الارهابي ابو ايوب المصري يتزوج عددا من النساء باسماء مستعارة مختلفة
لم يأتِ اختيار أبوحمزة المهاجر أو ‘أبوأيوب المصري’ من فراغ، فالرجل له تاريخ إرهابي طويل يؤهله لقيادة التنظيم. وفي الخامس عشر من شهر يونيو 2006، أعلن الجنرال ويليام كالدويل، المتحدث باسم الجيش الأمريكي في العراق في مؤتمر صحفي أن أبوأيوب المصري هو في الحقيقة ‘أبوحمزة المهاجر’، وأنه أصبح زعيماً لتنظيم القاعدة في العراق بعد مقتل ‘أبومصعب الزرقاوي’، وعرض الجنرال ‘كالدويل’ صورة لزعيم ‘القاعدة’ الجديد، وقال ‘إن الجيش الأمريكي يلاحق هذا الرجل، وإنه تم رصد خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلي القبض عليه’. في هذا الوقت وعقب نشر صورة ‘أبوأيوب المصري’ أعلنت مصادر أمنية مصرية أن صاحب هذه الصورة هو الإخواني السابق والقيادي في جماعة الجهاد ‘محمد فؤاد حسن السيد هزاع، الشهير بالشيخ شريف هزاع’.
وكان من المثير للاهتمام أن تعلن الجهات الأمنية أن ‘هزاع’ لا يزال نزيلاً في سجن استقبال طرة منذ سبع سنوات ولم يخرج من السجن أصلاً حتي يذهب إلي العراق، وأن المعلومات الخاصة به تقول إنه من مواليد شبين الكوم بمحافظة المنوفية، وإنه مسجون برقم قيد 4512 وفصيلة دمه ‘B’ ويحمل بطاقة أحوال مدنية رقم 3716 المنوفية وصادرة بتاريخ 26 مايو 1990.
وقد أشارت المصادر الأمنية إلي أن محمد فؤاد حسن السيد هزاع، الشهير بشريف هزاع، كان عضواً في تنظيم ‘الإخوان’ ثم انتقل إلي التيار السلفي وبعدها انضم إلي التنظيمات الجهادية التي التقي بعدد من قياداتها في أفغانستان، ثم عاد إلي مصر حتي تم القبض عليه في أغسطس 1999، وتم توجيه الاتهام إليه بالانضمام إلي تنظيم ‘العائدين من ألبانيا’ وتم تقديمه للمحاكمة العسكرية، حيث قضت المحكمة ببراءته، فصدر قرار باعتقاله، وظل يتنقل بين السجون المصرية إلي أن استقر به الحال في سجن استقبال طرة. بعد نشر خبر مقتله في العراق، ملحقاً بصورته الحقيقية، أرسلت زوجته ‘أم بلال’ بياناً مكتوباً إلي الصحافة ووسائل الإعلام أبدت فيه دهشتها من الأنباء التي تقول إن زوجها قد قُتل في العراق، وأكدت أنه لا يزال في سجنه وأنه لا صحة للأنباء التي تقول إنه قُتل في العراق وقد كان يقود تنظيماً إرهابياً في العراق.
وقال ‘أم بلال’ في البيان المنسوب إليها، إن زوجها يعاني انسداداً في شرايين القلب وارتفاعاً في ضغط الدم والتهاباً في الغضاريف بالعمود الفقري، وهو لا يستطيع الحركة، وحالته حرجة للغاية.
غير أن المفاجأة الخطيرة جاءت من اليمن، جاءت علي لسان الزوجة اليمنية ‘حسناء.ع.ح’ التي اكتشفت أن زوجها ‘أبوأيوب المصري’ يحمل جواز سفر باسم محمد فؤاد حسن السيد هزاع، بالرغم من أنه تزوجها في صنعاء عام 1998 بجواز سفر يحمل اسم ‘يوسف حداد لبيب’.
