شباب مبدع ومبتكر يدعو الحكومة للتحاسب لكنها تصمت كالمومياء
خططوا لمدن اسكانية للعراقيين بلا سكن اشبه بالاحلام فما التفت لهم حكومي واحد
استوردوا مخترعات لمعالجة الحرائق وحالات النزف فوريا لكن اجهزة الدولة ظلت نائمة في كهف
كتبت: نادية العبيدي:
في مظاهرة نوعية خارج سياق التظاهرات الشبابية التي تعصف بالمدن العراقية هذه الاسابيع ، خرج شباب عراقيون ممتلئو حماسة ووعيا ومواهب وعلوما لبناء الوطن واعماره بعيدا عن دوامات التهاتر السياسي والاحتقانات المؤدلجة ، للتظاهر ليس من اجل وظائف ولا من اجل ترميم خدمات عاطلة ، ولا لاصطياد حقوق ضائعة، انما لتوكيد الحقيقة الكبرى ان العراق لا يبنيه الا اهله وشبابه المتدرع ايمانا بالله والوطن والمتسلح بالعلوم والحماسة.
في صبيحة السبت الماضي وثب شباب (مدرسة الامام علي دعوة للتوحيد) ومؤسسة اعمار العراق الى ساحة الفردوس رافعين شعارا مختلفا عن كل الشعارات التي طرحتها التظاهرات العراقية اسلوبا وغاية هو قول الامام علي عليه السلام( كن كشجرة الصندل تعطر الفأس التي تقطعها) ولسان حالهم يعلنها صراحة لمن بيده امور البلاد والعباد: ان تعال لنتحاسب.
عرض المتظاهرون على لوحات كبيرة نماذج من مواد هندسية واعمارية من كبريات الشركات العالمية، وخرائط لبناء مدن اسكانية للعراقيين بكلف واطئة، ومواد صناعية لمعالجة حالات النزف فوريا ومخترعات لمعالجة مرض السكري ، اضافة الى لوحات اخرى ضمت مخاطبات رسمية للدوائر الحكومية للافادة من ما انتجوه واستوردوه لبناء اعمار العراق ومعالجة الازمات الخانقة التي تمسك بانفاس الشعب العراقي.
الفنان التشكيلي والاعماري حمزة الازرق مدير مدرسة الامام علي دعوة للتوحيد ورئيس مؤسسة اعمار العراق حدثنا عن التظاهرة قائلا:
اسسنا عام 2003 مدرسة اسميناها ( مدرسة الامام علي دعوة للتوحيد) في مدينة الصدر بغاية مواجهة النزعات الطائفية التي تبغي احداث خلل في وحدة المؤمنين المسلمين ، وبعد ان قدمت المدرسة عطاءات يشهد بها المستفيدون منها والمتابعون لامرها ، تعرضت الى اقتحام من السلطات الامنية ثم اغلاقها ومصادرتها، ولاننا مجبولون على حب العراق وافتدائه منذ ان شببنا بين افيائه، فقد حاولنا اتباع الطرق الرسمية لاعادة المدرسة الينا لكن الاذان التي سمعتنا صماء والعيون التي قرأت مراسلاتنا عمياء ، فلم نجد بدا من ان نعطر الفأس التي قطعت شجرتنا تيمنا بقول سيد البلغاء والمتكلمين الامام علي عليه السلام، فشددنا رحال شبابنا بما عندهم من مواهب وعلوم وبما توفر لديهم من علاقات صوب شاطئ اعمار العراق واسسنا مؤسسة اعمار العراق.
