لو خلع تشي جيفارا قبعته ربما لن نتذكره , وكذلك عباس محمود العقاد و محمد الماغوط و الجواهري و توفيق الحكيم و آخرون , اعتدنا على زيهم المحرض , ولباسهم الذي يدل على مزاجهم الصعب, و جلستهم الأكثر غرابة, و تقاسيم وجوههم المكتهلة , التي تجر ورائها عربة الذاكرة , و تشد آذاننا كي نصغي لمستقبل مؤجل, كل من يمر على هؤلاء المبدعين أو المشاهير يجد أن القبعة المائلة أصبحت جزءاً من الكاريزما , و هوية شاخصة ترمز إلى الكثير من الغامض في السلوك , تشعر_ أحيانا ً بأنك أمام نصب تذكاري أو قامة فارعة ترسمها الظلال, نحن بلا شك نتوخى تفسير حالة نفسية إما متورطة بالخيبة أو غارقة في جنون العظمة سواء بالتخيل الكتابي أو بالتصور أو لمجرد الاستغراق في الذات يمنح المبدعين خصوصاً مرآة غيبية لا نبصرها , و لكنها تنوء بالتعب و الشيزوفرانيا, إذ أن زيادة التفكير بالمصير و بالغد يهب الكائن فوبيا , و يجعله ينحت آماله بفأس التناهيد. قد تكون قبعة الجواهري سبباً آخر في شهرته , فهو يتفنن في نسيجها و زخرفتها من نسيج خاص يطلبه من تشيكوسلوفاكيا قبل سقوطها, كما أن ميلانها يزيده كبرياءً و غروراً , وقد أشار غير مرة في مقابلاته و حواراته إلى أن قبعته المائلة كانت رفيقاً له في المحنة لدرجة أنها لا تفارقه حتى وقت النوم ولو سقطت يفز من سباته العميق , كما أنها قد تصبح عاراً عليه لحظات سوداء و غامضة , فمن سينتقم من الجواهري مثلاً لو باتت قبعته فتيلاً لإشعال الفتنة , و من هنا تأتي ضريبة الشهرة إما سلبا ً أو إيجابا ً , و نذكر مما يذكره الجواهري في سيرته الذاتية أنه كان في قرية افريقية نائية وأشار له أحد الصبية بقوله ( هذا هو الجواهري ), و موقف محفلي كهذا قد يشي بالغرور, و الأنفة لشاعر كالجواهري يعنيه الصيت و الشهرة , ولكن لو لم تكن القبعة المائلة على رأسه , هل سيتذكره المارون على أرصفة الحزن و الجوع في أفريقيا ؟! . لقد رأينا شال أم كلثوم و كوفية ياسر عرفات و عصا مستر بن و سيجار كاسترو, لحية شوبنهاور, و الشعر المنفلت لاينشتاين , و غيرهم ممن شغلوا أنفسهم بملامح خاصة باتت مشهدا ً بارزا ً في الشخصية كما كانت سمة مغايرة أدت بشكل أو بأخر إلى إشهار سلوك ما , أو التلميح لشيء آخر . فكيف تقف بحياد أم بدهشة ؟! عندما تقرأ نفسية مبدع عابر بالجوار و أنت تبرر حالاته أو تترصدها بنقد ثقافي حتى تسبر أغواره لا أكثر , حيث أن وجود الإنسان يحدد وعيه و ليس وعيه الذي يحدد وجوده بتعبير كارل ماركس أو بتعبير فرويد الذي يقول (( إذا كانت الحضارة تفرض مثل هذه التضحيات الباهظة لا على الجنسية و حسب بل على العدوانية أيضا ً , فإننا نفهم في هذه الحال فهما ً أحسن لماذا يعسر على الإنسان غاية العسر أن يجد في ظلها سعادة )) . من هنا نقترب أكثر من مفهوم الاغتراب النفسي و ليس صعبا ً أن نحلل الذاكرة أو أن نمرر بصيرتنا كي نفتضح سوداوية العقل الباطن الذي يصعد بقوة تجاه الكينونة و يهبط بقوة مضادة في قلق و ارتباك لعدم تحقيق الذات , و هنا تعلو النبرة و تخفت بشكل لا إرادي , ولذلك تساعدنا القبعة المائلة في هدم الصورة المتخيلة حول كبرياء المبدع و أرستقراطيته المزعومة كي نكون أكثر حميمية و بساطة في أدراك أن الحالات التي تعكس قيمة الماضي و صقل تحولاته في واقع يعاني من اضطراب أيضا ً و عدم تحقق على المستوى الشخصي