تسعة الاف حالة طلاق من اصل 11 الف زيجة في محافظة النجف فقط
من خلال متابعتنا للصحف ووسائل الإعلام ومن خلال معايشتنا لما يجري في المجتمع العراقي ، ذهلنا حقا من الأرقام الإحصائية المهولة حول عدد حالات الطلاق في العراق فمثلا نقرأ على شاشة الشرقية خبر يقول ( ارتفاع حالات الطلاق في النجف حيث بلغتتسعة لاف حالة طلاق من أصل ((11)) الف حالة زواج، وقد تحدث كاتبان صحفيان في مقالتين متواليتين في جريدة الزمان حول استفحال هذه الظاهرة الخطيرة التي أخذت تهدد بحدوث كارثة اجتماعية من الصعوبة التنبوء بآثارها الخطيرة على النسيج الاجتماعي العراقي مقالة ((الطلاق في العراق صدمة اجتماعية)) – بقلم نهاد الحديثي بتاريخ 18-2-2017، ومقالة (( كلام أبناء المطلقات)) بقلم الأستاذ فيصل العايش بتاريخ16-2-2017، ومن الملاحظ ان اغلب حالات الطلاق تكون من قبل الشباب من أشباه الرجال الذين يتهربون من مسؤولياتهم في رعاية عائلة والقيام بواجباتها الحياتية ، خصوصا وان اغلبهم يعتمد في معيشته وتدبير أموره اليومية على والديه ، وخصوصا الأم ، فما ان تنفر امه أو أخته من زوجته حتى ينقاد الي قرارها بالطلاق هذا الباب الخطير للخراب الاجتماعي الذي وجده مفتوحا من قبل :-
أولا : الدين حيث اكتفى وحسب الفهم العام للمسلم بمقولة ((ابغض الحلال عند الله الطلاق))، بمعنى أجاز الطلاق والطلاق هو بيد الرجل صاحب العصمة ، وفي الآونة الأخيرة نرى إعدادا من العمائم المرتزقة تفترش أرصفة المحاكم باسم (( المأذون الشرعي)) لتسهيل عملية الزواج والطلاق لمن يرغب دون أية إجراءات احترازية وتنويرية لمن يقوم بهذا الإجراء المهم ان يتقاضى المأذون أجرة ورقته الماذونه !!!
ثانيا:- الدور السلبي للأعراف العشائرية عند حدوث الطلاق فلم تتضمن اعرافهم أية عقوبة مادية أو معنوية رادعة لمثل هذه الحالات القهرية والتعسفية ، حيث غالبا ما ينتهي دورهم عند (( المشية)) وتناول حلويات اخذ رضا ولي أمر الفتاة بتزويج بنته لابن فلان الفلاني الذي جاؤوا معه حشدا لتزكيته وشبه إجبار لولي أمر الفتاة بالموافقة ، رغم ان حالة الطلاق التعسفي هذه وخصوصا لمن لديها أطفال تساوي جريمة القتل ان لم تفوقها خطورة ، لأنه قتل عمد لأكثر من روح بريئة ومع سبق الإصرار ، يرتكبها من يفترض ان يكون راعيها وحاميها فأين هنا الغيرة العشائرية وقيمها الإنسانية ومسؤوليتها الاجتماعية … ومن المعروف ان خطبة الفتاة وموافقة ولي أمرها غالبا لا تتم الا بحضور أقرباء ووجهاء العشيرتين المتصاهرتين ، وتعهد كل منهما بحسن سلوك والتزام كل من الطرفين بواجباته الزوجية سواء الفتاة أو الفتى طالب الزواج ، وبذلك يتوجب عليهم أخلاقيا وإنسانيا وعشائريا إنصاف المظلوم ومحاسبة الظالم والحرص التام على وحدة العائلة ومستقبلها .
