تَطهُّر
في ذُروة الألمْ
ينتفضُ الحزنُ الذي يكّظمُهُ
من فروةِ الرأسِ لأَخمصِ القَدمْ
يا أيُّها العائدُ في الموتِ من الموتِ :
فهل يستشفعُ النَدمْ ؟
………
يسألني :
فهل هناك غيمةٌ
يغتسلُ الجُرمُ بها ،
وَيَسّتحمُّ ليلهُ من الحَزَنْ ؟
أو تختفي كبائرٌ حُبلى
من المفاجآت في الزمن؟
-: قد تُطفأ الآثامُ في سحابةٍ ،
يبتهلُ السرُّ بها ،
وما ارتكبتَ في العَلنْ
وربّما تنكسرُ المرآةُ
في خيانة العيونِ ،
أو خيانة النساءِ ،
والذنوب تنجلي بها ..!
.. إلا خيانة الوطنْ
غُربةُ ضَوء ……
رِيحٌ مشاكِسةٌ خِطابُ تَنابزِ المُدنِ القَديمةِ ،
أورَثتْ للبَحرِ حِكمتَها ،
و جمهرةٌ منَ العُشّاق ينتظرونَ أشرِعةً ،
منَ الدورانِ أنهكَها العُبابْ ،
و لَا مَوانئَ تُرتَجى ،
فنُعيدُ للإبحارِ أنثى الشمسِ فِي خُسفِ الضَبابْ
ألخوفُ ظِلٌّ دائمٌ و الموجُ أغنيةُ السواحلِ .. ؟
أيُّ بَارقةٍ تَهلُّ .. و لا صواعقَ في السَحابْ
أ تُرى أزيز الرعدِ يهدي التائِهينَ بلَيلِ غابْ ،
ألهاربينَ منَ العذابْ ..؟
….
سرَقَ الحُواةُ الفجرَ ،
لا قمرٌ يُضيءُ مَزاغلَ الشُّعراءِ ،
لا مطرٌ ينِثْ ،
أو يستفيقُ الحلمُ في عَينٍ مُسهَّدةٍ تئنُّ منَ الرَمَدْ
للّؤلؤِ المكنونِ تحتَ محارةٍ عَطشى، أصَختُ ، و ما رَآنِي :
البحرُ في جزرٍ وَ مَدْ
فِي كُلِّ جُرحٍ زَهرةٌ ،
وَ لِكلِّ حَبلٍ قاربٌ
و مَا انتبهتُ إلَى المَسَدْ
تَمضي السَواعدُ فِي الطُموحِ .. و الرَحيلُ ،
سَفائنٌ ، و نوارسٌ تعِبتْ من الطيَران ،
أشجارٌ بلا أغصانَ يابِسةٌ ،
تنوءُ بجثّةِ الزمَنِ الرديءِ ،
وَ تستغيثُ وَ لَا مُغيثَ و لَا أَحَدْ
و برُغمِ مَا تَحشو الكلابُ نباحَها ،
و فحيحُ ألسنةِ الأفاعِي في البَلَدْ
حفَرَ السُراةُ لُحودَهم ،
و تجذّروا بالنَبعِ في كأسين من ولَهِ الغرامِ ،
مقارعين الدود ،
أوغاد الشياطينِ ، الغُواة ،
ومَنْ تنمّرَ و استبَدْ
الصابرونَ مُرابِطونَ ،
الشمسُ صاغتهُم كِباراً حالِمينَ ،
و يصنعونَ منَ النبيذِ الحُبَّ و الطيرَ الأبابيلَ ،
و لم ينجُ بهم غيرُ اغتباطِ الموتِ منْ شَرِّ الحَسَدْ
أحلامُنا وُئِدتْ بشَمعِ النازِحينَ منَ الظَلامْ
حَجَرٌ قلوبهُمُ ، فدَعْهمْ يَحرِثونَ النارَ
و الدَغلَ المُخَضَّبَ بالدماءِ ، أمَا رَأيتَ :
الوَعلُ غَامرَ مَا اتّأدْ
ﻻ إِرثَ للمدنِ القديمةِ فِي الزمانْ ..
ﻻ حُلمَ يصمدُ فِي الأبَدْ ….