كارثة وطنية كبرى اسمها: المهجرون والنازحون
منظمة (أوكسفام) البريطانية تكشف أن مجموع النازحين والمهجرين العراقيين ثمانية ملايين لاجئ غالبيتهم من النساء والأطفال والكهول!!
ارتكبت قوات الاحتلال أبشع مجازر في تاريخ الإنسانية وحولت بعض المدن والقرى الى مقابر جماعية
140 الف مجرم فار من السجون يمارسون انشطة اجرامية باختطاف الاطفال والبنات وقطع الطرق والسطو والدعارة
81 بالمئة من النازحين من منازلهم بلا ماء صالح للشرب في مخيماتهم
اعادة بناء الاحياء والمدن التي دمرتها العمليات العسكرية من اول واجبات اية حكومة وطنية
المطلوب وطنيا: تعويض ضحايا الاحتلال وعوائلهم تعويضا يتناسب مع الضرر الذي لحق بهم
المنظمة الدولية للهجرة تعترف بانتشار ظاهرة ممارسة الدعارة بين النسوة في المهاجر
الحكومة تكتفي بتقديم زجاجة ماء وبطانية وخيمة سكن للعوائل المهجرة
عمليات التهجير استهدفت تمزيق النسيج الاجتماعي العراقي وتحويل نعمة التنوع إلى مشكلة تؤرق العراقيين
العراق الدولة الاولى والاسرع في تهجير مواطنيها داخليا وخارجيا
10% من الأسر النازحة تعيلها النساء و76% من الأطفال اللاجئين لا يذهبون إلى المدارس.
انتشار امراض واوبئة (الكوليرا) و(التيفوئيد) والسرطانات في مخيمات النازحين نتيجة الاهمال الحكومي
البيشمركة قامت بدور خطير في تهجير المواطنين في أكبر عملية (تكريد) يشهدها التاريخ
انتشار ظاهرة الأطفال المشردين وعمالة الأطفال واستغلالهم في ممارسة أعمال البغاء التي تنتهك عفتهم وبراءتهم.
تفشي ظاهرة الإدمان على المخدرات والتدخين والاتجار بالممنوعات وخاصة في أوساط الأطفال والشباب.
ـ مقدمة:
يعيش الشعب العراقي منذ أن وطأت أقدام المحتل وأزلامه أرض العراق في العام 2003 مأساة لم يشهد التاريخ لها مثيلاً إلا في الحروب البربرية الهمجية، حيث عمل المحتل على تطبيق سياسة الأرض المحروقة التي دمرت كل شيء في العراق الأرض والبشر والشجر لا بل الحجر أيضاً، وانعكس ذلك كله على المواطن العراقي الذي وقع مجدداً تحت نير استبداد وقمع واضطهاد وعنف أدهى وأمر، وبات حلم المواطن العراقي الأول وشغله الشاغل هو كيفية النجاة والفرار من أتون هذه الحرب وآثارها، حيث تدافع العراقيون لطلب اللجوء إلى دول الجوار منذ اللحظة الأولى لبدء الحرب ومنها توزعوا في مختلف دول العالم بأعداد مرعبة، وسط أوضاع متردية ينقصها كل شيء، وفي المقدمة المأكل والمَلْبَس، والسعيد منهم من يحظى بفرصة لمغادرة الديار، أما من بقي في الوطن فقد لاحقته يد الإجرام لتقتل من تقتل وتشرد من تشرد فتبقي المواطن في حالة من الخوف والهلع على حياته وحياة أسرته ليعيش حياة النزوح ويكابد ألم وشظف العيش بعد أن كان آمناً مستقراً في دياره إلى حد ما حتى في أحلك الظروف التي عاشها في ظل النظام السابق، وفي هذه الدراسة نلقي الضوء على ظاهرة النزوح والتشرد والتهجير في حياة المواطن العراقي ومعاناة المهجرين بعد الاحتلال، والأسباب الكامنة وراء النزوح والتشرد والتهجير وتدهور أحوال المهجرين، وأبرز مظاهر هذه الظاهرة، ونورد بعض أساليب المعالجة والحلول الممكنة للتخفيف ما أمكن من هذه المعاناة وصولاً إلى إنهائها.
ـ ظاهرة النزوح والتشرد والتهجير في حياة المواطن العراقي ومعاناة المهجرين بعد الاحتلال:
بعد ثماني سنوات على الغزو(الأنكلو ـ أمريكي) للعراق، يعيش الشعب العراقي في جحيم لا يطاق في ساحة لتصفية الحسابات المحلية والدولية، الطائفية أو السياسية، وظهرت جريمة التهجير الجماعي والنزوح القسري للأسر العراقية داخل العراق، حتى وصل رقم المُهَجّرين قسراً والنازحين داخل العراق إلى أكثر من أربعة ملايين مواطن، بحسب تقرير لمنظمة الهجرة الدولية، ومنظمات دولية مستقلة، ليسجل النازحون العراقيون بذلك أعلى نسبة تهجير في التاريخ منذ نكبة فلسطين عام 1948م، وليأتي العراق كذلك في مقدمة الدول الأسرع تنامياً في مجال النزوح والتهجير الداخلي قبل الخارجي، بل إن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وصفت في بيانها يوم 7/1/2007م التهجير الجماعي للعراقيين بأنه، أكبر هجرة جماعية قسرية تحصل منذ الحرب العالمية الثانية.
