متسول واسكافي يكشفان عصابة خطيرة لتزوير العملة العراقية والدولار الاميركي العصابة تستخدم مكاتب صيرفة وهمية وبائعات هوى لترويج العملة المزورة

رب صدفة خير من الف معياد، جسدتها أحداث أسهمت بكشف واحدة من عصابات النصب والتزوير توزع ضحاياها بين بغداد والمحافظات، وحاك مقدماتها اسكافي ومتسول جمعتهما “ورقة مزيفة”، قبل أن تتولى الجهات الأمنية ملاحقة خيوطها والايقاع بأفرادها، في حين تستمر التحقيقات معهم للكشف عن مصدر العملات المزورة.

ويقول مصدر استخباري رفيع إن “عمليات النصب والاحتيال زادت مؤخراً من خلال شراء سيارات ومصوغات ذهبية ومواد كهربائية والكترونية بِعُملات مزيفة سواء كانت بالدينار أو الدولار”، حيث رصدت الاجهزة الأمنية حالات كثيرة من خلال المتابعة والتدقيق”، مبينا أن “ذلك دفع الى تشكيل عدة مفارز جوالة تعمل بشكل سري في الأسواق كافة بجانبي الكرخ والرصافة وفِي معارض بيع السيارات بالعاصمة، للكشف عن العصابات المسؤولة عن عمليات التزوير”.

ويضيف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن “مفرزة مرابطة بإحدى مناطق جانب الكرخ من بغداد، أرسلت في أحد الأيام، برقية مستعجلة تتضمن بلاغاً من أحد المواطنين عن شخص ينتحل صفة إحدى الجهات السياسية وبحوزته عُمٓلات مزورة”، لتبدأ تفاصيل أحداث حاكها متسول واسكافي وكانت نهايتها الايقاع بإحدى عصابات النصب والتزوير.

حذاء متسول وفضول اسكافي

كان يوما عاديا في السوق حيث يدور الأطفال المتسولون بحثا عن مساعدة من هنا أو هناك، لكن أحدهم خالف المألوف ودخل على أحد الاسكافيين ليشتري حذاء بقيمة عشرة آلاف دينار، ويدفع لصاحبه المبلغ بورقة من فئة 50 الف دينار، ما اثار فضول الاسكافي وشكوكه.

ويروي المصدر، أن “الاسكافي أجبر الطفل على اخباره عن مصدر الأموال، حيث قد تكون تلك أموالا مسروقة”، مشيرا الى أن “الطفل أقنعه بأن تلك الأموال سقطت من جيب أحد المتسوقين بعد أن منحه الف دينار كمساعدة”.

الضحك كان ردة فعل الاسكافي على تلك الرواية، معلقا بالقول “هذا رزقك”، قبل ان يقتطع ثمن الحذاء من تلك الورقة التي مثلت أولى خيوط القصة، لكنه اصيب بخيبة الامل مساء بعد ان اكتشف أن تلك العملة مزورة خلال محاولته شراء الدولار الذي يحتاجه لاتمام تعاملاته التجارية، مفوضا أمره الى الله كما يشير المصدر.

القدر شاء أن يلتقي المتسول بالاسكافي مجددا بعد فترة وجيزة بعد أن مر الطفل المتسول من أمام محله، مادفع بالاسكافي الى ملاحقته وضربه عقابا له على خداعه، لكن سرعان ما تحول غضب الأخير الى ندم بعدما أقنعه المتسول بعدم علمه بأن تلك الورقة كانت مزيفة، فاعتذر عن ذلك بتقديم وجبة طعام له.

رجل “غريب”

ويقول المصدر، أن “فضول الاسكافي دفعه الى تعقب مصدر تلك الورقة المزورة، حيث استجوب الطفل مجددا عن مصدرها لكن رواية الاخير لم تختلف مؤكدا أنها تعود لرجل يتردد كثيرا على السوق”، مبينا أن “الاسكافي عرض على المتسول مساعدته في بعض الاعمال مقابل 5 آلاف دينار يوميا، بهدف التعرف على ذلك الرجل”.

خطط الاسكافي فشلت بعد أن مرت الايام من دون قدوم ذلك الرجل مادفعه الى التخلي عن خدمات الطفل المتسول، الا أن الأخير كان وفيا لصاحبه بعد أن عاد اليه بعد أيام ليبلغه بقدوم الرجل المنشود، ودله عليه حيث استمر الاسكافي بمتابعة الرجل الذي كان أربعيني العمر متوسط الطول تبدو عليه ملامح الاثرياء، ما دفع الاسكافي الى متابعة مراقبته حتى بعد أن استقل سيارته الفارهة رباعية الدفع عبر سيارة أجرة، حيث انتهت الرحلة الى منزل كبير ذي طراز فاره في احدى مناطق جنوبي بغداد.