و الوطني حينها لا مفر من قبعة مائلة , و قلب منكسر , و ظلال تعربد في المتيه . قد يتساءل البعض , ماذا لو لبسنا قبعة , و خرجنا , أو تهندمنا بشكل خاص هل سنمرر هويتنا للآخرين , و نظل شخوصا ً للذكرى ؟!! هنالك أسئلة متباينة و الإجابات عادة ً مفتوحة إزاء مواقف كهذه , فمن يحملق بنظره عند أي صورة لأدولف هتلر , هل يستحضر معه جرائم النازية !!! أم يضحك بلحظة غامرة لا تأويل يقتحمها و هو يطالع في شواربه التي أتقن صنعها عبر زمن موحش بالقتل ؟!! نحن إذا أمام حالات متغيرة , ولكن الأرجح أن المشاهير و المبدعين أيا ً كانت توجهاتهم يعمدون الى التميز في الشكل ناهيك عن الكلام أو البحث الدؤوب عن فكرة صادمة , فهنالك مايكل جاكسون الذي حارب سمرته بالقوة و بالفعل غير ملامحه ليكون مختلفا ً , و مستلبا ً لشكل غربي أصبح مألوفا ً و معتادا ً فيما بعد, و العالم كله يتسمر لأغاني الراب و رقصاته التي يقلدها الشباب من شرق اللحن إلى غرب الموسيقى , كل غريب وراءه ملتاعون و كل مشهور نجده يتحول إلى ماركة في لباسه غالبا ً , أما تقليد السلوك فهو مفتعل , أكثر ما يؤثر هو الشكل و الفكر , و هذا يظهر لدى بعض من السيدات مثل ( مارلين مونرو أو باريس هلتون أو جينيفر لوبيز ) على اختلافهم كمشاهير عبروا القارات , فهن سيدات كل نبضة تشهق في عروقهن يسيل لعاب العالم معها . ما هنالك وطن للقبعات , و لا هوية ثابتة , فمن العمائم إلى الطرابيش إلى العقال و الكوفية إلى القبعات بأشكالها المختلفة تتفاوت الفخامة لكن لا تتفاوت الرغبة في البروز وادعاء الشهرة سواء كانت في الفن أو الأدب أو السينما أو الطرب , فللزي كاريزما.كاريزما *** لو خلع تشي جيفارا قبعته ربما لن نتذكره , وكذلك عباس محمود العقاد و محمد الماغوط و الجواهري و توفيق الحكيم و آخرون , اعتدنا على زيهم المحرض , ولباسهم الذي يدل على مزاجهم الصعب, و جلستهم الأكثر غرابة, و تقاسيم وجوههم المكتهلة , التي تجر ورائها عربة الذاكرة , و تشد آذاننا كي نصغي لمستقبل مؤجل, كل من يمر على هؤلاء المبدعين أو المشاهير يجد أن القبعة المائلة أصبحت جزءاً من الكاريزما , و هوية شاخصة ترمز إلى الكثير من الغامض في السلوك , تشعر_ أحيانا ً بأنك أمام نصب تذكاري أو قامة فارعة ترسمها الظلال, نحن بلا شك نتوخى تفسير حالة نفسية إما متورطة بالخيبة أو غارقة في جنون العظمة سواء بالتخيل الكتابي أو بالتصور أو لمجرد الاستغراق في الذات يمنح المبدعين خصوصاً مرآة غيبية لا نبصرها , و لكنها تنوء بالتعب و الشيزوفرانيا, إذ أن زيادة التفكير بالمصير و بالغد يهب الكائن فوبيا , و يجعله ينحت آماله بفأس التناهيد. قد تكون قبعة الجواهري سبباً آخر في شهرته , فهو يتفنن في نسيجها و زخرفتها من نسيج خاص يطلبه من تشيكوسلوفاكيا قبل سقوطها, كما أن ميلانها يزيده كبرياءً و غروراً , وقد أشار غير مرة في مقابلاته و حواراته إلى أن قبعته المائلة كانت رفيقاً له في المحنة لدرجة أنها لا تفارقه حتى وقت النوم ولو سقطت يفز من سباته العميق , كما أنها قد تصبح عاراً عليه لحظات سوداء و غامضة , فمن سينتقم من الجواهري مثلاً لو باتت قبعته فتيلاً لإشعال الفتنة , و من هنا تأتي ضريبة الشهرة إما سلبا ً أو إيجابا ً , و نذكر مما يذكره الجواهري في سيرته الذاتية أنه كان في قرية افريقية نائية وأشار له أحد