كل (مول) وانتم بخير ياجياع العراق!!!!

نادية العبيدي

 

قبل ايام افتتح مركز للتسوق (مول) كبير يحتوي على عدة طوابق في احدى مناطق بغداد الراقية، وتدير المول وتشرف عليه  شركة تركية وايضا تولت ادارته بالتعاون مع كردستان الذي يختلف كل شئ فيه عما في سائر المحافظات العراقية حتى قيل فيه انه (الاستثناء) ولاندري هل الاستثناء هذا غاية في حد ذاتها ام وسيلة الى غاية اخرى؟

يعد هذا المول واحدا من نقاط التحول واهم محاورها داخل العراق في نظر حكومة المالكي، فالحياة عند هذه الحكومة بيع وشراء،  والبضاعة فيه تباع بأسعار خيالية وبالدولار ناهيك عن ان تركيا لم تكتف بطرح المسلسلات على شاشات التلفزة والسيطرة على العقول القاصرة وانما نقلت ما تلبس فناناتها  الى هذا المول … عند اول دخولك من الباب الرئيسي تحس بانك داخل الى بلد اخر او كانك عبرت الحدود الى خارج الوطن وما يثير الانتباه ان الزوار الذين تهافتوا على الافتتاح لم تأت بهم الحاجة الى الشراء وانما اتت بهم البهرجة التي بدا عليها يوم الافتتاح اذ حضرت شخصيات تركية عديدة ووجوه قد تكون مألوفة لمن يشاهد القنوات الفضائية التركية و حضر العديد من الشخصيات المستثمرة لهذا الموقع … ورغم ان المنطقة التي يقع فيها المول تعد من المناطق الراقية في بغداد الا ان المستثمرين كانوا ينظرون بعين غريبة للزوار وكأنهم قادمون من وراء الكواكب وكانوا موتورين جدا ومشمئزين من دخولهم … وكنت اقول في داخلي انهم يلعنون اليوم الذي اقتنعوا فيه في الاستثمار هنا …

بعد ان غادرنا المول وصلت الى عدسة عيني كثير من اللوحات الاعلانية التي تشير الى ان هناك مولات قيد الانشاء وقد عرضت للاستثمار من قبل الشركات الاجنبية والعربية ايضا .. وبالرغم من ان ثروات العرق من النفط والغاز والفسفور والكبريت وما الى نهاية ذلك توفر للحكومة امكانية استثمار عالية في هذا الميدان قد تفوق اية امكانية استثمارية اخرى تستجلب من خارج الوطن وانها لو فعلت ذلك او دعمت رؤوس الاموال الوطنية  لنجحت ذلك وبأمتياز بدلا من ان يستثمر رجالاتها واصحاب رأس المال الوطني اموالهم خارج نطاق الوطن وفي البنوك الاجنبية بفوائد ربوية ربما ..

السؤال الذي ارقني كثيرا لماذا لا تقوم الحكومة بانشاء مثل هذه المولات للسيطرة عليها واستثمارها فهل خلا العراق من عقول تبتدع تصاميم غريبة او جديدة او افكار عظيمة .. ثم ان سماح الدولة لهذه المراكز بالبيع بالدولار تترتب عليه مساوئ اقتصادية كبيرة فهل حسبت الحكومة ذلك ام ان حالها حال كردستان تهزها البهرجة ولا يهزها جوع الانسان وحاجته؟ وهل يحتاج العراقي الان لمثل هذه المراكز اذ ان معظم العوائل تعاني العوز والفقر .. والقلة القليلة تستطيع ان تشتري حاجة واحدة بين حين واخر..!!

ما اثار انتباهي جلوس امرأة مع طفلين على الرصيف المقابل للمول تطلب من المارين المساعدة وما ارعبني خروج احد الحراس العراقيين متوجها اليها، ناهرا اياها، وطالبا منها ان تغادر والا تعرضت للضرب لان هناك قنوات ووفود اجنبية سوف تأتي لافتتاح المول الذي تم قطع الشوارع المارة من امامه ووضع سيطرات مكثفة دخولا وخروجا من منطقته …

الاجدر بالحكومة ان تنشئ معامل للخياطة او تعيد افتتاح المصانع المقفلة .. وبدلا من ان تضع صور للمتسولين في الساحات مكتوب عليها (حقكم مكفول لدينا) .. الاجدر بهم ان تسعى الى تشغيلهم ورفع مستواهم المعيشي كي لا يتعرضوا الى الضرب والاهانة والتعنيف من المارة .. وكي تمسح بغداد خجلها من وجنتيها واحمرارها وتحفظ ماء وجهها امام الاجانب من ظهور مثل هذه الحالات الطارئة التي لم نكن نراها سابقا الا بعد ان اهينوا وديست كرامتهم وتحاملوا على انفسهم وامتهنوا المهنة التي يستطيعون بها توفير لقمة العيش لابنائهم رغم المذلة المفرطة بهذا الامر…

ولا انسى ان اذكر ان الفنانين العراقيين قد تهافتوا ايضا مع الفنانين الاتراك للمشاركة في افتتاح المول المذكور … وكل مول وانتم بخير يا جيااااااااع العراق

Facebook
Twitter