وكشفت وزارة المهجرين والمهاجرين عن نزوح أكثر من 117000 عائلة من مناطق التوتر إلى15 محافظة منذ 9/4/2003 لغاية 29/3/2007، واحتلت بغداد المرتبة الأولى في نزوح العوائل وخاصة في مناطق الدورة وحزام بغداد الشمالي والجنوبي والغربي والتي تشمل مناطق: (الدورة، أبو غريب، المحمودية، اللطيفية ، الطارمية، الحصوة، الغزالية والسيدية وغيرها). وبموازاة هذا الاصطناع لخطوط التماس خارج بغداد هناك محاولات بدأت مبكرة لتصنيع خطوط تماس داخل بغداد وفي ضواحيها لتكون امتداداً وعمقاً إستراتيجياً للخطوط آنفة الذكر خارج بغداد، وتحول عدد من أحياء بغداد إلى مناطق مغلقة لطائفة معينة دون أخرى. وتلقت محافظة الأنبار العدد الأكبر من النازحين الذين جاء معظمهم من مدينة بغداد، وشهدت محافظة ديالى زيادة ملحوظة في عدد الفارين. وهناك ذعر حقيقي من حالات التهديد والقتل التي تحصل يومياً مما زاد في عمليات التهجير القسري الواسعة في بغداد. لقد شهدت مدينة بغداد عمليات تطهير طائفي منذ بدء الغزو وتكثَّفت بشكل واضح بعد أحداث سامراء لتغدو ظاهرة ملموسة حيث كانت مناطق شرق قناة الجيش في جانب الرصافة تمثل خط تماس أساسي في إستراتيجية تطهير طائفي منظمة لمناطق مختلفة ذات غالبية شيعية. وكانت هناك محاولة متواصلة لدفع هذا الخط غرباً نحو نهر دجلة وسط بغداد أكثر فأكثر، وبالمقابل بذلت محاولات تبدو واضحة في مناطق جانب الكرخ التي هي على تماس مباشر مع محيط بغداد الغربي والتي يراد لها أن تكون صافية طائفياً لصالح السنة على حساب الشيعة.
كانت الطامة الكبرى في الموقفين الرسمي والسياسي للدولة العراقية التي ظلت تتبادل الاتهامات واكتفت بتقديم زجاجة ماء وبطانية وخيمة سكن للعوائل المهجرة، تاركة وراء ظهرها خطورة الحالة وتأثيرها المستقبلي. إن ما قامت به الحكومة والجهات المعنية من أجل المهجرين ضئيل بالمقارنة مع احتياجاتهم الضرورية، ومن المؤسف ظاهرة عدم سماح عدد من المحافظات للمهجرين البقاء ضمن حدودها الإدارية. لقد خضعت عمليات التهجير في إطارها العام إلى “أهداف ومصالح” وأجندات خارجية وداخلية، وجرت على مستوى التطبيق الميداني أساليب تهديد مباشرة وعلنية بشتى السبل، وتسببت في نشر الذعر العام، وتوسعت السوق الرائجة لأصحاب الغرض السيئ وللعصابات الخارجة عن القانون والتي لم تترك طريقاً إلا وسلكته، لترحل الكثير من العوائل “احترازياً” واستباقاً للوقت ليكونوا أصحاب المبادرة قبل أن تفرض عليهم وتكون القضية بين الحياة والموت. وجرى تهجير الكثير من العوائل المسيحية وغيرها من القوميات الأخرى من منازلها بعد أن تمت المراحل الأولى من التهجير الطائفي وبنجاح كبير؟!!.
استهدفت عمليات التهجير تمزيق النسيج الاجتماعي العراقي وإبداله بصبغة طائفية أو عرقية وتحويل نعمة التنوع إلى مشكلة تؤرق العراقيين، وباب للاحتقان الطائفي يمكن أن يفتح في أية لحظة، وخلق جبهات متقابلة لدى جميع الأطراف واستخدام أصحاب الغرض السيئ والنفوس الضعيفة لتهديد الجميع وبلباس القومية المغايرة لكل طائفة.
لقد كان عام 2006 عام الكارثة الوطنية بكل ما تحتويه الكلمة من معنى، والدولة بطبيعة الحال تتحمل الجزء الأعظم من هذه الكارثة. وتقدر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أعداد العراقيين الذين نزحوا بعد أحداث 2003 بنحو 4.7 مليون لاجئ منهم 2.3 مليون نازح داخلياً و2.4 مليون لاجئ.
وبناء على تقديرات منظمة العفو الدولية (آمنيستي) في تقريرها الصادر في أيلول 2007 فقد تجاوز عدد اللاجئين العراقيين 4,2 مليون لاجئ، منهم من هجر بلده خوفاً من بطش الاحتلال وآخرين بسبب الاحتراب الطائفي الذي يعصف بالبلاد، وحذرت المنظمة من تفاقم هذا الوضع المأساوي معتبرة أن العالم يتجاهل هذه الأزمة الإنسانية البالغة الخطورة، وتؤكد منظمة القوات الطبية الدولية التي تتخذ من كاليفورنيا مقراً لها والتي لها أكثر من 300 موظف في العراق أن حركة المواطنين النازحين في تزايد “بمعدل مأساوي” خاصة في العاصمة العراقية التي يقطنها نحو ستة ملايين نسمة.
ووفق التقرير الحادي عشر لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق حول وضع حقوق الإنسان في العراق للفترة من 1 نيسان إلى30 حزيران 2007 فإن أعداداً كبيرة من المواطنين تعيش، بسبب إجبارهم على التخلي عن منازلهم، في ظل أوضاع متردية للغاية دون الحصول على غذاء أو معدات أو خدمات أساسية حيث بات الأطفال عرضة للإصابة بالأمراض، وإن النزوح واسع النطاق للمدنيين يتواصل بسبب استمرار أعمال العنف بما في ذلك التهديدات المباشرة بالقتل والخطف في مناطق كثيرة من العراق.
