الهنوف
لقد اهتمت الشريعة الإسلامية بالتربية و حسن الخلق اهتماما ً خاصا ًحيث قال سيد الوجود (صلى الله عليه وآله وسلم) ﺇنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق . ولاشك أن ألأخلاق هي الدعامة ألأولى لحفظ كيان المجتمع . من اجل ذلك كانت رسالة ألأنبياء على نبينا وعليهم أفضل الصلاة هي ألحث على ألأخلاق الفاضلة . و جاء القرآن الكريم مشددا ًعلى التمسك بها. لأنها هي التي تحقق الفوز بالنعيم الأخروي . فأن الفضائل التي أمر بها القرآن هي الفضائل ألإنسانية ألحقة التي اجمع الفلاسفة و دعاة ألإصلاح في العالم على المناداة بها والتي لو عمل بها الناس لحصلوا على أعظم الخير لعالمهم المضطرب . و الرذائل التي لا يشك في ضررها أي مخلص يبتغي الخير للأنسانية .. و من أهم هذه الفضائل هي الاستقامة وإصلاح النفس و تزكيتها . و يتنازع الإنسان في هذه الحياة عاملا الخير و الشر . و كثيرا ًما ينساق لأحدهما بدفع داخلي أو مؤثر خارجي .. والدين من أهم أهدافه وقاية ألإنسان من نزعات الشر ببيان ضرره والتحذير منه ودعوة الذين تورطوا فيه إلى الاستقامة تبعا ً لملء أرادة رب العزة سبحانه لعباده . وألأستقامة هي أقوى سبب للرقي . و ما سيطرت هذه الرغبة في قوم الا صلح حالهم واستقر السلام في ما بينهم .. و الإنسان أذا لم تصاحبه الرغبة في ألأستقامة ضعف أقباله على ألخير و أصبح هدفا ًسهلا ً للتورط في الآثام . ولهذا نرى ألدين ألإسلامي أولى ألأستقامة اهتماما ًخاصا ً.. و دعا أليها بأسلوب يستهوي ألأنفس و يؤثر في أعمق أعماقها بما وعد المستقيمين من ألأجر العظيم و حسن المثوبة في الدنيا و الآخرة . قال رب العزة في كتابه الكريم ((أن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون)) .وجاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ((فقال ..أوصني يا رسول الله ) فأجابه سيد الخلق بهذه الكلمة الموجزة الوافية (قل آمنت بالله ثم استقم) )) . ومما يتوافق مع معنى الاستقامة أصلاح النفس و تزكيتها . لأن التمادي في الشر يجر إلى أوخم العواقب على النفس ألإنسانية وعلى المجتمع ولهذا وعد الله سبحانه الذين يصلحون أنفسهم بالغفران و ألرضى بقوله تبارك وتعالى ((فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فأن الله يتوب عليه )) ومما ينسجم مع الاستقامة أيضا ًما عرّفه القرآن بتزكية النفس ومعناها الطهر من الأدناس والسمو على النقائض . ووضع النفس حيث يطيب موضعها ويرتفع قدرها لتأخذ عند الله حظها من الرضوان . وبين الناس نصيبها من الكرامة ولهذا حث القرآن الكريم على تزكية النفس ووعد بالفلاح من اخذ بها، قال سبحانه في النفس ألإنسانية ((قد افلح من زكاها و قد خاب من دساها)) . لذلك فأن الاستقامة وأصلاح النفس وتزكيتها صفات تفتح أبواب الأمل للذين تورطوا في ألأثم لتغيير حياتهم إلى حياة أفضل وتبعد عنهم اليأس من أصلاح أنفسهم لأن اليأس أذا تمكن من نفوسهم جعلهم عنصر شر لا يمكن أصلاحه .
فالاستقامة وحسن الخلق أساسها بيت صالح بني على تقوى الله وعبادته أساسها أسرة اكتملت فيها جميع الصفات العالية والسامية .. أساسها أب وأم ربوا أولادهم على أرفع مستوى من حسن الخلق وألأدب ألذي أمر به وشدد عليه ألدين ألأسلامي .. أساسها التمسك بكتاب الله وسنة رسول الله (صلى الله عليه و سلم) . أننا كثيرا ً ما نرى اليوم أطفالا ًو شبابا ًمن كلا الجنسين من هم يفتقرون إلى ألأخلاق ألحميدة ومن تنقصهم ألتربية وألأدب و عدم الاحترام . حيث انحرفوا في تيار الخطيئة وألأثم مما جعلهم يؤتون تصرفات مخجلة ويعلقون ذلك على شماعة (التقدم الحضاري).عجبا ً أفهل سوء التربية وألأدب هو تقدم حضاري ..؟ وهل ألتمادي في ألأنحراف وراء الشهوات وألنزعات الشيطانية هو تقدم حضاري ..؟ هل تمرد الولد وعصيانه لأبويه وتصرفه على هواه وانحرافه وراء المغريات هو تقدم حضاري ..؟ كلا و الله بل هو التخلف في حد ذاته و الانقياد لتقليد الغرب بكل ما هو منكر و مشين ومخالف لديننا و أخلاقنا و تقاليدنا التي أمرنا بالتمسك بها . ان معنى التقدم الحضاري وأساسه ألأخلاق فالأخلاق الفاضلة أساس كل مجتمع سليم .. لكوننا عربا ومسلمين لنا كرامتنا و عزة النفس التي تمنعنا من السماح لأنفسنا بتقليد الغير. لنا أصول ومبادئ تمنعنا من الانحراف وراء الشهوات لذلك يجب أن نصحح الخطأ و نساعد كل من يفتقر إلى الصفات السامية بالنصيحة والرشد وبيان مساوئ الرذائل وحطها لقيمة الفرد والمجتمع معا واجلاء محاسن الفضائل ورفعها لقيمة الفرد والمجتمع، ولنجعل منهم أفرادا ً لائقين بمجتمعنا و لنحقق بذلك مجتمعا راقيا في أسلوبه وصفاته وفي تعامله مع الغير ولنكون مجتمعا ًصالحا ًونظيفآ وقائدا ً للمجتمعات ألأخرى . و اسأل الله سبحانه أن يجعل بلدنا و أهله قادة في خلقهم قادة في فكرهم و قادة في رقيهم و سموهم انه نعم المجيب و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..