ثالثا :- القانون نرى ان القانون لا يقوم بردع من قام باتخاذ وارتكاب جريمة الطلاق التعسفي وبعد سلسلة من المرافعات الشكلية تتحمل وزرها المطلقة وأطفالها وتعرضها لمختلف أنواع الابتزاز ،سوى إلزامه بالمهر المعجل والمؤجل وبإقساط مريحة جدا ، وغالبا ما يحتال على القانون لإظهار عدم قدرته على دفع الا مبلغا تافها بما ترتب عليه من مهريها ومن حق النفقة ، لا تشكل إي ثقل على الجاني مقابل تمليكه قرار خلو شخصه من أية مسؤولية عن جريمته المشهودة بالقتل المادي والمعنوي للزوجة وأطفالها . كما يتوجب ان تزود المطلقة ربة البيت التي ليس لها دخل تعيش منه بكتاب يلزم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بشمولها الفوري هي وأطفالها براتب الرعاية الاجتماعية ومن تاريخ نفاذ قرار الطلاق .
لذلك نرى ان الواجب الإنساني والتني والديني والعشائري يتطلب من كافة أصحاب الضمائر الحية ، من البرلمان العراقي ، منظمات حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل ، وكافة منظمات المجتمع المدني ، والقضاة ، والمراجع الدينين ، وخطباء الجوامع ، والصحفيين ، والمثقفين والأدباء بالعمل على منع هذه الجريمة البشعة التي أصبحت كالوباء الخطير المتفشي في المجتمع والمهدد بانهياره ، ونقترح ضرورة التأكيد على مايلي :-
أولا :- ان تعيد المراجع الدينية النظر في إحكام الطلاق وفق للظروف الراهنة والمستجدات الواقعية حاليا ، والتشدد في إجازة الطلاق وتحريم الطلاق التعسفي تحريما قاطعا ، ومنع رجل الدين المأذون وغير المأذون بإجرائه ، فمثل هذا الفعل أكثر خطرا من شرب الحمرة ومن أكل لحم الخنزير ومن لعب القمار وكلها محرمة في شرع الإسلام وفي كل المذاهب . ثانيا :- على العشائر ان تعتبر حالة الطلاق التعسفي ، حالة قتل متعمد ومع سبق الإصرار وبدون إي ذنب فعل استفزازي من قبل الضحية لدفع المجرم على ارتكاب جريمته ، وتكون الدية والفصل مضاعفة في حالة وجود أطفال قصر ، وان لا تقل هذه الدية عن دية القتل المعمول بها عشائريا ودينيا ، وإلزامه بإجراء معاش مناسب يتكفل في إعاشة ولباس وتعليم وصبابة الاطفال يقدره اهل الخبرة واهل الحظ والبخت ، وان تلزم عشيرة الجاني بدفع الدية والمصروفات في حال عدم التزام الجاني بها ، فالمرأة المطلقة تعتبر مقتولة جسديا ومعنويا واجتماعيا ، مما يحول دون اضطرار ولاة أمر المطلقة المظلومة بالتصرف الفردي ردا على مثل هذه الحالة من الاستفزاز والقهر ، والإقدام على عمل كرد فعل وارتكاب جريمة لا تحمد عقباها وبالتالي ضياع العائلتين بسبب عدم الإنصاف .
ثالثا :- ان تعمل الحكومة على اقتراح مشروع قانون يقر في البرلمان ، يمنع الطلاق التعسفي منعا باتا ، وفي حال إصرار الرجل على إجرائه ، يلزم بدفع مهريها الحاضر والغائب مضروبا بما لا يقل عن أربعة مرات بمقداره المذكور في عقد الزواج ، وان يكون الدفع فوريا وليس بالتقسيط ، يلزم المتعسف بتأمين السكن ومستلزمات العيش اللائقة من أكل وملبس وتعليم وصبابة لطليقته وأطفالها حتى بلوغ القصر سن الرشد والاعتماد على الذات ، وانقطاعه عن الزوجة في حالة زواجها . كما تقوم المحاكم بمنع وطرد سماسرة الطلاق والزواج من التواجد في أبواب المحاكم والذي يعتبر وجودهم مساسا بعدالة وشرعية المحاكم الشرعية.