ويذكر تقرير حقوق الإنسان الفصلي الحادي عشر أن المجموعات المسلحة مازالت تستهدف المدنيين من خلال التفجيرات الانتحارية وعمليات الاختطاف والإعدام خارج إطار القانون التي يرتكبها أشخاص دون التمييز بين المدنيين والمقاتلين، ويحذر التقرير من أن هذه الهجمات الممنهجة الواسعة النطاق والتي ترتكب ضد السكان المدنيين هي بمثابة جرائم ضد الإنسانية وتشكل انتهاكاً لقوانين الحرب ويتوجب مقاضاة مرتكبيها.
يعاني المهجرون العراقيون وطالبو اللجوء من عدم الاستقرار والأوضاع المعيشية الصعبة ووقوع النسبة العالية منهم فريسة حبائل المهربين والمتصيدين، وتلعب الإجراءات الرتيبة لمكاتب استقبال اللاجئين والمنظمات الإنسانية دوراً أساسياً في إهانة العراقيين واحتقار قضيتهم العادلة بالإضافة إلى ما خلفه الاحتلال من حكومات المحاصصة الطائفية ودور هذه الطائفية السياسية الحاكمة اليوم ويدهما الطولى. وقد استغاث المهجرون مرات عديدة، وعانوا مصاعب الحياة في المخيمات واحتاجوا للمساعدات والعون لكن لم يستجب أحد لاستغاثتهم.
وتؤكد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة لهيئة الأمم المتحدة حسب بيانها الصادر يوم 18/6/2007 تواجد أكثر من 4 ملايين لاجئ عراقي اليوم في شتى أنحاء المعمورة، وأن خمسة ملايين عراقي هجروا من منازلهم منذ الاحتلال الأمريكي للعراق، وهو يمثل نصف أعداد النازحين والمهجرين في العالم، وأن 10% من الأسر النازحة تعيلها النساء وأن 76% من الأطفال اللاجئين لا يذهبون إلى المدارس.
يحتل العراق اليوم المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر النزوح والهجرة وفق دراسة ميدانية أجرتها صحيفة “آسيا نيوز”، ووفق تقديرات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين يفوق عدد النازحين الجدد شهرياً عام 2007 (60000) نازح. وقد بلغ عدد اللاجئين العراقيين في سوريا والأردن فقط أكثر من 2,5 مليون لاجئ، بينهم 500000 لاجئ في سن الدراسة.
ويؤكد معهد الدراسات الدولية التطبيقية (فافو) في دراسة ميدانية وجود أكثر من نصف مليون عراقي في الأردن وحدها حتى أيار 2007، معظمهم يعيش في العاصمة الأردنية، وأن 95% منهم لا ينوي العودة إلى الديار بينما ينوي 20% الهجرة إلى بلد ثالث. ولا يعمل من العراقيين في الأردن سوى 22% وتعاني البقية من آفة البطالة، ويملك 60% ممن يعملون مشاريعهم الخاصة.
ووفق إحصائيات الهلال الأحمر العراقي فإن أعداد النازحين بسبب أحداث العنف الطائفي بلغت حتى نهاية آب 2007 (1996930) نازح، ويرتفع هذا العدد إلى (2300000) وفق مصادر الأمم المتحدة التي تقدر عدد طالبي اللجوء للدول المجاورة بالمليونين. وشملت الهجرة الخارجية والداخلية أعداداً كبيرة من المثقفين والمختصين والكفاءات العلمية.
وحسب تقديرات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين فإن 63% من النازحين فروا بعد تهديدات مباشرة لحياتهم و33% طردوا قسراً من منازلهم و89% رحلوا بسبب الانتماء الطائفي.
وقد حذرت المجموعة الدولية لحقوق الأقليات في تقارير لها من خطورة اضطهاد الأقليات غير الرئيسية، وذكرت أن الميليشيات المسلحة أجبرت عشرات العائلات المسيحية في بغداد والصابئة المندائيين على الهجرة خارج العراق أو اللجوء إلى كردستان رغم أن ديانتهم لا تتعارض ومفاهيم الإسلام.
من جهتها حذرت المفوضية العليا للاجئين في الأمم المتحدة من أن 11 محافظة عراقية، من بين 18 محافظة في العراق، ترفض استقبال النازحين بسبب ضعف الموارد، وتمنع تقديم التعليم والمساعدات الغذائية لمن يتمكن من الدخول إليها.
ووفق إحصاءات المكتب الإعلامي في محافظة أربيل، يبلغ مجمل عدد اللاجئين إلى المحافظة حوالي 53000، أغلبيتهم الساحقة من العراقيين الوافدين من مختلف أنحاء البلاد، لكن الرقم يشمل أيضاً أقلية من الأكراد القادمين من كل من تركيا وإيران؟!!. ومتاعب هؤلاء اللاجئين لا تنتهي بالضرورة مع وصولهم إلى محافظة أربيل، فالعديد منهم من الفقراء أصلاً، الذين تلقوا تهديدات بالقتل من جماعات مسلحة لأسباب مختلفة، مما اضطرهم لترك ممتلكاتهم القليلة في بيوتهم والقدوم إلى أربيل. فمثلاً يقع مخيم “خبات” للاجئين العراقيين بين مدينتي الموصل وأربيل، وهو تحت سيطرة حكومة إقليم كردستان. ويقول المكتب الإعلامي في محافظة أربيل أن عدد العائلات التي لجأت إلى المخيم حوالي 1800 عائلة. وأعرب المسؤول عن المكتب عن استياء السلطات الكردستانية من انعدام المساعدات من الحكومة العراقية وأيضاً من المنظمات الإنسانية. فمعظم لاجئي المخيم قدموا من الموصل التي تعد إحدى أعنف المدن العراقية اليوم، بعضهم قالوا أن “العرب” هددوهم، وبعضهم الآخر قالوا أنهم تعرضوا لعنف على يد الجماعات المسلحة.