ويبين المصدر، أن “الاسكافي ترك فكرة ملاحقة الرجل بعد أن خدع بمظهره، إلا أن انتشار عملات نقدية مزورة بالسوق مجدداً أثار شكوكه، ما دفعه الى معادوة منطقة الرجل والاستفسار عنه من خلال صديق يسكن ذات المنطقة، حيث أخبره الاخير بانتمائه الى احدى الجهات السياسية”، ليبلغ الجهات الأمنية عنه بعد أن زادت تلك المعلومات من شكوكه.

تحت المجهر الاستخباري

ويقول المصدر، أن “بلاغ الاسكافي دفعنا الى متابعة الرجل المقصود، حيث تبين عدم انتمائه الى أي جهة سياسية، فتم وضعه تحت المراقبة الدقيقة لأكثر من اسبوع لكشف مصدر رزقه واتصالاته”، مشيرا الى أن “المراقبة كشفت عن عدم امتلاكه اي وظيفة أو نشاط اقتصادي، الا أنه كان ينفق الأموال ببذخ، ما أثار الشكوك ليتم استحصال أمر قضائي لتشديد مراقبته وتفتيش منزله”.

ويضيف المصدر، “الغريب أن ذلك الشخص لم يقابل أحداً خلال مدة المراقبة، لكنه كان كثيرا ما يرتاد المطاعم والكافتريات والنوادي الليلية لوحده، وكثيرا ما يجري اتصالات هاتفية”، مبينا أن “فريقا قد تم تحديده لتفتيش منزله في محاولة لإيجاد دليل يدينه خاصةً أنه ليس من أصحاب السوابق”.

الصدفة كان لها الدور الأكبر مرة أخرى حيث شاءت أن يلتقي الهدف بشابين في أحد النوادي الليلة، اتضح فيما بعد أنهما من أصحاب السوابق الاجرامية، فتم استحصال أمر قضائي بمراقبتهما حيث كانا يلتقيان بعدة معارض لبيع السيارات.

الايقاع بالعصابة  

ويكشف المصدر، أن “الفريق المكلف بمراقبة الشابين قام بنصب كمين لهما لمعرفة طبيعة عملهما، من خلال عرض سيارة أحد المنتسبين للبيع بسعر مغر، ما دفعهما الى محاولة شرائها ونجحت الخطة وجرى الاتفاق”، موضحا أن “الشابين طلبا من المنتسب مرافقتهما الى أحد مكاتب الصيرفة في جانب الكرخ لتسلم أمواله”.

ويشير المصدر، الى أن “العملية تمت بالفعل وتسلم المنتسب المبلغ وهو يخضع لمراقبة مشددة، حيث تبين أن نصفه كان مزوراً كما كان متوقعاً، فتم اعتقال الشخصين مع صاحب الصرافة ومن ثم توجهت قوة أخرى إلى الهدف الأول فتم اعتقاله، وتفتيش منزله وكانت المفاجأة العثور بحوزته على أموال عراقية ودولارات مزيفة”.

 ويؤكد المصدر، أن “المتهمين اعترفوا صراحة عند مواجهتهم بالأدلة المتمثلة بالأموال المزورة، بأنهم يشكلون عصابة للنصب والاحتيال على المواطنين من خلال شراء مصوغات ذهبية بكميات كبيرة ومواد كهربائية وأجهزة الكترونية ثمينة وسيارات يدفع نصف ثمنها بعملات حقيقية والآخر بعملة مزورة، حيث يتم ذلك بأوراق من فئة المئة دولار فضلاً عن أخرى من فئة الخمسين ألف دينار عراقي”.

تسخير مكاتب صرافة وهمية وبائعات هوى  

ويتابع المصدر، أن “شراء المواد الكهربائية والأجهزة الالكترونية والمصوغات الذهبية من قبل العصابة تم في مناطق مختلفة في بغداد والمحافظات”، مبينا أن “العصابة كانت تقوم بتغيير طريقة لبسها ولهجاتها وفِي بعض الأحيان تستعين ببائعات الهوى”.

ويضيف المصدر، أن “الاستعانة ببائعات الهوى يجري دون معرفتهن بذلك حيث يصطحبهن أحد افراد العصابة لشراء هواتف نقالة أو مصوغات ذهبية، قبل أن تعود العصابة الى بيعها وبسعر أقل”، كاشفا أن “شراء السيارات يتم من خلال استدراج شباب يفتقدون الخبرة في مجال السيارات واقناعهم بتسلم الاموال في أحد المحال الذي تستأجره العصابة وترتبه بشكل يبدو على أنه مكتب صيرفة، لتتركه بعد أن تتم عملية النصب”.

ويختم المصدر الأمني، أن “التحقيق ما يزال متواصلاً مع المتهمين لمعرفة مصدر العُملات المزورة التي يستعملونها وذلك بعد تحويلهم للجهات ذات العلاقة” (المدى برس).

 

Facebook
Twitter