إن الأغرب من كل ذلك أنه ليس محمد هزاع ولا يوسف لبيب، ولكن اتضح أن اسمه الحقيقي هو عبد المنعم عزالدين علي البدوي من مواليد محافظة سوهاج في صعيد مصر عام 1968، وقد تدرج في المواقع القيادية في تنظيم الجهاد، ثم انضم إلي تنظيم القاعدة في اليمن وأصبح من قيادات التنظيم في العراق، ثم أميراً لمجلس شوري التنظيم، وتم اختياره خليفة لأبي مصعب الزرقاوي بالإجماع في يوليو 2006.
وقد نجا أبوحمزة المهاجر أو ‘أبوأيوب المصري’ من محاولة لقتله، حيث تمكنت القوات الأمريكية والعراقية من قتل الشخص الذي كان مرافقاً لـ’أبوحمزة المهاجر’ وتمكن من الهرب، في حين تم اعتقال زوجته اليمنية ‘حسناء’، وبعدها انتقل إلي الفلوجة لفترة قصيرة ثم إلي منطقة ‘زوبع’ في ‘أبوغريب’.
بعد إعلان قيام ‘الدولة الإسلامية في العراق’ تحت رئاسة ‘أبوعمر البغدادي’، تم اختيار أبوحمزة المهاجر وزيراً للحرب ونائباً أول لرئيس دولة العراق الإسلامية، بعد أن سبق له أن أعلن مبايعته لابي عمر البغدادي، زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، ليحدث بذلك اندماج كامل بين تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين مع التنظيم الذي يقوده أبوعمر البغدادي تحت اسم ‘الدولة الإسلامية في العراق’. وقد استطاع ابو عمر البغدادي أن يعيد بناء قواعد التنظيم وأن ينشر دعوته في العديد من مناطق العراق المختلفة، وقد ارتكب في هذا الوقت مجازر إرهابية بشعة ضد معارضيه وفي مناطق أخري متعددة في العراق.
في عام 2007 انتقل أبوحمزة المهاجر ‘أبوأيوب المصري’ إلي منطقة الثرثار الصحراوية التي تقع علي مسافة لا تزيد علي عشرة كيلومترات من تكريت، وظل يتنقل في أكثر من منزل إلي أن رصدته المخابرات الأمريكية وكان يختبئ في أحد المنازل مع ‘أبوعمر البغدادي’ فقامت بشن عملية مشتركة مع القوات العراقية يوم الاثنين 10 أبريل 2010، وبعد اشتباكات عنيفة واستدعاء للطائرات تم قصف المنزل، وأسفرت المعركة عن مقتل ‘أبوعمر البغدادي’ زعيم ‘الدولة الإسلامية في العراق’ ومعه أبوحمزة المهاجر ‘أبوأيوب المصري’، وبعد عرض صورهما صدر بيان من الجيش الأمريكي قال فيه: ‘إن مقتل هذين الإرهابيين قد يشكل ضربة قاصمة للقاعدة في العراق’.
في هذا الوقت قامت السلطات العراقية باعتقال ‘حسناء اليمنية’ زوجة أبوحمزة المهاجر، وأولاده الثلاثة ‘محمد ومريم وفاطمة’، ثم أفرجت عن الأبناء، إلا أن الحكومة رفضت الإفراج عن ‘حسناء’ اليمنية، إلا بعد تدخل الخارجية اليمنية والعديد من المنظمات الحقوقية، بعد أن أثبتت أن ‘حسناء’ لم تكن تعرف حتي مجرد الاسم الحقيقي للرجل الذي تزوجها بوثائق مزورة وأنجبت منه أطفالاً نسبتهم إلي أب يعيش باسم وهمي. لقد قُتل أبوحمزة المهاجر ولكن ظل سره مثار علامات استفهام في هذا الوقت، كيف تحول عبد المنعم بدوي إلي يوسف حداد لبيب المدرس في صنعاء ثم إلي محمد فؤاد حسن السيد هزاع الشهير بالشيخ يوسف هزاع وتنقل بين عدة دول بهذا الاسم، ليصل به الأمر بعد ذلك إلي قيادة تنظيم القاعدة في العراق تحت اسم أبوحمزة المهاجر ‘أبوأيوب المصري’، !