لقد اضطرت أعداد غير قليلة من أسر النازحين للعيش في مخيمات مؤقتة على هوامش المدن، وجاء في تقرير منظمة تموز للتنمية الاجتماعية حول مخيم قرية خازر الجديدة: أن المخيم يعاني من عدم توفر مواد الإغاثة المهمة التي تكفل المتطلبات الأساسية للحياة من مواد غذائية وماء صالح للشرب وباقي المستلزمات الحياتية الأخرى”. وأن مخيم كاردسن هو واحد من عدة مخيمات اللاجئين شيد على أرض مهجورة تلتهب صيفاً، بينما تنخفض درجة الحرارة فيها تحت الصفر في منتصف الشتاء.
وجاء في التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية بخصوص قبول اللاجئين إلى الولايات المتحدة لعام2007 أن هناك بحدود مليون عراقي موزعين بين سوريا، والأردن، وتركيا، ولبنان، وأنَّ 32000 من هؤلاء مسجل عند المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة لهيئة الأمم المتحدة UNHCR )) يتوزعون على النحو التالي16500 في سوريا، 3500 في الأردن، 1500 في تركيا، و500 في لبنان.
يعاني المهجرون من العوز والفاقة والبطالة والمرض وتشرد الأطفال وضياع فرص التعليم وضعف في اللغة الأم ومن الإحباطات النفسية والصحية. ويعاني العراقيون المهجرون من بيوتهم داخل بلدهم من قساوة الوضع الراهن الذي عصف بهم بلا رحمة فراحوا يلعنون حظهم العاثر بعدما اجبروا على ترك أماكن سكناهم ربما إلى غير رجعة.
واستغل بعض الفاسدين المتاجرين بهموم المواطن واقع التهجير القسري لأغراض الفائدة المالية عن طريق استثمار معاناة الآخرين، فقد استثمر بعض أصحاب مكاتب بيع وشراء العقارات أو ما يسمى لدى العراقيين بالدلالين قضية التهجير والمهجرين لصالحهم من أجل المتاجرة بهذه البيوت التي هجرها أهلها، حيث تنتشر هذه المكاتب في جميع المدن العراقية.
وتؤكد المنظمة الدولية للهجرة أن ندرة الوظائف والإيجارات المرتفعة بشدة جعلت الحياة أكثر صعوبة على العراقيين النازحين وأجبرت بعض النساء على ممارسة الدعارة. وتفاقمت المشكلة نتيجة التهديدات التركية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2007 بشن هجوم عسكري مما زاد من أعداد العراقيين الذين هجروا منازلهم في شمال البلاد. إن نحو 160 ألف عراقي فروا إلى ثلاث محافظات شمالية منذ عام 2006 بحثاً عن مأوى من العنف الطائفي والعمليات العسكرية والجريمة في مناطق عراقية أخرى. حيث أدى تدفق النازحين إلى ارتفاع إيجارات المنازل في مدن شمالية مثل أربيل وتعرض بعض المستأجرين للطرد من منازلهم.
وشدد مكتب المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن عدد العراقيين النازحين إلى شمال العراق يبلغ 800 ألف عراقي. وأن أعداداً قليلة من الأسر العراقية هجرت منازلها في المناطق الحدودية بسبب القصف التركي في، وأن نحو 500 أسرة ما زالت نازحة بعد قصف من جانب إيران لكن قد يطرد الآلاف من منازلهم إذا أرسلت أنقرة قواتها عبر الحدود.
وأكدت جمعية الهلال الأحمر العراقية أن أسر النازحين تفتقر إلى الرعاية الصحية وغير قادرة على إرسال الأطفال إلى المدارس بينما لجأ البعض إلى مباني عامة مهجورة لا تتوفر فيها مياه مناسبة أو كهرباء أو وسائل صحية، وأن معظم أسر النازحين محلياً فقيرة دخلها محدود مما يجعل تلبية الاحتياجات الأساسية مسألة مستحيلة، وأصبحت هذه الأسر تعتمد بشكل متزايد على المساعدات الإنسانية. وأن نحو 65% من العراقيين النازحين محلياً هم أطفال تقل أعمارهم عن 12 عاماً.
إن مبلغ 25 ألف دينار عراقي، وهو ما يساوي 20 دولار، كافية اليوم لعبور الحدود العراقية من قبل أي فرد دون أية تأشيرة سواء كان عراقياً أم أجنبياً وبمباركة إدارة الجوازات العراقية. فكما يبدو أن “بزنس الارتشاء والتهريب والفساد”أصبح ثقافة راسخة لدى البعض الأمر الذي يؤدي ليس إلى التدمير الروحي للمجتمع فحسب، بل إلى الفتك بالأرواح وتدمير البلاد.
