علي السوداني
محمد جاسم مظلوم ، نرقب بقلق معتم ، ألحكيم الذي عاين البياتي ، بعد تورم قدميه المفزع – ركبت على مخي ، فكرة تدوين كتاب – قد يكون مشتركاَ – عن حياة البياتي في عمّان ، أذ أدركت منها ، ليالي وصخباَ مشهراَ ، حول مائدة مشهورة محسودة مغموزة قائمة في حانة الياسمين ، مائدة سكرانة أو منتشية ، هي نتاج ما قبلها بسويعات ، حيث طاولة البياتي المدقوقة في غاليري الفينيق . قبل تيمم الوجوه نحو حانة الياسمين ، يبدأ البياتي ، اصطفاء جلاسه ، فأن تصادف أن حط على سور طاولة الفينيق ، واحد ثقيل لا يطيقه البياتي ، شرع واحد منا ، بنسج كذبة ، تشلع الزائر الثقيل ، من موضعه ، فتشمره شمراَ ، خارج المكان ، لحظتها ، يستل أبو علي ، سيكارة بيضاء أخيرة ، ينفث دخانها في سماء الغاليري ، بمتعة وأنتشاء ، كما لو أنه أزاح جبلاَ من على صدره . بعد أن نحط رحالنا في الحانة ، سيكون ذلك الكائن الكريه ، مادة دسمة ، نشتلها فوق مقلاة المائدة ، ونرش فوقها ما تيسر من معجم الهجاء العظيم . ليس بالضرورة ، أن ينفر كل جلاس مائدة الياسمين الليلة ، من ذلك الكائن المطرود منها . يكفي أن ينفر منه عبد الوهاب ، فيصير الأمر نفرة جماعية شاردة نحو هبوط المعنى بقوة القناع . في تلك الليالي المزدحمة – سكرة البياتي كانت ليلية حتماَ – ، شفت أزيد من مائة وجه ، ألوب الآن وأتقلب ، كي لا أرصع بها وجه هذا المكتوب المستعجل . رأيت ورننت كأسي بكأس الندمان ، شعراء كبار ، ومثلهم بالتوصيف ، رسامين وقصاصين وروائيين ونقاداَ ومفكرين ومطربين وممثلين ومريدين من حفظة شعره وقفشه . أما ليلة ” زيان ” لحيتي التي توجنا بها باب هذا المكتوب ، فهي موقعة وقعت ، وغزوة ، أرشفت بوميض الكاميرا ، وهي ومقترباتها ، تستدعي مساحة حرث جديدة ، قد أعود اليها عند خاصرة الأسبوع الجاي ، أو أرحّلها صوب مقترح كتاب عنوانه الأبتدائي ” ليلة على سور مائدة عبد الوهاب البياتي ” وسيكون المدونون والشاهدون ، هم الأسماء البديعة التي لم أجىء على ذكرها العاطر الليلة . تصبحون على خير وعافية ، وحلم لقاء جميل في بلاد ممكنة حلوة . أبا علي : لك الراحة في مدفنك المزار