ويضيف الفنان الازرق: لقد قال العاملون في مؤسسات البناء والاعمار الحكومية ان المواد الهندسية والاعمارية والبنائية المستوردة للعراق فاشلة وانها لاتعمر الا قليلا من الشهور وفي افضل الاحوال بضع سنوات لاتتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة، فخاطبنا شركات عملاقة في العالم مشهود لها بالكفاءة العالية وضمان المنتوج وادائه لسنوات طويلة تصل الى مابين خمسين الى مئة سنة، واستوردنا منها مايحتاجه العراق في ميادين الكهرباء وشبكات المياه والمجاري بمبالغ ضخمة، ولم نعرضها في السوق كي نتربح، فلم يكن الربح من اهدافنا بالمرة، انما ذهبنا الى وزارة التجارة وعرضناها في جناحها في معرض بغداد الدولي ثم سلمناها للشركة العامة لتجارة المواد الانشائية كي يتم ترويجها والافادة منها عبر الاقنية الحكومية بعيدا عن السوق السوداء ومضاربتها، وقامت الشركة مشكورة باعلام جميع الوزارات بوجود هذه المواد النوعية والممتازة وغير الداخلة للاسواق العراقية من قبل ، لكن افات الفساد التي تعتاش على الخطأ والسحت الحرام ابت ان تتعامل مع هذه المواد بل ابت ان تزور المخازن لتطلع عليها وتعرف مايفيدها في ميادين اعمالها، باستثناء محافظة بابل ومجلسها اذ تفاعلا ايجابيا وباخلاص منقطع النظير وتعاطيا مع طروحاتنا الجديدة في ساحة الاعمار تعاطيا صادقا وامينا خدمة للوطن والشعب من جهة واداء كفوءا ونزيها للواجب الذي تسنموه حينما اختارهم الناخبون العراق لهذه المسؤولية المهمة والخطيرة في هذه المرحلة من تاريخ العراق المعاصر.
ويضيف الازرق: ولتدارك الفواجع التي تتسبب بها الانفجارات والعمليات الارهابية التي تستهدف الابرياء من العراقيين عملنا على استيراد اخر مخترعات المعالجة الفورية لحالات النزف التي توقف نزف الاصابات فور وقوعها، لكن وزارة الصحة غضت الطرف عن الاستفادة، وقلنا لهم بالحرف الواحد: ياناس نحن يؤلمنا ان يظل جرح العراقي نازفا من موقع الانفجار حتى المستشفى فانقذوا حياة من يصاب من العراقيين بمعالجته فوريا وفي موقع الحدث، لكنهم ابوا ان يصغوا وكأننا نحادث حجرا اصم.
ولتدارك الحرائق التي تنجم عن الانفجارات او غيرها في الدوائر والابنية استوردنا مخترعا جديدا يقوم باطفاء الحرائق ذاتيا فور وقوعها واشعرنا جميع الوزارات والدوائر غير المرتبطة بوزارة وكنا نتوقع ان يهب الجميع للافادة منه من باب ممارسة المسؤولية الاخلاقية والوطنية والشرعية، لكننا فوجئنا بصمت مغرق في السلبية ، بل لم يبادر احد حتى الى السؤال عن ماهية هذا المخترع وكيفية اشتغاله وايجابياته ومحاسنه وكلفه البسيطة.
وبحسرة من الم اوقفنا الفنان الازرق عند المخططات الهندسية التي اعدتها مؤسسة اعمار العراق لبناء مدن اسكانية واطئة الكلفة تعالج ازمة السكن الكارثية التي تهدد امن وسلامة العائلة العراقية، وكانت بحق مخططات لمدن اشبه بالحلم، منازل انيقة، واسعة وكبيرة، تؤدي الوظائف المطلوبة من قبل اية عائلة عراقية، والمفارقة الكبرى فيها انها استخدمت ارضا افتراضية لاتتجاوز الـ 144 مترا مربعا وهي نفس المساحة التي تقوم عليها منازل مدينة الصدر.
ويقول الازرق: رغم هذا الانجاز المبارك الا ان احدا من الحكومة لم يلتفت اليه عدا محافظة بابل.
كانت بحق تظاهرة نوعية وفريدة ووخزة لضمير ميت.
قالوا للحكومة : تعالي نتحاسب
لكن الحكومة اعتكفت على نفسها وأبت ان تتحاسب مع ضمير يريد ان يبقى دائما كشجرة الصندل تعطر الفأس التي تقطعها.