الصبية بقوله ( هذا هو الجواهري ), و موقف محفلي كهذا قد يشي بالغرور, و الأنفة لشاعر كالجواهري يعنيه الصيت و الشهرة , ولكن لو لم تكن القبعة المائلة على رأسه , هل سيتذكره المارون على أرصفة الحزن و الجوع في أفريقيا ؟! . لقد رأينا شال أم كلثوم و كوفية ياسر عرفات و عصا مستر بن و سيجار كاسترو, لحية شوبنهاور, و الشعر المنفلت لاينشتاين , و غيرهم ممن شغلوا أنفسهم بملامح خاصة باتت مشهدا ً بارزا ً في الشخصية كما كانت سمة مغايرة أدت بشكل أو بأخر إلى إشهار سلوك ما , أو التلميح لشيء آخر . فكيف تقف بحياد أم بدهشة ؟! عندما تقرأ نفسية مبدع عابر بالجوار و أنت تبرر حالاته أو تترصدها بنقد ثقافي حتى تسبر أغواره لا أكثر , حيث أن وجود الإنسان يحدد وعيه و ليس وعيه الذي يحدد وجوده بتعبير كارل ماركس أو بتعبير فرويد الذي يقول (( إذا كانت الحضارة تفرض مثل هذه التضحيات الباهظة لا على الجنسية و حسب بل على العدوانية أيضا ً , فإننا نفهم في هذه الحال فهما ً أحسن لماذا يعسر على الإنسان غاية العسر أن يجد في ظلها سعادة )) . من هنا نقترب أكثر من مفهوم الاغتراب النفسي و ليس صعبا ً أن نحلل الذاكرة أو أن نمرر بصيرتنا كي نفتضح سوداوية العقل الباطن الذي يصعد بقوة تجاه الكينونة و يهبط بقوة مضادة في قلق و ارتباك لعدم تحقيق الذات , و هنا تعلو النبرة و تخفت بشكل لا إرادي , ولذلك تساعدنا القبعة المائلة في هدم الصورة المتخيلة حول كبرياء المبدع و أرستقراطيته المزعومة كي نكون أكثر حميمية و بساطة في أدراك أن الحالات التي تعكس قيمة الماضي و صقل تحولاته في واقع يعاني من اضطراب أيضا ً و عدم تحقق على المستوى الشخصي و الوطني حينها لا مفر من قبعة مائلة , و قلب منكسر , و ظلال تعربد في المتيه . قد يتساءل البعض , ماذا لو لبسنا قبعة , و خرجنا , أو تهندمنا بشكل خاص هل سنمرر هويتنا للآخرين , و نظل شخوصا ً للذكرى ؟!! هنالك أسئلة متباينة و الإجابات عادة ً مفتوحة إزاء مواقف كهذه , فمن يحملق بنظره عند أي صورة لأدولف هتلر , هل يستحضر معه جرائم النازية !!! أم يضحك بلحظة غامرة لا تأويل يقتحمها و هو يطالع في شواربه التي أتقن صنعها عبر زمن موحش بالقتل ؟!! نحن إذا أمام حالات متغيرة , ولكن الأرجح أن المشاهير و المبدعين أيا ً كانت توجهاتهم يعمدون الى التميز في الشكل ناهيك عن الكلام أو البحث الدؤوب عن فكرة صادمة , فهنالك مايكل جاكسون الذي حارب سمرته بالقوة و بالفعل غير ملامحه ليكون مختلفا ً , و مستلبا ً لشكل غربي أصبح مألوفا ً و معتادا ً فيما بعد, و العالم كله يتسمر لأغاني الراب و رقصاته التي يقلدها الشباب من شرق اللحن إلى غرب الموسيقى , كل غريب وراءه ملتاعون و كل مشهور نجده يتحول إلى ماركة في لباسه غالبا ً , أما تقليد السلوك فهو مفتعل , أكثر ما يؤثر هو الشكل و الفكر , و هذا يظهر لدى بعض من السيدات مثل ( مارلين مونرو أو باريس هلتون أو جينيفر لوبيز ) على اختلافهم كمشاهير عبروا القارات , فهن سيدات كل نبضة تشهق في عروقهن يسيل لعاب العالم معها . ما هنالك وطن للقبعات , و لا هوية ثابتة , فمن العمائم إلى الطرابيش إلى العقال و الكوفية إلى القبعات بأشكالها المختلفة تتفاوت الفخامة لكن لا تتفاوت الرغبة في البروز وادعاء الشهرة سواء كانت في الفن أو الأدب أو السينما أو الطرب , فللزي كاريزما.