الكثير من سيارات الحمل القديمة على الطرق الخارجية محملة بأغراض مبعثرة توحي أنها شحنت بطريقة سريعة ومرتبكة، ويجلس فوقها عدد من النساء والأطفال والشيوخ، لوحات بائسة تذكر العراقيين بالقصف المدفعي الإيراني والتركي وحملات الأنفال ضد الكرد. يتم إيقاف هذه السيارات عند نقاط التفتيش المنتشرة على طول الطرق للاستفسار عن الجهات القادمة منها والجهات التي تقصدها. وتفرض السلطات الكردستانية على العائلات المهجرة نقل أغراضها بسيارات أهلية أخرى تابعة للإقليم لضرورات أمنية خاصة بهم، على الرغم من أن غالبية هذه العائلات هم من الأكراد أو المسيحيين النازحين من بغداد ومحافظات عراقية أخرى. وتمكنت العائلات الغنية من شراء مساكن لها في إحياء متفرقة من المدن العراقية، بينما سكنت العائلات المتوسطة الدخل العمارات السكنية، أما الفقراء فلم يجدوا غير المخيمات. وتعاني الأسر المهجرة عموماً أوضاعاً معيشية صعبة، ونقصاً في الغذاء والماء، إضافة إلى تفشي البطالة. ويشكو أرباب الأسر من ضياع العام الدراسي الحالي لأبنائهم نتيجة نزوحهم السريع من مدنهم.
مدينة الموصل هي من أكثر المحافظات العراقية التي تعاني النزوح”المزدوج”، فبينما تلجأ إليها العوائل المشردة من بغداد والمحافظات الجنوبية وأهمها البصرة، تنزح منها المئات من العوائل الكردية والمسيحية باتجاه إقليم كردستان، مما خلق سوقاً متناقضة للعقارات في العديد من مناطقها السكنية، مما أثر على ديموغرافيتها وتركيبتها السكانية..
كانت الأقليات الدينية والعرقية ولا تزال ضحايا للعنف والجماعات المسلحة والتمييز القانوني والتهميش السياسي والاجتماعي في العراق. وتعاني الأقليات من ضياع الحقوق في المشاركة السياسية والحرية الثقافية وحرية ممارسة عقائدهم. وتعرب جماعات الصابئة المندائيين عن خوفها من أن تتعرض للقتل والتهجير في العراق بينما لا تزال النزاعات العرقية والعنف مستمر في كركوك. وتواصل العديد من العائلات المسيحية الهجرة إلى شمال العراق من بغداد ونينوى. ولايزال مجتمع الشبك في الموصل ونينوى يشكو من التعرض للعنف والتهديد حيث قتل ما يزيد عن 100 شبكي منذ بداية عام 2006، كما رحلت أكثر من 1000 عائلة للإقامة في قرى خارج مدينة الموصل. ويتذمر البهائيون من التمييز العنصري الممارس ضدهم لدى التعرف على هوياتهم عند السفر أو إنجاز المعاملات.لا تزال الأقليات تشعر بالقلق إزاء تهميشهم السياسي نتيجة للصراع المسلح الدائر، ويتذمر معظم ممثلي الأقليات من عدم الاعتراف بهم كما ينبغي في الدستور العراقي ويسعون للحصول على ضمانات أكثر عند مراجعة الدستور العراقي خصوصاً فيما يتعلق بهويتهم وتمثيلهم السياسي.
وقد أشارت منظمة (أوكسفام) البريطانية، في تقرير لها قبل أكثر من عامين إلى رقم أعلى من ستة ملايين نازح حينما أكدت في تقارير لها أن مجموع النازحين والمهجرين العراقيين يفوق الثمانية ملايين لاجئ غالبيتهم من النساء والأطفال والكهول!!
وتشير تقارير المنظمات الدولية إلى أن أكثر من 53% من المهجرين نزحوا من العاصمة بغداد ومحافظة ديالى، وأن 15% من المهجرين تم تهجيرهم نحو جنوب العراق، في حين أن أكثر من 33% تم تهجيرهم إلى محافظات الوسط، و27% من النازحين اتجهوا نحو المناطق الشمالية والغربية من العراق، ونسبة ضئيلة اتجهت إلى شمال العراق، كما أن 40% من النازحين عموماً تم تهجيرهم بصورة قسرية بعد تلقيهم تهديدات مباشرة، في حين أن 17% نزحوا من مناطقهم هرباً من الوضع الأمني المتدهور، وخوفاً على حياتهم!
وقد أكدت مسؤولة مكتب العراق في منظمة الهجرة الدولية (دانا لادك)، صحة تقرير (مجموعة الأزمات الدولية) الذي كشف عن أن خُمس سكان العراق باتوا لاجئين داخل بلدهم، أي ما يزيد على عشرين بالمائة من سكان العراق، في الوقت الذي لجأ فيه ما بين مليونين و 200 ألف، إلى مليونين و 500 ألف عراقي إلى دول الجوار، وبهذا يصل إجمالي عدد المهجرين داخل العراق وخارجه إلى قرابة الستة ملايين شخص، وهو رقم مرعب.
ويعيش هؤلاء المهجرون والنازحون داخل في مخيمات داخل العراق تفتقر لأبسط مقومات الحياة الإنسانية الصحية الآمنة المستقرة، في بيئة ملوثة تهدد حياتهم بالأوبئة والأمراض مثل (الكوليرا) و(التيفوئيد) والسرطانات و.. و.. غيرها، حيث يشرب قاطنوها مياهاً ملوثة، ويتعرضون لهجمات جنود الاحتلال والعناصر الإرهابية المجرمة، وسط إهمال حكومي وصل حد إغلاق حدود المحافظات الأخرى في وجه المهجرين، إلى جانب أن أعداد المهجرين تتزايد مع كل إعلان عن بداية عملية عسكرية جديدة، فما أن يعلن المحتل عن عملية جديدة حتى نرى المواطنين يخرجون بسياراتهم أو سيراً على الأقدام ليهربوا من الموت، لمعرفتهم تمام المعرفة أن المحتل حين يدخل مدينة يحولها إلى مقبرة جماعية ولا يميز في ذلك بين مدني ومسلح، ولا يردعه رادع، خصوصاً وأنه أعتاد على تنفيذ مثل هذه العمليات الإجرامية بأعصاب ودم بارد.
