قرصنة في بحر الغناء ايضا

نادية العبيدي

الاذن تعشق قبل العين احيانا… وتطرب لكل ما هو جميل من الحان وانغام اصيلة … لقد كانت مرحلة السبعينيات من اهم المراحل الذهبية التي صدحت بها حناجر المغنين .. اذ تحولت الاغاني من اغان للحزن الى اغان تبشر بالفرح والسعادة … ولشدة توله المطربين والملحنين والشعراء العراقيين بالحزن واعتباره سمة لهم اصبحت العلامة الفارقة لاغانيهم.. لكن دار الاذاعة في تلك الفترة الزمنية دعت باخلاص مطربينا الكبار ان ينزعوا عنهم ثوب الحزن .. والتماس الفرح وان لم يكن موجودا .. وفي حينها اشتهر المطرب الرائع ذو الحنجرة والصوت الشجي (قحطان العطار) بأغانيه الموجعة التي تعبر عن حزن مقيم دفين .. فغنى اغنية (يكولون غني بفرح .. وانا الهموم اغناي..) واخذت الاغنية حيزا كبيرا واشتهر المطربون الاخرون مثل حسين نعمة وفاضل عواد… وابدع الملحنون كذلك بأيصال كلمات الاغاني للناس بشكل يجعلها تسيطر عليهم كلياً وتصبح لهم كزاد يومي …
ظهرت بعد ذلك اغان كثيرة ولكن لم يحالف حظ مطربيها لظروف معينة في ان ينلوا قدرا كسابقيهم في الشهرة والذيوع.. ومع تقادم الزمن واهتراء ايامه برز على الساحة العراقية بل والعربية مطربون مجهولو الهوية  اتخذوا من الاغاني القديمة جواز مرور لنجاحات متقدمة في الحيز الغنائي.. وقاموا بأعادة صياغتها وتوزيع الالحان بصورة مختلفة لا نقول كليا وانما جزئياً … ونحن لسنا ضد احياء الاغاني القديمة والاغاني التراثية منها بالذات وانما نقول: ان اي اغنية كتبت في حينها تعد شخصية وملكا صرفا للمطرب والملحن وللذاركة الجمعية قبل ذلك فليس من حق اي مطرب آخر استلاب هذا الحق وختم الاغنية وتوسيمها بأسمه وانما يجب عليه اضافة الى سعة اطلاعه من اصول الغناء والبراعة فيها ان يحترم صاحب الاغنية الاصلي وما النجاح الذي يحققه هو الا نتاج تراكم جهود سابقة بذلت في ازمنة سابقة كان ابداع الحنجرة هو جواز المرور الى عالم الابداع وليس التقنيات الموسيقية الحالية التي تهذب الصوت النشاز ..!!
لقد اصبحت سرقة الالحان والاغاني ظاهرة اعتيادية ظاهرة كالقرصنة بل ربما اشد واكثر .. والغريب بالامر ان هذه الالحان لا تسرق من قبل المطربين العراقيين فقط وانما من قبل العرب ايضا … وبكل اسف لا يشار حتى الى انها كونها عراقية وخرجت من تحت انامل عراقية وبمدرسة مقام عراقي اصيل…
واشير الى ان احياء الاغاني القديمة شيء رائع يتيح للاجيال القادمة معرفة عظماء المطربين وعظماء الملحنين لكن بشريطة ان يحفظ حقهم في ما قدموا …
كان العراق من اكثر البلدان العربية تقديماً لاغان والحان شجية لما تتميز به حياتهم من شظف العيش وهوان ولكنهم كانوا يتخطون ذلك بتقديم كل ماهو جميل ومؤثر .. وكانت المقاهي العراقية تصدح مذياعاتها القديمة بأعذب الالحان التي تصل شغاف القلب والمقامات البديعة التي بدأت الان تتحول الى مكسب للربح والوصول السريع الى القمة دون الالتفات الى الاخرين.
والسؤال المهم هنا:
لماذا بعض الاغاني التي كانت مغمورة والتي عفا عليها الزمن بدأت تظهر من جديد بصوت احيانا لا يملك حتى الطبقة القديرة للاداء!!!.

 

 

Facebook
Twitter