قاد زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، في الاسبوعين الماضيين حراكا جديا ومارس ضغطا كبيرا على القضاء، لانقاذ رئيس البرلمان سليم الجبوري، رغم العداء بينهما، إلا ان هذا التحرك جاء في اولوياته انقاذ المالكي لـ”نفسه”.
وكشف نواب في دولة القانون إن “انقاذ سليم الجبوري من ورطته، التي وضعه فيها وزير الدفاع خالد العبيدي، مهم جدا للمالكي، لانه في حال ثبوت ملفات الفساد على الجبوري، وخاصة ملفات الدفاع، ممكن ان تكون بداية لكشف جميع الملفات، وخاصة ان المالكي لديه الكثير من العقود التي ابرمها وتدور حولها شبهات فساد كبيرة”.
واضافوا ان “هذا ما دعا المالكي الى ان يقود حراكا سريعا لانقاذ الجبوري، وضغط على القضاء وعلى مدحت المحمود، من اجل اعلان براءة الجبوري وغلق كافة الملفات”.
وبينوا ان “المالكي كان متخوفا من ان ما جرى للجبوري، سيكون بداية لكشف كافة الملفات في الوزارة، التي ادارها بالوكالة خلال ترؤسه لمجلس الوزراء، خاصة وان اغلب الملفات تدينه بشكل صريح، ومن هذا المنطلق، تمكن المالكي من اخراج الجبوري من هذا المأزق”.
يشار الى ان اغلب عقود وزارة الدفاع التي ابرمت بفترة نوري المالكي، تدور حولها شبهات فساد كبيرة، وبعضها وهمي وبقيم مالية كبيرة جدا، وتم الكشف عن بعضها، لكن لم يتم توجيه أي اتهام او تحرك قضائي او سياسي بشأنها، ومن ابرز تلك العقود، صفقة الاسلحة الروسية، التي قادها المتحدث باسم الحكومة السابق علي الدباغ وبتوجيه من المالكي.
وفي خضم هذا التحرك، استمر وزير الدفاع خالد العبيدي، بكشف ملفات الفساد، من خلال وثائق وادلة تسجيلية ادانت نواب عدة، وهدد مؤخرا باستدعاء النزاهة للتحقيق بعقود سابقة، ابرمت قبل توليه منصب الوزير.
وهذا ما تعرض له العبيدي، فخلال الاستجوب الاول الذي اعدته النائبة حنان الفتلاوي، والثاني الذي اعدته النائبة عالية نصيف، جاءت اغلب الاسئلة عن الوزارة وعقودها، في الفترة التي سبقت توليه ادارتها، ورد باكثر من جواب، ان هذه الامور تمت في وقت سابق، ما قد يؤدي الى الكشف عن جميع الملفات السابقة، خاصة وانه بعد تسريب جلسة الاستجواب الاول للعبيدي والتي كانت “سرية”، اعلن انه سيعيد الاجابة عن جميع الاسئلة وطرحها بصورة علنية، واغلب الاسئلة تخص امورا سبقت استيزاره.
وجدير بالذكر ان ملفات الفساد في عهد نوري المالكي شملت مايلي:
– ملف التسليح: أخفت لجنة العقود مصير المليارات من الدولارات بحجة شراء أسلحة من دون وجود أسلحة أصلاً وتبين أن العديد من تلك الأسلحة تم شراؤها بأسعار أكثر مما تستحق، وبعضها مستهلكة أو مستخدمة في الحرب العالمية الثانية، فضلا عن تبادل ملايين الدولارات من الرشى بين مسؤولي وزارة الدفاع في عهد سعدون الدليمي، وهذا ما اتضح فعلا في حينها من عدم قدرة الجيش العراقي من مواجهة أسلحة تنظيم داعش خلال الهجوم الذي أدى إلى اجتياح الموصل وصلاح الدين في عام 2015.
– ملف فساد لمستشفى عسكري وهمي: صرفت حكومة المالكي مليار دولار له وكان مخصصاً لتقديم خدمات حديثة ومتطورة للعسكريين، “لكن تبين في التحقيقات أنه غير موجود في العراق، حتى أنه لم يتم وضع حجر الأساس له”، وهذه المستشفى سئل عنها وزير الدفاع الحالي، خالد العبيدي، خلال جلسة الاستجواب الماضية.