يحتضن غرب العراق، آلاف العوائل المهجرة طائفيًا من بغداد والبصرة والحلّة ومدن جنوب العراق، وتقطن هذه العائلات اليوم في مدارس أو ساحات عامة، وحتى دوائر أمنية وعسكرية سابقة، وسرعان ما أصبحوا في عداد النسيان على الرغم من ازديادهم المتواصل.
يقطنون في خيام خانقة وسط أراض غير مأهولة، وصحراء مترامية الأطراف لا شيء يرد عنهم برد الشتاء وحرارة الصيف ورياح الصحراء المغبرة اللاهبة، لتصبح هذه الخيام وسط هذه الأماكن مساكنهم اليوم، وبيوتهم التي ساقها إليهم القدر.
كما يعاني العراقيون من عدو آخر ليس بأقل خطراً من خطر العدو المحتل، ألا وهو الميليشيات، التي أتت لتنفذ أوامر وأجندات خارجية وطائفية، قامت هذه الميليشيات بتهجير كل من يخالفها في الدين والعقيدة في بعض المناطق المختلطة، دينياً وعرقياً وقومياً، مرتكبين بذلك جريمة أخرى تضاف إلى جرائم المحتل بحق وطنهم وأبناء جلدتهم، ولم يكتفوا بذلك، بل عمدوا إلى هدم وتفجير دور المواطنين الذين يتم ترحيلهم، حتى لا يكون لديهم أمل بالعودة إلى هذه المناطق، وليحكموا عليهم بالتشرد والتشريد لما تبقى من أعمارهم، فالميليشيات منعت البعض حتى من أخذ أغراضه وأثاثه وحاجياته وأمواله، فكانوا أشد تنكيلاً بالعراقيين من المحتل الأمريكي وضاهوا بجرائمهم ما يقوم به الصهاينة المحتلون بحق أبناء الشعب العربي الفلسطيني، وهو ما يكشف حقيقة هذه الميليشيات والقيادات التي تقودها والجهات التي تأتمر بأوامرها.
البعض لم يجد ملجأ له في المدن، خصوصاً بعد أن راح المحتل وعملاؤه يستهدفون المهجرين، ويعتقلون منهم الكثير الكثير، فأضطر عدد من هؤلاء إلى الإقامة في الصحراء، مستعينين بخيام، لا تتسع لنصف العائلة، لكنهم مضطرون، ولا سبيل لهم غير هذه الخيام.
وكان للبيشمركة الكردية دورها وحصتها في هذا الموضوع، فقد لعبت دوراً كذلك في تهجير مئات الآلاف من العراقيين من دورهم ومساكنهم، في أكبر عملية (تكريد) يشهدها التاريخ، حيث قامت بتصفية العرب والتركمان وعدد من الأقليات في مناطق واسعة من محافظة التأميم (كركوك)، في محاولة منها لجعلها ذات غالبية كردية، لتتمكن من تنفيذ مخططاتها الانفصالية فيما بعد.
وتكررت جرائم البيشمركة في مناطق جلولاء وخانقين ومندلي التابعات لمحافظة ديالى، إلى جانب مناطق أخرى شاسعة من محافظة نينوى، حيث عملت على ترحيل الآلاف من سكانها، ليلاقوا نفس مصير إخوانهم في الوسط والجنوب، بل وحتى مناطق كردستان تم تهجير الكثير من أبناء الإقليم على أسس قومية وعنصرية، فقد تسارعت وتيرة نزوح المسيحيين من قرى وقصبات في سهل نينوى، المحاذي لـ(الكيان الموعود)، فمدينة الحمدانية وحدها استقبلت أكثر من ألف عائلة مسيحية، تم تهجيرها من مناطق الشمال، أو المناطق المحاذية لمحافظات الشمال الثلاث، وعمليات التهجير القسري للمسيحيين هذه تُمارس بواسطة المركبات الحكومية التابعة لقوات الأمن الكردية، بهدف (تكريد) الموصل، كما فعلوا بكركوك خلال السنوات الماضية من عمر الاحتلال.
وذكر تقرير جديد أن مئات الآلاف من العراقيين اللاجئين والنازحين داخلياً الذين فروا من ديارهم خلال سبع سنوات من الحرب يعيشون في فقر وحالة عدم استقرار. ويقول التقرير الذي صدر تحت عنوان “طريق وعرة نحو العودة إلى الوطن – A Tough Road Home ” ، عن منظمة لجنة الإنقاذ الدولية International Rescue Committee ومقرها نيويورك، أن العراقيين الذين لا يستطيعون العودة إلى ديارهم يواجهون اليأس في المنفى. ويصف التقرير وضع العراقيين بأنه ينذر بالخطر حيث مع تزايد احتياجات المشردين بدأت المساعدات والاهتمام الدولي بالتراجع.
