في ذكرى ميلاد القائد المعلم جمال عبد الناصر ووفاءً منا كابناء التيار القومي الناصري في استنهاض المسيرة التاريخية التي ارسى اسسها و بنيانها الثوري ,استدعانا الواقع للاستجابة لنداء القائد المعلم للانتصار لاهداف الامة العربية بان تكون هذه الذكرى محاولة صادقة و ثورية لاستنهاض التيار القومي الناصري من سبات استطال في الزمن لعقود وخلق بذلك فراغاً هائلاً ملأه كل من هب و دب من المثقفين و اشباه المناضلين و دعاة الثورة و فتح ابواب الامة لاختراق وغزوات لم تشهد لها الامة مثيلاً في تاريخها كله.
ان تخليد القائد المعلم جمال عبد الناصر اليوم يكون عبر استدعاء روح التجربة الثورية العظيمة و استخراج كل الروافع الفكرية الكامنة في صلب الفكر القومي الناصري و امتداداته الفكرية للمفكرين القوميين الاصيليين الذي اكملوا و عمقوا في نواصي الفكر القومي الناصري بابعاده و متونه و اصوله. فلتكن مبادرتنا وفاءً و تخليداً و استمراراً لمسيرة الثورة العربية ووفاء لذكرى القائد المعلم و كل الشهداء و المناضلين الذي ساروا على نفس الدرب.
مقدمة نظرية
إن الطريق الثوري للوحدة العربية قد اسقط نهائياً مفاهيم فاسدة عبر لقاء الأنظمة و الحكومات العربية و أصيبت عبر مسارها بلعنة السقوط التاريخي بعد إن فشلت في تحقيق الحد الأدنى من مصالح الأمة و الشعب العربيين, و أصبح الطريق الثوري الذي كشف عن هذا السقوط هو المعبر الإجباري و القادر على الانتقال إلى تجسيد أهداف الأمة العربية و المصالح العليا للشعب العربي. و سقوط مقولة التضامن العربي و اللقاء العربي و اصبح المضمون الاشتراكي والديمقراطي هو الاساس الحاكم لمضمون هذه الوحدة و اسقط نهائياً مفهوم التفاوت الاجتماعي و الطبقي بين الاقاليم لتبرير التجزئة. فكان الحل الاشتراكي و بالثورة هو القادر على اعادة بناء علاقات انتاج اشتراكية واسقاط دعاوى الاقليمية ومصالحها الطبقية و تبعيتها للراسمالية العالمية. و نستدعي هنا مقولة القائد المعلم:ان الوحدة العربية هي الثورة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية”.
وعلى هذا ا لاساس فان الوحدة الشاملة يحكمها منطق الطريق الثوري بمضامينها ا لاشتراكية والديمقراطية والتحرر من كل اشكال الاستعمار والاستبداد وهذا المنطق يسقط الجدل العقيم حول ترتيب اولويات شعارات الثورة العربية. وعلى نفس المنطق الثوري فان شكل الوحدة بهذا المنطق هو كيان سياسي واحد مكافىء لمضمون الوجود القومي وبمضامين اقتصادية-اجتماعية-سياسية يمثل قيما وقوى جديدة لدولة جديدة . وبهذا تسقط مفاهيم الواقعية والتطورية التي تحمي مصالح قوى الاستغلال الطبقي المستندة الى الاقليمية ويصبح التضامن العربي واللقاء العربي واشكال التعاون الاقتصادي مجرد فتح لاسواق جديدة لنفس الطبقات المستغلة والتابعة مباشرة بحكم نشوئها و تكوينها في حضن الاقتصاد العالمي الرأسمالي و الذي شكل طاحونة الاستعمار والهيمنة في القرنين الاخيرين . فلم يعد امام قوى الثورة العربية غير اتباع المنطق الثوري في اسقاط هذه الكيانات ثوريا وصياغة حياة جديدة وصولا الى بناء دولة الوحدة ا لمتحررة من الاستعمار والتبعية القائمة على الكفاية و العدل وبمضمون اشتراكي حاكم .” ان الثورة هي علم تغيير المجتمع ” كما ارساها جمال عبد الناصر و ان التقدم نحو الهدف عبر الطريق الثوري يتطلب بالطبيعة و بالثورة تجسيد هذا النضال القومي بالمضامين الثورية الجديدة في اقامة الحركة العربية الواحدة التي تجسد وحدة الهدف ووحدة الثورة ووحدة الامة تجسيدا ذاتيا وموضوعيا وتعبيرا عن القيم الجديدة والقوى القادرة على انجاز اهداف الثورة.
هذه الحركة يجب ان تجسد في ميلادها ونشوئها و تكوينها المكافيء الموضوعي لوحدة النضال العربي في قومية البناء القيادة و التخطيط وا لانتشار . ان الصرامة الثورية والالتزام بمقاييس البناء القومي للحركة هو الشرط الحاكم لتحقق في نموها الذاتي الداخلي و التصاعدي تجسيداً لوحدة الشعب العربي ووحدة النضال العربي لكونها تجسيدا لأمة عربية واحدة مكتملة التكوين والوجود.
