ما زالت “شظايا القنبلة” التي فجرها رئيس الوزراء حيدر العبادي، تصيب أهدافها في مجلس النواب، وبالرغم من “الهجمات المرتدة” التي شنها بعض النواب الذين على ما يبدو “أصابتهم” تلك الشظايا، لكن في النهاية أقر المجلس بأنه فعلاً قام بمناقلة الـ50 مليار دينار التي تحدث عنها العبادي.
خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي الذي يعقده العبادي كل يوم ثلاثاء، قال إن “مجلس النواب قام بنقل 50 مليار دينار من تخصيصات حساسة تخص وزارة الدفاع والقوات المسلحة في البلد لرواتب وتخصيصات أعضاء المجلس، وتم إخفاء تلك المبالغ بالموازنة بشكل غير مرئي تحت مسميات للفقراء”.
وعلى إثرها “استشاط” غضب النواب، حيث طالب رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، رئيس الوزراء حيدر العبادي بحضور جلسة لمجلس النواب لمناقشة أبواب صرف الموازنة في جلسة علنية، معرباً عن استغرابه من تصريحات العبادي التي وصفها بـ”المبهمة”.
أما النائب عن جبهة الإصلاح كاظم الصيادي، فقد اتهم العبادي “يمنع تخصيص درجات للتربية لغرض التعليم وتنظيف المدارس وللصحة، على حساب تخصيص درجات لوزارة للدفاع الغرض منها هو لتوزيعها بين المقربين منه كدعاية انتخابية”.
في حين قال المتحدث باسم جبهة الاصلاح هيثم الجبوري، معلقا على قضية طعن الحكومة بالموازنة الاتحادية لعام 2017، إن “طعن الحكومة بمواد الموازنة الاتحادية للسنة المالية 2017، يمثل ضربة للشعب العراقي وكارثة كبرى تشوبها علامات استفهام كثيرة”، داعياً الشعب العراقي “للضغط على الحكومة لسحب طعنها”.
لكن في المقابل، قالت النائبة عن الحزب الديمقراطي الكردستاني اشواق الجاف، إن “ما تحدث به العبادي بشأن اخفاء بعض النواب مبلغ 50 مليار دينار ضمن فقرات قانون الموازنة بحجة تمويل الفقراء، فيه جانب من الصواب”، موضحة “في قانون موازنة 2016 استقطعت مخصصات النواب المعيشية لتمويل الحشد الشعبي، وحسب كلام العبادي انها استرجعت بشكل مخفي ضمن فقرات موازنة 2017 ولكن تحت اطار دعم الفقراء”.
ودعت رئيس الوزراء الى “ذكر الاسماء بمسمياتها وكشف المتورطين بهذه المسألة حتى يتبين للشعب من المسؤول عن هذا الامر دون كيل الاتهامات لجميع النواب، لاسيما وان الكثير منهم لا يعلمون بهذه المسألة الشائكة وما تضمنه قانون الموازنة من فقرات ملغمة”.
أما رئيس كتلة ائتلاف الجماهير النيابية أحمد المشهداني، فقد أكد “تصريحات رئيس مجلس الوزراء يمكن اعتبارها وثائق رسمية، على اعتبار أنها جاءت من رئيس السلطة التنفيذية، ولا أظنها جاءت من فراغ”.
وأضاف أن “العبادي لو لم يكن يمتلك ما يثبت كلامه ما كان قد تحدث بتلك المعلومات عبر وسائل الاعلام وخلال مؤتمره الاسبوعي”، مؤكداً على “ضرورة حضور العبادي الى مجلس النواب وان يعمل على اثبات الحقائق ويكشف الناس التي مارست هكذا اعمال”.
لكن في النهاية اعترف مجلس النواب بإجراء مناقلة في بعض أبواب موازنة 2017، مبرراً الأمر بأنه جاء بهدف “تأمين نفقات البرلمان ورواتب اعضائه والآلاف من موظفيه”.
وكان عضو اللجنة المالية النائب عن دولة القانون حيدر الكعبي، كشف الشهر الماضي عن “وجود زيادة في الراتب الاسمي لاعضاء مجلس النواب تصل إلى مليون دينار لكل نائب”، لكنه أشار الى ان “القرار لن يكون بأثر رجعي”.
ونفت اللجنة اي زيادة قد تكون طرأت على رواتب النواب ضمن موازنة 2017، وأكدت “أن المناقلات التي تم أجراؤها على مشروع الموازنة العام 2017 من قبل البرلمان، هي لتغطية شرائح واسعة من المجتمع من ضمنها دعم النازحين”.