وقال العبيدي إن العقد لهذه المستشفى وقع في زمن المالكي والعمل فيه مازال متوقفا ونعمل على تحريك العمل به وأراد نواب ائتلاف (دولة القانون) إلصاق تهمة عقد المستشفى بالوزير الحالي، لكنهم لم يتمكنوا خصوصا النائبة عالية نصيف التي استجوبت العبيدي.
– فضيحة هروب 6 وزراء و53 مسؤولا حكوميا من ذوي الرتب الخاصة في الحكومة العراقية السابقة من البلاد، وطلب من رئيس الجمهورية الحالي فؤاد معصوم من خلال علاقاته الشخصية أن يطلب من الدول، التي تتم دعوته لزيارتها إعادة أولئك الأشخاص إلى البلاد، إذ حدثت واقعة هروب وزراء سابقين متهمين بقضايا فساد على فترات متباعدة من حكم المالكي وليس في وقت واحد، ومن أهم أولئك الوزراء وزير التجارة السابق فلاح السوداني القيادي في حزب الدعوة ووزير الدفاع الأسبق عبد القادر العبيدي ووزير الكهرباء الأسبق كريم وحيد.
– ملف الطائرات التي قال المالكي إنه اشتراها من روسيا، لكن تبين أن تلك الطائرات هي الطائرات العراقية التي لم تعطها إيران الإذن بالهبوط في الحرب الأميركية ضد العراق واضطرت للهبوط في روسيا آنذاك، فأعادت حكومة المالكي تلك الطائرات على أنها تم شراؤها.
– فضائح “بيع البشر” في القواعد العسكرية في الحكومة العراقية آنذاك، إذ عمد المسؤولون العسكريون إلى إنشاء معتقلات في قواعدهم العسكرية وكانوا يعتقلون الناس ثم يرجعوهم لأهلهم مقابل مبالغ مالية كبيرة، وهذا كان يمارسه أقرب العسكريين إلى المالكي وهو قائد عمليات نينوى آنذاك مهدي الغراوي الهارب حالياً.
– شراء أجهزة الكشف عن المتفجرات (السونار) بملايين الدولارات، والتي لم تدخل للعراق وبعضها دخلت وتم اخفاؤها في مخازن وزارة الداخليه .
– ملف الفساد في أجهزة كشف المتفجرات اليدوي وراح ضحيته آلاف المدنيين العراقيين، إذ اتضح أنه جهاز لكشف مساحيق الغسيل وليس لكشف المتفجرات ولم يقدم المالكي أو الجهات التي استوردت الجهاز إلى القضاء.
– اكتشاف 16 مصرفا أهليا كانت تسحب الأموال من البنك المركزي العراقي بوصولات مزيفة، إذ تم اعتقال عدد من موظفي تلك المصارف، مبينا أن “ملايين الدولارات تم تهريبها من البنك المركزي العراقي إلى الخارج.
– ملف الجنود الفضائيين الوهميين) بوزارة الدفاع: إذ اتضح بعد سقوط الموصل بيد تنظيم داعش أن هناك جيشاً وهميا من أسماء الجنود الموجودة على الورق فقط وتذهب أموال مرتباتهم الخيالية إلى جهات مجهولة وهذا ما اتضح فعلا عندما هاجم داعش الفرق العسكرية في الموصل وصلاح الدين واتضح أن العدد الفعلي للجنود المتواجدين داخل الفرق أو القواعد هو ربع العدد الموثق على الورق.
– أخطر وأهم ملف هو “سقوط الموصل” بيد داعش أو تسليم المدينة للتنظيم من قبل قيادات عسكرية مرتبطة بالمالكي مباشرة ورغم أن تقرير لجنة الأمن والدفاع النيابية حمل المالكي بصفته القائد العام للقوات المسلحة المسؤولية عن سقوط المدينة، إلا أن القضاء لم يحرك ساكنا حيال ذلك.