علي السوداني
هذا ما آلت اليه الأمور والأحوال ، بعد أن وقع الفأس على الرأس ، لذا صار فرضاَ على الكاتبين ، الكتابة بالقلم العريض ، وثواباَ للمفوهين الخاطبين بالناس ، قول الحق من دون دفن الرقبة في الرمل ، ودس القلم في محبرة مزاد النطيحة والهالكة والمتردية ، والساكت عنها ، فهو ابليس رجيم حتى قيام ساعة الله وورثته على الأرض . مجلس نواب العراق في أجازة وكسلة من دون قطع رزق ، ومرجعية السيستاني أغلقت حوزة النجف وما حولها يوماَ واحداَ ، وعضو معمم نائب ببرلمان بغداد المحتلة ، خطب خطبة حماسية ، ذكّر المستهدفين بها والسامعين ، بواقعة ” ضلع الزهراء ” ومن كسره ، وحشود من القوم خرجت من كل فج وصوب ، تهتف وتهدر وترعد وتزبد ، ونائب معروف اسمه أحمد الجلبي ، فار دمه وراح يوزع ” استمارات التطوع ” على الرعية وفعاليات اخرى وأخرى ، من أجل نصرة رعية البحرين المظطهدة وتطهيرها من علوج درع الجزيرة وخليجها . جميل هذا ولا اعتراض عليه ، لأن ديننا وهوانا هو نصرة المظلوم حيثما وقع ظلم عظيم . والآن الى هذه الأسئلة الصائحة : لماذا لم يحدث مثل هذا عندما مسحت اسرائيل الحقيرة ، قرى وناساَ وحجرا وزرعاَ من فوق أرض غزة المنكوبة – مثل الفلوجة – باليورانيوم الأبيض ؟ لماذا لم يوزع ” الجلبيون ” أستمارات التطوع ” للقتال في أمكنة مظلومة أخرى ؟ أليس الصحيح ، ومن باب ” الأقربون أولى بالمعروف ” أن يوجه هذا الحشد وذاك الجهد ، صوب بلدنا العراق المجروح الذي مازال يئن من ثقل الغزاة الهمج ومن والاهم ونصرهم ، العراق الشاكي من شحة الماء والكهرباء والبناء والتقدم والتحضر ، وكذلك الكرامة ؟ تلفزيونات ايران وخامنئي ونجاد ، تجعر ليل نهار ، بمظلومية أرض دلمون ، لكنها لم تقل كلمة واحدة ، عن مظلومية بلاد ما بين القهرين التي تظاهرت ظهيرة يوم جمعة ، وقدمت سبع عشرة ضحية مبروكة لم تهتز لها ، عمامة ” الأمام ” أو أرنبة خشم هيلاري السمينة !! مرجعية النجف ، والوكلاء والخطباء والأحزاب الدينية التي أستولت على عرش بغداد ، تجتنب الحديث عن مظلومية أهل فلسطين الذين اقتلعوا من بيوتهم بغير حق ، بل حتى قدس العرب والمسلمين ، هربوا من ذكرها ، كما هربوا من قبل ومن بعد ، من الأعتراض والمقاومة ، أو حتى الزعل على أمريكا الوغدة التي أقترفت بأرض الرافدين الطاهرة ، أخس وأبشع الجرائم التي لا يفعلها ، سوى أبناء الزانيات والمجاهيل النغولة وسقطة المواخير !! نهب وسلب وقتل وخطف وجهل وتزوير وخيانة وعمالة وبطالة وتعمية وتحلل وطائفية وتفكك ونفاق ومرض وخوف وفقدان أمل وخسران كرامة ، والمرجعية ” الرشيدة ” ما زالت تتكلم بلغة دبلوماسية رشيقة ، محسوبة حروفها ، تماماَ مثل تلك التي يجيدها الشاطر عمرو موسى ! مليون نسمة ، هم عدد سكان البحرين العزيزة ، خرج منهم مائتا ألف رجل وأمرأة للثورة ، بينما عدد سكان العراق ، يقترب الآن من ثلاثين مليون نسمة ، وأكبر تظاهراتهم ، لم تزد على ثلاثة آلاف صائح وصائحة في ساحة التحرير . ألتوانسة والمصريون واليمنيون والبحرينيون والفلسطينيون والأيرانيون العزّل ، خرجوا الى الشوارع ، وواجهوا الطغاة بالهتاف وبالصدور العزلاء ، وبالورد وبالنوم تحت سرف الدبابات. هؤلاء الشجعان الكرماء ، أنتفضوا وثاروا على الرغم من أن ما وقع في بلدانهم من ظلم وجور وعسف ، لا يساوي قطرة من بحر ما حدث في العراق المحتل حتى الآن . انظروا ، ماذا صنعت ” حبوب الهلوسة الدينية ” في البلاد ؟ وحتى لا يقرأ مكتوبنا المقهور هذا بالمقلوب ، نقول : حمى الرب البحرين ، أرض دلمون البديعة ، وناسها الطيبين الطاهرين ، وكفاها شرّ وجهل وعنت حاكم ، لم تحتمل عيناه ، حتى مرأى نصب دوار اللؤلؤة المدهش ، فأرسل اليه بليل أحمق ، كسارات وجرافات ، سوقتها هنود وبنغال ، فطاحت اللؤلؤة ، وخارت الأيادي الحاضنة ، ولو الى حين