يقيم معظم اللاجئين العراقيين في الأردن وسوريا. وفي أغلب الأحيان كانت هذه الدول سخية معهم حيث أنها سمحت لعدد كبير منهم بالبقاء. في الوقت نفسه فإن هذه الدول لم توقع على اتفاقية جنيف الخاصة باللاجئين ولا تعترف بالحق القانوني للاجئين، لذلك فهي تطلق على العراقيين صفة الضيوف. هذا يعني أن العراقيين لا يتوفر لديهم أي مستوى من الحماية والخدمات التي يمكنهم الحصول عليها في مكان آخر. إنهم لا يستطيعون العمل بصورة قانونية ويعيشون في حالة عدم استقرار حيث بإمكان هذه الدول من الناحية الفنية إعادة اللاجئين إلى العراق في أي وقت.
هذه الدول (سوريا والأردن) من البلدان الفقيرة وهي بحاجة إلى دعم دولي إذا بقي الوضع كما هو عليه مع استمرار تدفق اللاجئين العراقيين إليها. وخاصة في ظل عدم الاستقرار وغياب الأمن، ويعتقد معظم اللاجئين أن العودة إلى العراق الآن غير آمنة أو غير واقعية فالشروط اللازمة للعودة إلى العراق لم تتحقق.
لقد استنفد جميع أموال اللاجئين ومدخراتهم التي كانت معهم عندما فروا من العراق حتى أن أغلبهم لا يعرفون كيف سيدفعون إيجار المنزل واضطروا إلى مشاركة الآخرين في السكن،والبعض منهم لا يعلمون حقاً كيف يطعمون أطفالهم، وهناك العديد من الشباب الذين ليست لديهم فرص الحصول على التعليم أو العمل..
بالإضافة إلى أنَّ هناك بعض اللاجئين المصابين بصدمات جسدية أو نفسية بسبب العنف الذي مروا به وشاهدوه في العراق، ولا يتلقون رعاية طبية أو نفسية وكثير منهم مكتئبون حتى أنهم غير قادرين على الذهاب للحصول على المساعدة. فهم غير قادرين على تلبية احتياجاتهم بشكل فعال ويعيشون في خوف ولا يعرفون إن كانوا سيتمكنون من البقاء في ذلك البلد سواء كان سوريا أو الأردن أو تركيا أو لبنان.
كانت هناك حالات أرغم فيها عدد من العراقيين على العودة. وكانت هناك حالات قام فيها أقارب بعض اللاجئين الذين اضطروا إلى العودة إلى العراق وفي أغلب الأحيان إلى بغداد بمحاولة الحصول على بعض المال عن طريق بيع شيء ما أو إيجاد طريقة ما للحصول على المال بأي وسيلة. العديد من هؤلاء الذين عادوا إلى العراق لم يسمع عنهم أي شيء وحسبوا في عداد الموتى. إنهم أُرغموا على الاختيار بين سلامتهم وسلامة أسرهم وبين إعالة أسرهم. وهذا موقف رهيب يوضع فيه مثل هؤلاء الناس الذين مروا أصلاً بمعاناة كبيرة.
جيل كامل من الشباب الذين كانوا في المدارس الابتدائية والثانوية أو الجامعة وليس لديهم الآن فرصة الاستمرار في تعليمهم أو العمل. ويعانون اليوم من الضياع. كثير من الناس الذين فروا لديهم تحصيل علمي وأكاديمي جيد جداً وكثير منهم مهنيون، مثل الأطباء والمحامين والمعلمين ، إنهم يمثلون رأس المال الفكري في العراق. وهم الآن غير قادرين على المشاركة في بناء العراق، وأطفالهم يخسرون هذه الفرص (التعليم والعمل)، وعلى المدى الطويل، ستشكل هذه الظاهرة مشكلة أمنية للحكومة والمجتمع العراقي، فهناك عدد كبير من الناس تركوا العراق بدون مستقبل ودون أي صفة ودون أي فرص للتعليم في منطقة لها خصوصيتها الأمنية. وبالتالي فإنه من مصلحة المجتمع الدولي أن يفعل شيئاً لضمان أن يكون لهؤلاء الشباب مستقبل.
وكان عبد الخالق زنكنة رئيس لجنة المرحلين والمهجرين والمغتربين في مجلس النواب قد اعتبر أزمة النزوح طويلة الأمد ، ولا يمكن غلق ملفها في غضون عام أو عامين مثلما يرى البعض. شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) التابعة للأمم المتحدة نقلت تصريحات زنكنة التي أكد فيها على أن التخصيصات المالية الإضافية لوزارة الهجرة والمهجرين غير كافية لتخفيف معاناة النازحين والعائدين وتحسين ظروفهم المعيشية بشكل ملحوظ.
وأفاد زنكنة أن البيروقراطية ونقص التمويل تسببا في عرقلة المساعدات المخصصة للنازحين والعائدين، حيث لم تحصل معظم الأسر النازحة على دفعة واحدة من المساعدات الشهرية التي تقدمها الحكومة وقدرها مئة ألف دينار عراقي. وأنه لم يحصل سوى 36,000 شخص من بين 45,000 أسرة عادت إلى مناطقها الأصلية خلال عام 2009 على المساعدة المالية التي خصصتها الحكومة العراقية وقدرها مليون دينار عراقي.
ووصفت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عودة العراقيين إلى مناطق سكناهم بأنها غير كبيرة. وقالت مها صدقي المتحدثة باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في العراق رداً على شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) إن تقديرات المفوضية تشير إلى عودة 17000 عراقي نازح ولاجئ شهرياً عام 2009 وأن هذه الأرقام ستتراجع مع موعد الانتخابات في آذار 2010؟!!.
ومن أجل تقديم دعم إضافي إلى اللاجئين والنازحين قالت المفوضية إنها ستزيد ميزانيتها المخصصة للعراق من 168 مليون دولار في عام 2009 إلى حوالي 265 مليون دولار عام 2010.
