يحرص الطفل محمد، ذو السنوات السبع، على الحضور إلى صفه الدراسي يوميا، وقد يبدو هذا امرا عاديا، حتى في مدرسة تقع في احد احياء (الحواسم)، وسط مدينة العمارة، مركز محافظة ميسان.
لكن غير العادي، ان محمدا يعاني من عوق عقلي بسيط، شاركه فيه اشقاؤه الثلاثة، ومع ان هذه قد تبدو معاناة كافية لاسرة فقيرة الحال مثل اسرته، الا ان القدر شاء ان يضيف معاناة اخرى، حينما قرر كلب مسعور، قبل اربعة ايام، ان يضيف محمد إلى قائمة ضحاياه، التي اصبح اسم محمد ثامن اسم لطفل يكتب فيها، ليخلف محمدا مشوه الخد، ومحجر احدى العينين، وجزءا من الاذن، في حادثة كادت ان تكلف الطفل حياته، لولا تدخل الناس لابعاد الكلب عنه.
ام محمد: نحن عائلة عانت الكثير
“رزقت بثلاثة أطفال ذكور كلهم يعانون من أمراض ضعف في النمور بالجسم والعقل ونسبة من المنغول (متلازمة داون)، وأمراض في الدم في بداية الولادة”، تقول ام محمد، التي تعيش في حي الوحدة الاسلامية (للمتجاوزين)، مضيفة “لقد بدأت المعاناة عندما اصبح الأطفال يتقدمون بالعمر وحالتهم كما هي دون تحسن ملحوظ رغم مراجعاتي الكثيرة الى اطباء في مختلف المحافظات”.
وتبين ام محمد “زوجي يعمل كاسبا ورزقه محدود ومصاريف الاطفال كثيرة وتزيدها”، متابعة “ومازاد في الطين بلة هجوم كلب على ولدي الكبير محمد، خلف وجهه مشوها، وجعلنا نعيش حالة من الرعب طوال الايام الماضية”.
وتضيف “بفضل الله استطاع الأهالي إنقاذ ابني من هذا الحيوان وحملوه الى المستشفى مغطى بالدماء التي تسيل من وجهه، وهو الان يتلقى علاجا يوميا”، مؤكدة “برغم الم العلاج والابر التي يستلزمها الا انه لازال يذهب الى دوامه باستمرار كونه يحب أصدقائه جدا ولايستطيع ان يفارقهم”.
وبينت ام محمد “ان زملاء ابني واساتذته بكوا عليه حينما شاهدوه لانهم يعرفونه بالطالب الطيب القلب الذي يحب الجميع”، داعية مجلس المحافظة الى “انصاف ذوي الاحتياجات الخاصة والاهتمام بهم”.
مدير المدرسة: محمد طفل مميز وهو الثامن من ضحايا الكلب
من جهته، يقول مدير مدرسة الرضوان الابتدائية مزهر الهاشمي، الذي يشرف على تربية محمد في الصف الخاص، في حديث الى (المدى برس)، ان “محمدا في الصف الاول في مدرسة الرضوان، وهو طفل هادئ ووديع”، مبينا ان “الاسرة التعليمية في المدرسة تحاول مساعدة عائلة محمد بتوفير عدد من وجبات الطعام اسبوعيا، بالاضافة إلى الكسوة والمساعدات المالية البسيطة، بجهود ذاتية”.
ويضيف الهاشمي ان “محمد كان الرقم 8 من الاطفال الذي هاجمهم كلب مسعور معروف لاهالي المنطقة”، موضحا ان “الكلب ليس كلب شوارع عاديا وهو يبدو كانه كلب مهجن او كلب بوليسي، ويعرفه اهالي المنطقة بالسرعة الشديدة والذكاء الذي افشل كل محاولات قتله واصطياده”.
ويشير الهاشمي إلى ان “الكلب هاجم محمدا حينما كان يلعب امام بيته، مسببا مزيدا من المعاناة لعائلته”، داعيا “اهل الاحسان إلى مساعدة العائلة”.
مجلس المحافظة: سننتقم لمحمد وباقي الاطفال
من جانبه يقول رئيس لجنة الصحة والبيئة في مجلس محافظة ميسان عبدالله ملا راجي، في حديث إلى (المدى برس) ان “المجلس سيقوم بتشكيل لجنة خاص والاتصال بالدوائر ذات العلاقة وتهيئة مفرزة من الشرطة لزيارة مكان الحادث في منطقة الوحدة الاسلامية للبحث عن هذا الكلب المسعور والقضاء عليه، كونه يهدد حياة الاطفال”.
ويؤكد ملا راجي ان “المجلس سيكثف الفرق الرجالة من المفارز لملاحقة جميع الحيوانات السائبة الخطرة ومنها الكلاب والتخلص منها بالسرعة الممكنة”، مبينا ان “المجلس سيوفر الرعاية الصحية لهذه الأسرة المنكوبة وسيولي اهتماما كبيرا لما تمر به من ظروف صعبة”.
واكد راجي ان “مشروع بناء المدرسة النموذجية للاطفال اصحاب الاحتياجات الخاصة والمتوحدين ادرج ضمن موازنة عام 2014 وسيكون هذا المشروع في مقدمة المشاريع التي ستنفذ وبأسرع وقت،كون المدينة تضم اعدادا كبيرة من هؤلاء الاطفال الذين يحتاجون للرعاية والاهتمام”.
وسجلت دائرة صحة المثنى، الى الشمال من ميسان، منتصف اذار الماضي، وفاة طفلين نتيجة تعرضهما لعضة كلب مسعور، جنوبي المحافظة،(250 كم جنوب العاصمة بغداد)، وفي حين بينت أنها ستلقح عائلات الأشخاص الذين تعرضوا لهجمات ذلك الحيوان قبل مقتله، دعا مواطنون إلى تكثيف إجراءات الوقاية خشية وقوع المزيد من الإصابات بالمنطقة.
وداء الكلب هو مرض فيروسي يسبب التهابا حادا في الدماغ ويصيب الحيوانات ذات الدم الحار، وهو مرض حيواني المنشأ أي أنه ينتقل من فصيلة إلى أخرى، من الكلاب إلى الإنسان مثلاً وينتقل غالباً عن طريق عضة من الحيوان المصاب.
يؤدي داء الكلب للوفاة عندما يصيب الإنسان بمجرد ظهور الأعراض إلا في حال تلقيه الوقاية اللازمة ضد المرض، وهو يصيب الجهاز العصبي المركزي مما يؤدي إلى إصابة الدماغ بالمرض ثم الوفاة.