرتين في طلب الفريق اول الركن عبد الجبار شنشل احد اهم القادة التاريخيين للجيش العراقي ، وكان صدام يستمع باهتمام الى ملاحظات شنشل ، ويأمر بتنفيذ ما يطلبه هذا العسكرى العريق .
وقال السلطاني ان المخابرات العراقية اعدت عددا كافيا من السيارات لتحرك صدام ومعاونيه ومرافقيه ، توزعت هذه السيارات بين التكسي والبيك اب وسيارات الصالون العاديه التي كانت من موديلات قديمه ، مثل التي يستعملها المواطنون العراقيون ، لابعاد الشبهة عن موكب صدام وحرمان العدو من رصد تحركاته .
فقد تحركنا مرات عديدة في سيارات التكسي وكان صدام يضع الكوفية الحمراء على راسه ، من اجل التمويه ، وكان دائما يتمنطق بسلاحه الشخصي الكامل ، المكون من المسدس والكلاشنكوف .
وفي مرات اخرى تحركنا في سيارة بيك اب وسيارة برازيلي موديل 1983 ، وكذلك استعملنا سيارة تويوتا ، وسيارات اخرى تحمل لوحات حكومية مثل الزراعة ، المنظمات الشعبية ، التربية وغيرها ، وفي احدى المرات ركبنا في ياص كوستر من تلك الباصات التي اعتاد المواطنون استعمالها في النقل العام داخل البلاد .
وفي كل هذه المرات لم يكن ينتبه الينا احد ، ربما لان الناس منشغلون بتطورات الحرب ونتائجها القاسية، او انهم يستبعدون ان يقود صدام حسين سيارة بيك اب قديمة من تلك التي يستعملها المزارعون.
ويؤكد الملازم اول خالد السلطاني ان صدام قاد بنفسه دبابة عراقية ضمن رتل من الدبابات كان متجها للمشاركة في معركة المطار يوم الخامس من نيسان ابريل 2003، وقد طلب وقتها من قيادة طيران الجيش ان تؤمن بعض السمتيات، اي المروحيات المقاتلة لحماية الدبابات، لكن تلك الاوامر لم يتم تنفيذها لسبب لا اعرفه حتى الان، غير ان عاصفة ترابية قوية حمت صدام ومن معه من الجنود في تلك اللحظة، اذ حجبت الرؤية عن المكان، وهو ما عطل حركة الطائرات الاميركية المعادية.
وقال السلطاني انه الان بصدد تدوين مذكراته وانطباعاته حول عمله في جوار صدام، لكنه يعتقد ان دور النشر العربية قد لا تتشجع لاصدار كتاب في زمن اخذ فيه الكذب والافتراء مساحة واسعة.

Facebook
Twitter