وزارة التربية تهدم 47 مدرسة في شهر واحد ولم تعد بناءها
مدينة تحتل ثلث مساحة بغداد، ويسكنها قرابة أربعين بالمئة من أبناء العاصمة، ويمثلها 21 عضواً في مجلس المحافظة، والعشرات من النواب والمديرين العامين في مختلف مفاصل الدولة، لكنها تعاني “الإهمال والفوضى” وتردي الخدمات وتراكم النفايات، لأسباب عديدة بعضها ناجم عن قلة التخصيصات، والآخر ناجم عن “عدم مبالاة” الجهات المعنية.
مدينة الصدر شرقي العاصمة بغداد التي تعد منجم الفنانين والادباء والاعلاميين والرياضيين لاتزال تمثل الجزء الأكثر تراجعاً في مستوى الخدمات داخل بغداد منذ 13 عاماً، على الرغم من الوعود الكثيرة التي اطلقها المسؤولون في الحكومة المركزية والمحلية لتطويرها خلال السنوات الماضية، ومنها مشروع عشرة في عشرة وغيرها من المشاريع التي لم تر النور، أما بسبب رفض بعض وجهاء المدينة أو القوى السياسية المسيطرة عليها، لأسباب قد تكون سياسية وانتخابية.
يقول رئيس المجلس البلدي في مدينة الصدر، كامل خنجر إن “24 مشروعاً نفذ سابقاً في مدينة الصدر، من قبل وزارة الهجرة والمهجرين، ولا يوجد أي مشروع جديد حالياً”، ويشير إلى أن “مدينة الصدر تعاني إهمالاً كبيراً وتقصيراً من الأطراف المعنية كلها”.
ويضيف خنجر، أن “ما يخصص للدوائر البلدية في مدينة الصدر التي تمثل ثلث بغداد، وتضم 40 بالمئة من سكان العاصمة، لا يتعدى الـ25 مليون دينار، تذهب لشراء الوقود وأجور عمال وصيانة”، ويبيّن أن “آليات التنظيف المئة التي خصصتها أمانة بغداد للمدينة لا تكفيها وينبغي زيادتها إلى 300 لرفع أكوام النفايات المتراكمة فيها”.
ويحمّل رئيس المجلس البلدي في مدينة الصدر، “أمانة بغداد مسؤولية سوء الخدمات في المدينة وعدم وجود مشاريع فيها، نتيجة عدم تخصيصها الأموال الكافية لبلديتها”، ويلفت إلى أن “مدينة الصدر تضم 357 مدرسة منها 47 هدمت في شهر واحد من قبل وزارة التربية ولم يعد إعمارها بعد مما أثر سلباً في الواقع التربوي واكتظاظ باقي المدارس”.
ويعرب خنجر، عن “أسفه لعدم استجابة الجهات المعنية لمخاطبات ومقترحات وشكاوى المجلس البلدي”، ويتابع أن “اليأس دب في نفوس أعضاء المجلس نتيجة حوار الطرشان الذي تمارسه الجهات المعنية معنا بعد أن نفد الحبر من أقلامنا بلا جدوى”.
من جانبه، يقول عضو مجلس محافظة بغداد عن مدينة الصدر، فاضل الشويلي، إن “أمانة بغداد هي من تتحمل التقصير الكامل عن المشاكل التي تعانيها مدينة الصدر لأنها تقع ضمن رقعتها الجغرافية”.
ويضيف الشويلي، أن “مدينة الصدر تعد غير مخدومة على الرغم من وجود 21 عضواً من أبنائها في مجلس محافظة بغداد، والكثيرون غيرهم في مجلس النواب، فضلاً عن العشرات من المديرين العامين في مختلف مفاصل الدولة”، ويبيّن أن “كل من تسنم منصب أمين بغداد طيلة السنوات الماضية، قصروا بتقديم الخدمات لمدينة الصدر، حتى باتت تفتقد حتى للإشارات المرورية”.
ويوضح عضو مجلس محافظة بغداد عن مدينة الصدر، أن “تاريخ تعبيد شوارع مدينة الصدر يعود لثمانينات القرن الماضي، ولم تشهد أي تطوير منذ ذلك الحين”، ويستدرك “لكن الأرصفة تبدلت أكثر من مرة لوجود فساد مالي في مقاولاتها”.
وتابع الشويلي، أن “المدينة تعاني أيضاً من الناحية الأمنية، لأن مداخلها الـ17 غير مؤمنة بنحو كاف، وكثيراً ما تعاني من عمليات إرهابية يروح ضحيتها العشرات من الأبرياء”، ويعد أن “المدينة تعاني كذلك من تقصير وزارة الصحة، لأنها لا تضم إلا مستشفيين اثنين فقط، بينما في مناطق أخرى يسكنها ما بين ألف إلى الفين شخص، يوجد مستشفى وعدد من المراكز الصحية”.
ويرجح عضو مجلس محافظة بغداد عن مدينة الصدر، أن “يكون إهمال المدينة متعمداً لإبقائها متأخرة على الصعد كافة”، بحسب رأيه.
إلى ذلك يقول محمد كريم، أحد أهالي مدينة الصدر، إن “المسؤولين في مدينة الصدر وممثليها في مجلسي النواب والمحافظة، يتحملون مسؤولية تردي واقعها، برغم أنها قدمت تضحيات بالآلاف في زمن النظام السابق الذي قتل خيرة شبابها ومثقفيها”.
ويضيف كريم، أن “بعض المناطق الريفية أفضل حالاً من مدينة الصدر التي تشهد فوضى عارمة وتراكم النفايات”، ويتابع أنه “منذ سقوط النظام السابق ولغاية الآن لم يتم تنفيذ أي مشروع ستراتيجي خدمي في مدينة الصدر”.
ويذكر المواطن، أن “مشاريع الماء والكهرباء التي نفذت في المدينة خلال السنوات السابقة، ذات نوعية رديئة ومخالفة للمواصفات، ما أدى إلى توقفها وكثرة عطلاتها”، ويرى أن “أكثر ما يعانيه أهالي المدينة منذ تأسيسها لغاية اليوم هو طفح المجاري شتاءً وصيفاً من دون أية معالجة حقيقية”.
على صعيد متصل يحمل علي الساعدي، من سكنة مدينة الصدر “أهالي مدينة الصدر يتحملون جزءاً من انتشار الفوضى والأوساخ وغياب النظام”، ويتابع “لو أتحد أهالي مدينة الصدر وخرجوا بتظاهرات تطالب بإنصاف مدينتهم وإعمارها فقد يتمكنون من اسقاط أية حكومة، لكن ذلك لن يحدث لأن كل حزب منهم بما لديهم فرحون”.
وتبلغ مساحة مدينة الصدر، شرقي بغداد، 300 كيلو متر مربع، تمثل ثلث مساحة العاصمة بغداد البالغة 950 كيلو متراً مربعاً، ويسكنها قرابة الثلاثة ملايين و500 ألف مواطن، وتقسم إلى قطاعات مساحة القطاع الواحد نحو 25010 متر مربع وتتضمن 80 قطاعاً مساحاتها متساوية وتصميمها مختلفة في بعض الأجزاء، وتوزعت مدينة الصدر كقطع الأراضي فيها في عهد الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم، بين 144 متراً و110 أمتار.