لقد جاءت الإجابة علي لسان ‘إبراهيم محمد صالح البناء’ القيادي البارز بتنظيم القاعدة في اليمن، الذي كشف الحقيقة كاملة في التحقيقات التي أجرتها معه السلطات اليمنية في يوم الأربعاء 25 أغسطس 2010 في أعقاب القبض عليه مباشرة.
لقد اعترف إبراهيم صالح بأنه استقبل عبد المنعم بدوي في اليمن، بعد أن وصل إليها هارباً من مصر بجواز سفر باسم ‘يوسف حداد لبيب’، وكان مسؤولاً عن تدريبه، وهو من رشحه لقيادة تنظيم القاعدة في العراق بحكم قربه من الرجل الثاني في التنظيم العالمي أيمن الظواهري في هذا الوقت.
وقد تولي عبد المنعم البدوي بعد ذلك تدريب الوافدين، واشترك مع إبراهيم البناء في تأسيس جناح مخابرات الجماعة، وقال ‘البناء’ في التحقيقات ‘إنه استطاع مع عبد المنعم بدوي أن يعدا جيشاً قوياً، خاصة فصيل المخابرات الذي ظل يقود إلي أن تولي قيادة التنظيم فالعراق خلفاً لأبومصعب الزرقاوي.
وعندما سأله المحقق عن عبد المنعم بدوي وهل هو أبوأيوب المصري قائد تنظيم القاعدة في العراق، قال إبراهيم البنَّاء: نعم اسمه الأصلي كان عبد المنعم عزالدين علي البدوي وكنيته الحقيقية أبوالدرداء، وقبل أن يسافر إلي أفغانستان عام 2000و قمت بتزوير جواز سفر له باسم ‘أبوأيوب المصري’ الحقيقي.. وقد انتحل عبد المنعم اسمه وكنيته أيضاً.
وقال: ‘في عام 1996 عندما تكاسل أحمد النجار عن قيادة الجماعة، ولم يحقق النتائج المرجوة، قام أيمن الظواهري بإقصائه وأمر بترحيله إلي ‘تيرانا في ألبانيا’ وأقام بمنطقة ‘روبابرزول’، وأسند قيادة التنظيم لي، ووقتها أعددت له جواز سفر باسم أحمد رجب محمد فودة وسافر ومعه عدد من الشباب، وقمت أيضاً بتزوير جوازات سفرهم وانضموا جميعاً إلي الجماعة في ألبانيا.
سأله المحقق.. وماذا فعلت بعد أن توليت قيادة الجماعة في اليمن؟
فأجاب: ‘اتحدنا أنا وعبد المنعم وأسسنا الجماعة علي نهج منظم جدًّا، وبدأنا في التغلغل بين القبائل في اليمن، وكوَّنا شبكة علاقات لا بأس بها بمشايخ القبائل البدوية، وكنا نبيع لهم السلاح ونستعين بهم في تدبير المأوي لأفراد الجماعة، ثم التنظيم حتي وقت قريب، وأيضاً تمكَّنَّا من ضم عدد كبير جدًّا من أبناء القبائل اليمنية والمجاهدين الهاربين من سلطات الأمن’.
وكشف إبراهيم البنَّاء أن عبد المنعم غادر اليمن ومعه محمد الظواهري، واستقرا في أفغانستان قبل أن يغادرا إلي العراق، وقال: ‘إن عبد المنعم هو المرجع المعلوماتي عن التنظيم وإن أسامة بن لادن وأيمن الظواهري كانا يستقيان معلوماتهما من عبد المنعم بدوي ومحمد الظواهري، وإن عبد المنعم كان مديراً للفصيل المخابراتي لجميع فروع التنظيم في العالم، وإنه لهذا السبب رشحه ودعمه لدي أيمن الظواهري لتولي قيادة التنظيم خلفاً للزرقاوي.(يتبع في عدد مقبل).