صاحب الامتياز
رئيس التحرير
عبدالرضا الحميد

قطرات هاربة على سطح احلام سرية

 

 نادية العبيدي

كنت استمع لوقع ترنيماتها متراقصة فوق السطح المعدني وهي تتكتك متوالية متسارعة التكتكات الواحدة تلو الاخرى متجمعة في ذلك الصحن الابيض …!!! كانت القطرات تتدافع شاقة زيق الليل الثقيل حالك السواد وداكن الملامح بصدمات صارمة غير آبهة بأحد وتثير داخل النفس المصغية رعبا حقيقيا وتجعل من جدران الغرفة سجنا رهيبا يطبق على الروح حتى تتحول الى محض دخان معلق على صمتها رث الثياب وتختبيء في طياتها الافكار الممزقة التي خلت من اي مظهر للحياة الا من بقايا  ابتسامة خفية تغالب وتصارع بها الخوف القابع خلف تلك الجدران..!!
كان لوقع القطرات صدى مرعبا يحرض النفس على البكاء واقفال الروح على الروح والبحث والتفتيش عن نقطة نظام غير قانونية احيانا يشتط بها الخيال راكضا كحصان جامح فوق الاراضي الخضر في وادي الاحلام …
من بين ركام الاسئلة ، واقتناص الالم وانتشال الاه من حنجرة الذات . حاورت نفسي مستفسرة كي اتصنع عدم الاهتمام بذلك الصوت وكأنك تجلس معي وسط هذه الهالات الكبيرة المرتسمة خلف ذلك الضوء الخافت البعيد المنبعث من تحت الركام … اقول: هل جربت طعم الليل ..؟!! بل هل تذوقت مرارة وحدتك وانت تحاكمها فتجيبك بتمرد ودون مبالاة وتحاججك بما استودعته من صباك واخفيته سراً حتى عنها تحت وسادة صامتة وطلبت منها ان تكتم بقوة وبكلتا يديها ذلك الضجيج قبل ان يستحوذ عليك ويلتحم مع هرطقة الاه وينتصر على نفسك ..!! اتخشى ان تعلن الان استسلامك لها كي تسرد لها قصتك الصامتة .. هل ستقف للحظة كي تبث حزنك وشقاءك وطيات احلامك السرية ..؟ هل احزنك وارعبك تهديداتها وهي تهوم من بعيد بالاحلام المخبأة وتخشى عليها من ان تستلها الواحدة تلو الاخرى وتكنها في سلال الزمان البائس .. فتشعر ان اسنانك تصطك غضباً وما الذ تلك اللحظات وانت تستشعر بحبات العرق البارد يغسل صدغيك .. وتفتح طريقاً الى تلك الوسادة كي تمسح نهايات عبراتك …
حاولت جاهدة التغاضي عن الاجراس الفلكية المهولة لتلك القطرات .. بل تلك اللحظات .. او تلك الافكار السوداوية .. فلم افلح .. فما كان بي الا ان ازحف نحو الضوء الخافت متجاهلة الهالات التي خلفها فوق سقف الغرفة .. وتوجهت الى مكان الصوت .. ومددت يدي بأرتجاف .. واغلقت المصدر ..!! حينها فقط ارتاحت روحي وشعرت بالامان .. وعدت ادراجي كي اسند راسي واريحه على وسادتي الحبيبة ومددت يدي خفية تحتها كي اطمأن بأن احلامي لا تزال موجودة ولم تخطف او تنتهي الى سلال الزمن.

Facebook
Twitter