وقال رئيس اللجنة المالية محمد الحلبوسي، في مؤتمر صحفي إن “مصروفات البرلمان شهريا تصل إلى 21 مليار دينار موزعة بين مخصصات رواتب الموظفين وأعضاء المجلس، ومتطلبات اخرى كالندوات والمؤتمرات”، مشيرا الى أن “حجم هذه المصروفات يقدر سنويا بـ260 مليار دينار”.
وبعد 4 أشهر على إقرار موازنة 2017، يعترف رئيس اللجنة المالية النيابية بإجراء مناقلة بين ابواب الموازنة وفرت 50 مليار دينار وتمت مناقلتها إلى موازنة مجلس النواب”.
وبرر الحلبوسي هذا الاجراء بانه جاء “من أجل توفير رواتب ومصروفات مجلس النواب لسنة كاملة وليس لعشرة أشهر كما ورد في مشروع قانون الموازنة الذي جاءنا من الحكومة”.
وأوضح ان “المبالغ المخصصة لمجلس النواب في المشروع الحكومي كانت 210 مليارات دينار، لكن بعد اجراء هذه المناقلة أصبحت موازنة البرلمان 260 ملياراً”، مشيرا الى ان “الغاية من التعديلات هي لتأمين رواتب النواب وموظفي المجلس الذي يصل عددهم إلى حوالي 3000 موظف”.
وبعيداً عن التراشقات الإعلامية فإن لغة الوثائق تدحض الكثير من الشكوك، وتبين الوثيقة أدناه قيام مجلس النواب بمناقلة 270 مليار دينار من وزارتي المالية والدفاع إلى وزارات ومؤسسات حكومية أخرى، ومن بينها مبلغ 54 مليار دينار لمجلس النواب “تشغيلي” والتي تعني أنها ستذهب كرواتب ونفقات للنواب.
من جهته أكد رئيس لجنة النزاهة في مجلس النواب، طلال الزوبعي، اليوم الأربعاء، أن تصريحات رئيس الوزراء، حيدر العبادي بشأن سرقة 42 مليون دولار (50 مليار دينار)، من مخصصات الفقراء “ملف خطير لا يمكن السكوت عنه”، مؤكدا ان لجنته “سنكشف تفاصيل العملية قريباً”.
وقال الزوبعي في تصريح صحفي، إن “رئيس الوزراء حيدر العبادي، اتهم بعض النواب بهدر أموال النازحين التي تم تخصيصها لهم من الموازنة، ونحن بدورنا سنقوم اليوم باتخاذ الإجراءات اللازمة حول هذا الموضوع”.
وتابع: “سنوجه كتابا من لجنة النزاهة إلى اللجنة المالية، للاستفسار حول صرف هذا المبلغ للنازحين ومصير الأموال واسباب استمرار الأوضاع المعيشية السيئة للنازحين رغم ان المبلغ ليس هينا”.
وأوضح الزوبعي أنه “بعد تلقي رد اللجنة المالية سنقوم بالاجراءات اللازمة، فإذا تبين لنا صرف هذه الأموال في غير محلها، بالتأكيد سنقوم باستردادها وصرفها للنازحين وتقديم المتهمين والسراق إلى العدالة”.
وكان العبادي، قد قال في كلمته الاسبوعية إن “الطعن في قانون الموازنة العامة تم من قبل وزارة المالية، والاخيرة قدمت لائحة من الفقرات التي تم الطعن بها، وهنا كلفنا فريقا، من الناحية القانونية، ينظر لكل المواد المعدلة”.
وأضاف، أن “بعض تلك المواد كان متعلقا بمصالح الناس ولم يتم المساس بها، في حين ان البعض الاخر يتعلق بمصالح السياسيين.. فعندما ينقل 50 مليار دينار من تخصيصات حساسة في البلد لرواتب وتخصيصات اعضاء مجلس النواب هذا ما لا اسكت عنه.. طعنا بها ونعرف ماذا يحدث، في الحقيقة هذا غير مناسب”.
وبين العبادي في كلمته، قائلا لبعض النواب: “تخفون مصالحكم بين فقرات الموازنة على اساس انها للفقراء، وتزجون واحدة منهن لتخصيصات اعضاء البرلمان”، مشيرا إلى أن “الكثير من النواب لا يعلم بتلك الفقرات والا لما كانوا صوتوا”.