لا تثقوا بالولايات المتحدة (3) د. حسين سرمك حسن

هل يحتاج أي إنسان في العراق – من المواطن البسيط والقارىء العام إلى الباحث المتخصّص – إلى أن يراجع مصادر في المصطلحات أو الإدارة أو القانون لمعرفة معنى كلمة “مستشار”؟ وهل هو بحاجة إلى أن يعود إلى قواميس اللغة ليعرف معاني الجذر “شَوَرَ” ومنه الفعل السداسي “استشار”؟

اسأل اي مواطن بسيط وقل له ما هو معنى “المستشار” ، وسيقول لك على قاعدة فسّر الماء بعد الجهد بالماء: هو الذي يعطي الإستشارة . ولمن؟ طبعاً لمن يطلب الإستشارة . وفي العمل الإداري في الدولة المعاصرة يكون المستشار تحت سلطة من يستعين به لإعطاء الإستشارة . حتى في العشائر هناك “مستشارون” كاتموا أسرار أهم صفة فيهم إعطاء الإستشارة المخلصة أولاً والكتمان أوّلاً .

فما هي خصائص المستشار الأمريكي؟

لنعد إلى بداية القصّة .

بعد سقوط محافظة نينوى الحبيبة بيد إرهابيي داعش ، بدأ الرئيس الأمريكي أوباما بالمماطلة : لا نستطيع التدخّل الآن .. الولايات المتحدة غير مستعدة لإرسال قوات .. لا حل للمشكلة بدون الحل السياسي .. لسنا مستعدين للعودة إلى القتال البرّي .. وهكذا استمر مسلسل التبريرات ..

لماذا؟

الحقيقة بسيطة : لضمان وصول داعش إلى حزام بغداد وتهديدها (والهدف الأبعد هو تكرار التجربة السوريّة المريرة) .

بعدها خرج علينا الرئيس الأمريكي بخبر إرسال المستشارين العسكريين الأمريكيين الذين سينقذون الوضع . وصل المستشارون .

فماذا فعل رئيس المستشارين؟

أول ما وصل صرّح بأن الجيش العراقي غير قادر على الدفاع عن بغداد !!

هل سمعتم في حياتكم بمستشار مثل هذا؟

يصرّح علناً بالإستشارة؟

ثم كم هي خطورة هذا التصريح؟

ألا يرعب الناس ويهزّ معنوياتهم ويدعم معنويات إرهابيي داعش؟

وقبل يومين ظهر علينا مستشار فطحل آخر وصرح أنّ كل معاونيه من العراقيين من الوسط والجنوب .

ضع ألف علامة استفهام .

أليس من المفروض أن يصمت ويقدّم الإستشارة إلى الجهة التي جاء يقدم إليها الإستشارة؟ ثم ما هي الغاية من هذا التصريح ذي المضمون الطائفي؟ الغاية واضحة .. أليس كذلك؟

ثم جاءنا قبل أيام السيناتور “جون ماكين” ووصف – في لقائه التلفزيوني – الإرهابي أبو بكر البغدادي بـ “السيّد البغدادي” ، “المستر بغدادي – Mister Baghdadi” . وضع ألف علامة استفهام ثانية .

ثمّ ماذا صرّح أيضاً؟ قال نصّاً :

“الجيش العراقي لا يستطيع تحرير نينوى” !!

بشرفكم .. هل يجوز لأي مسؤول من أي دولة يزور الولايات المتحدة ، ويلتقي بمسؤوليها ، ثم يخرج ، أن يصرّح أن القدرات الدفاعية للجيش الأمريكي محدودة وفيه حوادث اغتصاب ولواطيون . لا يستطيع طبعاً ، لأن هذا يخالف القواعد الدبلوماسية ويُعتبر تدخلاً في شؤون الولايات المتحدة . إنّه يخالف حتى قواعد اللياقة والأدب .

لكن السؤال الأهم هو :

لماذا يريد الأمريكان ، مستشارون وسيناتورات ، تحطيم معنويات الجيش العراقي ومجاهدي الحشد الشعبي الشرفاء الأبطال الصناديد؟

الجيش العراقي مازالت لديه دبابات ومدرعات وراجمات وطيران جيش ومدفعية .. كلّها حسب السيّد ماكين لا تستطيع مواجهة إرهابيي داعش المسلّحين بالبنادق والأحاديات والهاونات !

ألم نشاهد بأمّ أعيننا بطولات مجاهدي الحشد الشعبي وانسحابات بل انهيارات داعش أمام زحفهم المقدّس؟! ألم نشاهد شرفاء الجيش والحشد الشعبي العراقيين الأبطال الغيارى وهم يحرّرون المدن العراقيّة بأرواحهم؟

قابلتُ في الديوانية مقاتلا من الحشد الشعبي يعمل عامل بناء في بيت أخي يأتي من القتال ليعمل ويعيل عائلته ثم يرجع ليقاتل !! أيّة أساطير هؤلاء العراقيون؟! وهل سيصمد أمامهم جرذان داعش؟ وصدّقوني أرهابيو داعش هم جرذان لولا النفخ الإعلامي الغربي والأمريكي الذي كان ينشر أخبارهم وفيديوهاتهم وأفلامهم أوّلا بأوّل كجزء من مخطّط الحرب النفسيّة .  

ثمّ إذا كان الجيش العراقي لا يستطيع تحرير نينوى الحبيبة ، فلماذا يريد السيّد جون ماكين والسادة الأمريكان تسليح العشائر في نينوى وصلاح الدين والأنبار؟ أليس لمواجهة داعش وتحرير المدن المحتلة التي ليست لدينا القدرة على تحريرها حسب قولهم؟!

أم أنّهم سوف يسلّحون العشائر لهدف آخر؟؟

أنا أعتقد أن هناك هدفاً آخر ، وأترك هذا الهدف الآخر لذكاء السادة القرّاء العراقيين.

 

 

Facebook
Twitter