نادية العبيدي
منذ اول يوم يتسلم فيه الموظف وظيفته يترسخ في بواطن عقله انه قد امتلك زمام الامان ومستقبل لا يجوع فيه ولا يعرى .. وانه حصل على ما يجعله ينام رغدا ويأمن على اولاده من بعده وخصوصاً زوجته اذا ما انهارت صحته ذات يوم ووهنت طاقته عن الاتيان برزق جديد، فهناك من يمنعه من مد يديه بالسؤال حتى لاقرب الناس اليه بل انه سيكون متفضلا بأن يترك لهم موردا ماليا لا بأس به يقيه شرور السؤال ومذلته …
بعد ان غزت زعيمة الشر والارهاب في العالم اميركا وطننا باغية جعله نقطة وثوب متقدمة للسيطرة على العالمين العربي والاسلامي ، حل المجرم بريمر الجيش العراقي بناء على توصيات من البيت الابيض ومحفل المحافظين الجدد الماسوني ، متوهما بانه في اجرائه هذا سيخمد مقاومة شعبنا للغزو والاحتلال وسيجعل رؤوس العراقيين تطأطئ ، وكان من نتائج هذا القرار الفاشي النازي ان تشردت الاف العوائل العراقية التي لو احصينا اعمال اولادها ومهنهم لوجدنا اغلبهم قد تطوع للجيش افضل من التسكع على ارصفة المدينة وشوارعها تاركا خلفه شبحا يسمى شبح البطالة … ولكن النفس الامارة بالسوء التي جاءت مع الاحتلال واذنابه لم تترك فسحة للتأمل بما سيكون بعد ذلك ..!!!
لقد استنفدت كل الحيل في تدمير العراق وشعب العراق واخيراً التجأت الى منح افراد هذا الجيش دفعات طوارئ بتصور انها كافية لان تبعدهم عن غاشيات الجوع والعوز والفقر … واصطبر هؤلاء، وهم الصابرون المجالدون، واتكلوا على الله وسلموه زمام امرهم بأنتظار ان يأتي الفرج .. وبعد ومراجعات عديدة الى دائرة التقاعد .. ورفع شكاوى الى البرلمان وقبله مجلس الحكم بصرف رواتبهم ( ولا ننسى تلك التضحيات التي قدمها الضباط امام دائرة التقاعد .. اذ سقط منهم العديد العديد بنيران القوات المحتلة .. ناهيك عن الصراعات امام مطار المثنى .. اذ كنت ارى بأم عيني كيف يتدافع المتدافعون كي يدخلوا من تحت قدم مجند اميركي حقير يعتلي صهوة دبابة قذرة ويدع المراجعين يدخلون من تحتها .. ناهيك عن التفتيش المذل والصراخ وكأنهم في سوق للرعاع … واستعاذ الشعب من امر قد يجر وراءه المواجهة التي ستؤدي الى تصفيتهم بكل تأكيد وانسحب منهم من انسحب وانتظر منهم من انتظر) اقر قانون التقاعد بعد صراعات مريرة وانتظار جعل كل من ليس لديه راتب ينوء بجراحه امام الاخرين واحيانا يغطون وجوههم بأكفهم او يلجأون الى سلوك شارع فرعي لكثرة دائنيهم ….وكانت الفرحة اليتيمة مع القرار رقم (3) لعام 2010 الذي ظنه البعض انه سينقذ ظهر البعير من الانقسام …. فلقد وعد المتقاعدون من الجيش العراقي الباسل وتلك طبقة وشريحة من الشعب لا يمكن الاستهانة بها … وعدوا بان رواتبهم ستعدل وتقوم وزارة المالية بصرف ما تراكم من تلك الرواتب بأثر رجعي … وفعلاً بعد فترة ليست بالقصيرة اقر القانون لكن البرلمان لم يصادق عليه لاسباب مبهمة وزعموا ان الفترة الزمنية لاجتماع البرلمان قد انتهت وسيصادق عليه بالدورة المقبلة … وبعد انتظار وبعد ان زادت الديون تراكماً .. والعوز بدأ ينهش الخاصرة … تم صرف الرواتب التقاعدية بعد ان احيل الجميع على التقاعد بأحتساب المدة واقر الراتب على وفق المدة التي خدم فيها الضباط والمراتب في الجيش وحسب سلم الرواتب المزمع …. وهنا تكمن الكارثة .. !!!
لقد تم صرف الرواتب باثر رجعي من رتبة مقدم فما فوق … اما من رتبة رائد فما دون … والذين هم الاعم الاغلب فقد اجلوا الى في ما بعد والـ (في ما) هذه تحولت الى اشعار اخر … فألى اين تراها تسير المراكب .. والا متى يبقى المتقاعد يتجشم عناء الدين وكلنا يعرف ان الدين مذلة في الليل وهم في النهار…