ان انتكاسة الادوات القومية السابقة لاسباب ذاتية وموضوعية لا يجب ان تشكل البيئة الحاضنة للاحباط والركود لدى المناضلين الناصريين باجيالهم السابقة واللاحقة انما يجب التعامل معها كتجربة حية متحركة حتى نراكم بالوعي الثوري وعبر نقد ذاتي صادق اسقاط العيوب و الثغرات التي اخترقت هيكل هذه الأدوات وصولا الى ضخ “روح التجربة””ومنطقها”وهدفها” بعد ان نطهرها من كل تحريف او انحراف او شخصنة شابت التجربة مثلها مثل كل التجارب ا لانسانية. ان الواقع العربي الحالي يمثل تحديا تاريخيا لقوى الثورة العربية بمثل تحدياته للوجود القومي ذاته ونسيجه الاجتماعي واعماقه الثقافية والحضارية والاخلاقية. ولم يعد امام ا لمناضلين العرب مجالا متاحا ً للخطاب النظري البحت والنضال عن بعد فقد اشبعت ثقافتنا السياسية بمخزون ثقافي-فكري-نظري هائل يتطلب النزول به الى الواقع الحي وكما يقال” ان اعظم النظريات تنتهي الى افكار بسيطة “وهذه ميزة الثوريين بأن ينزعوا عن ا لابحاث النظرية غطاءها النخبوي و اسقاطها من ابراجها العاجية الى القرى و النجوع وقاع المدن وتحويلها الى فعل ثوري وعمل انساني متحرك يستهدف تكريس وعي شعبي صلب بضرورة الانتقال من صعيد التجزئة والتذرر والاحتراب الداخلي والتأكل الذاتي للأمة الى صعيد اعلى وأرقى واعلاء القيم السياسية و الاجتماعية و الثقافية المكافئة لوحدة ا لامة العربية والديمقراطية
الحقيقية ا لمستندة الى الحرية ا لاجتماعية والتحرر النهائي من كل اشكال الاستبداد الديني والسياسي والاجتماعي وصولا لبناء القوة الذاتية العربية للمواجهة التاريخية مع العدو الخارجي و ملء الفراغ الكبير الذي اخترقه الحزام المحيط بالأمة والتي اصيبت بفقدان الوزن والدور والقوة.
ما العمل؟! انه السؤال الصنم
ان الواقع الحالي يضع امام قوى الثورة العربية تحديا مصيريا يستدعي ا لاجابة عليه حركيا و فكريا و ذلك بعد ان ثبت شكلا و مضمونا انسداد الافق امام ما يسمى “الربيع العربي” و تحوله او بنشأته الى معول هدم للوجود القومي و النسيج الاجتماعي للامة والى حصان طروادة للاختراق والغزو الخارجيين على اشكاله وبيئة حاضنة للتلوث الفيروسي للأفكار التدميرية التي اصابت العروبة وا لاسلام بمثل ما اصابت الانصهار التاريخي لمكونات ا لامة بضربات قاسية ستبقى جروحها و ندوبها لعقود قادمة على الجسد القومي كله. ان ا لمبادرة وا لاستجابة لهذا التحدي لابد ان يبدأ من:
اولا: التقاء المناضلين العرب ا لمؤمنين بمهمة البناء الحركي القومي بتشكيل حلقة نواة قومية تشمل كل ساحات الوطن مؤمنين بمقاصد وحدة النضال العربي وبناء الحركة العربية الواحدة كانتماء حاسم – حاسم نهائي – تطوري ناهيك عن انتمائهم القطري وادوارهم النضالية في ساحاتهم
ثانيا: تشكيل منسقية قومية تمثل منسقيات كل الساحات تضع وثيقة فكرية سياسية حركية و نظام داخلي يتم التنسيق له وتداوله بين اعضائها عبر مختلف الوسائط المباشرة وغير المباشرة ويتم اعتماده مبدئيا باجماع الساحات.
ثالثا: تحديد سنة واحدة بعد اعتماد الوثائق كحد أقصى بإقامة مؤتمر قومي لاعتماد الوثائق بشكل نهائي وصياغة خطة قومية لأهداف العمل واعتماد اسم الحركة وشعارها واساليب عملها طبقا لكل ساحة.
رابعا: يتم انتخاب منسقية قومية – يتم ا لاتفاق على عددها في المؤتمر- على ان يتناوب على موقع المنسق العام أحد أعضاء ألمنسقية كل ستة أشهر وحتى ا لمؤتمر التالي .
خامسا: إصدار مجلة الكترونية ابتداءً وورقية بالساحات التي تسمح لها بذلك ويتم إصدارها مركزيا .
سادسا: اعلان ا لمواقف السياسية -القومية حصرا- من كل القضايا القومية و الموقف من كل نظام عربي او دولي.
سابعا: تؤكد الحركة على وحدة الثوريين العرب الناصريين ولا تستهدف وحدة الاحزاب والتنظيمات الناصرية القائمة كأسلوب وحيد ومباشر انما يعتبر احد اساليب الحركة .
ثامنا: الايمان بوحدة الفكر القومي الناصري كمرجعية واحدة ابتداء بالتجربة الناصرية و ثورة ٢٣يوليو وكل ا لابحاث الفكرية والنظرية للمفكرين القوميين .
وعليه فان هذا ا لاقتراح /المشروع يمثل وجهة نظر مستخلصة من تجربة رابطة العرب الوحديين الناصريين و تجارب ناصرية اخرى نقدمها لكل اجيال الناصريين لنقاشها وتطويرها و إغنائها حتى تنضج و تتحول الى رافعة قومية لانقاذ النضال العربي والامة العربية في مواجهة تحدياتها المصيرية وحتى يتقدم الوحدويون الناصريون بالولوج الى ميدان الفعل الثوري و الطليعي وانجاز ا لاهداف التاريخية للامة العربية في الحرية والاشتراكية و الوحدة.