من جهتها قالت وزارة الهجرة والمهجّرين أن أكثر من 80 ألف عائلة نازحة عادت إلى مناطقها حتى الآن، بعد الاستقرار الأمني النسبي الذي شهده البلاد في العام الماضي، وأكدت الوزارة مضاعفة المكافأة التي تمنحها الحكومة للعائدين من مليون إلى مليوني دينار. وقال مدير عام الشؤون الإنسانية في وزارة الهجرة والمهجرين سمير الناهي في حديث لإذاعة العراق الحر: إن العام 2010 شهد سرعة أكبر في عودة النازحين بعد مضاعفة مكافأة العودة، مؤكداً أن الوزارة ستبدأ بعد الانتخابات التشريعية تحرّكاً شاملاً لإغلاق ملف النازحين بشكل كامل؟!!.
كما أعلنت الوزارة أيضاً عن قيامها بتوزيع منحة جديدة من الحكومة العراقية للأسر العائدة إلى أماكن سكناها الأصلية وبواقع 250 ألف دينار إلى جانب شمول الأسر النازحة بمبلغ 150 ألف دينار؟!! .
عضو في مجلس النواب أبدت تشكيكها في جميع الأرقام التي تعلن فيما يتعلّق بملف النازحين العراقيين. وترى محمد أن مشكلة النازحين العراقيين ستبقى قائمة على مدى السنوات المقبلة، مشيرةً إلى أن جهود الحكومة لمعالجة ملف النازحين لا تزال دون مستوى الطموح.
وقد أظهر تقرير أعده مركز بابل لحقوق الإنسان وتطوير المجتمع المدني أن اغلب المتشردين في الشوارع هم من الأطفال الأيتام الذين ليس لديهم مأوى. وأكدت ذلك دراسة أعدتها ونشرتها جامعة بابل حيث أظهرت أن 34% من الأطفال المتشردين هم من الأيتام وأن 63% منهم لا يملكون سكناً.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير لها صدر في كانون الثاني / يناير عام 2010: ما زال المدنيون هدفاً للهجمات والاعتداءات في شتى أنحاء العراق.
طبقاً لمكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة فإن النزوح بسبب العنف الطائفي مستمر، لكن الضغوط الاقتصادية وصعوبات الحفاظ على الوضع القانوني في دول اللجوء أدت إلى عودة بعض اللاجئين العراقيين إلى لعراق. وظلت الحكومة بلا خطة لإعادة العراقيين النازحين داخلياً إلى ديارھم أو من فروا إلى دول مجاورة. وفي بغداد قلما تمكن العائدون من العودة إلى منازلهم. وفي المناطق الريفية عاد الكثيرون ليجدوا منازلهم قد دُمرت أو في حالة لا ينفع معها الإصلاح، وليس لديهم الدخل الكافي أو الخدمات الأساسية، ومنها المياه والكهرباء والرعاية الصحية. ومع عودة أعمال العنف في النصف الأخير من عام 2009 ، أفادت التقارير بأن بعض العائدين وجدوا أنفسهم نازحين قسراً من جديد. وعاد الأشخاص في الأغلب إلى الأحياء والمناطق الخاضعة لسيطرة أبناء طائفتهم الدينية، وقليلة ھي العائلات التي عادت إلى مناطق سكناها السابقة حيث كانوا أقلية.
وكانت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين UNHCR قد تحدثت في تقريرها الخاص بحالة العراق في تشرين الأول 2006، عن مليون ونصف المليون نازح في داخل العراق. ووصل الرقم بحسب تقرير (مركز مراقبة النزوح الداخلي IDMC ) إلى7,1 مليون نازح. أما العراقيون اللاجئون إلى خارج البلاد فليست هناك إحصاءات دقيقة لأعدادهم، لا من الجهات الرسمية العراقية، ولا من الجهات المسؤولة في البلدان المستقبِلة لهم من دول الجوار، فلم تُحمَل الأرقام التي قدّمتها هذه الدول على محمل الجد، لأنها فُهمت بأنها أرقام مسيّسة بسبب طبيعة التعاطي السياسي الذي تخوضه هذه الدول مع الحكومة العراقية من جهة، والجهات الدولية من جهة ثانية. أما المنظمات الدولية المعنية بشؤون اللاجئين فقد قدّمت أرقاماً تقديرية عن أعداد اللاجئين العراقيين، إذ قدّرت UNHCR ، في بداية 2007 عدد اللاجئين العراقيين بنحو مليونين. وفي آب 2007، قدّر (مركز دراسات اللاجئين)، التابع لجامعة أكسفورد، عددَ اللاجئين العراقيين بنحو مليون في الأردن، ومليون ونصف المليون في سوريا. وهذان البلدان يحتضنان الجزء الأكبر من اللاجئين العراقيين، على الرغم من أنهما لا يصفان العراقيين الموجودين على أراضيهما، والهاربين من الصراع الأهلي، بأنهم (لاجئون)، لأنهما لم يوقعا على (اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين) لسنة 1951، ولا على البروتوكول الخاص بوضع اللاجئين، الذي أقره المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة سنة 1967، كما أنها لا تتبنى تعريف UNHCR لـ (اللاجئ) بأنه “الشخص الذي فر من بلده خشية تعرضه للاضطهاد بسبب عرقه، أو دينه، أو جنسيته، أو رأيه السياسي، أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة، ولا يستطيع أو لا يرغب في العودة”. وفي الخلاصة، ومع نهاية 2007 أصبح من بين كل 6 عراقيين، ثمة عراقي نازح أو لاجئ.
وتركزت ظاهرة اللجوء وا