قال الكاتب البريطاني روبرت فيسك إن الشعب العراقي يسير مجددا وسط مظاهر العنف ونيران التفجيرات كي يحقق ديمقراطية وفق معايير الغرب، وأضاف أنه لا يمكن للديمقراطية أن تعطي أكلها في أي بلد يرزح شعبه تحت نير الاحتلال الأجنبي.وأشار فيسك في مقال نشرته له صحيفة إندبندنت البريطانية إلى أن الشعب العراقي مشى بعشرات الآلاف عام 2005 وسط أجواء التفجيرات المرعبة كي يدلي بصوته في الانتخابات البرلمانية الأولى التي تشهدها البلاد.وقال إنه بينما نفذ بعض العراقيين عام 2005 أوامر وتعليمات رؤساء الطوائف لديهم بضرورة أداء الواجب الانتخابي في الديمقراطية الوليدة، عزف البعض الاخر عن المشاركة وأعلنوا مقاطعتهم لها.ومضى إلى أن النظام الانتخابي في العراق وفق القوانين الجديدة لا يسمح لأي حزب بتشكيل الحكومة بمفرده، ولذا تشكلت الجبهات والتحالفات حتى وصلت إلى قرابة 86 من الكيانات التي قدمت أكثر من ستة آلاف مرشح لخوض الانتخابات، متسائلا عما إذا كانت الحكومة الجديدة ستتشكل وفقا لأعداد كل من السنة والشيعة والأكراد في البلاد أم لا.وقال الكاتب إن الغرب طالما فضل في الشرق الأوسط الديمقراطيات التي تأخذ في الحسبان تشكيل حكومات تبعا للثقل السياسي التقليدي لكل طائفة، تماما كما حدث في أيرلندا الشمالية وقبرص، أو كما فعل الفرنسيون في لبنان.وأضاف أن المستعمر الغربي طالما استخدم الفزاعة المناسبة ليخيف بها الشعوب الواقعة تحت الاحتلال، ففي حال الأفغان يتم إخافتهم بعودة حركة طالبان، وفي حال العراق يخوفون بعودة نظام صدام، وفي حال قبرص ولبنان كان المستعمر يخيفهم بعودة العثمانيين الأتراك.وقال فيسك إنه بغض النظر عما تفرز الانتخابات العراقية وعن عوامل التزوير والتعقيد التي شابتها، فإنه لن يتم تشكيل الحكومة العراقية الجديدة لشهور قادمة، مضيفا أنه إذا فاز بالانتخابات أي أحد، فإن إيران -التي وصف رئيسها محمود أحمدي نجاد بالتمتع بالخبرة في معالجة "الانتخابات الديمقراطية"- ستكون هي المنتصر الأكبر ودون أن تطلق رصاصة واحدة.ورغم أن بعض السياسيين العراقيين يتهمون إيران بالتدخل في شؤون بلادهم على المستويين العسكري والسياسي، فإن طهران ليست بحاجة هذه المرة للتدخل بالشأن العراقي بعد أن صارت الأحزاب التي تحكم العراق ممن ترعرعت في أحضان الجمهورية الإيرانية.وبينما وصف فيسك العراقيين بالشجعان بالفعل، تساءل عن عدد البريطانيين أو الأمريكيين الذين يمكن لهم أن يجازفوا بحياتهم كي يدلون بأصواتهم وسط نيران قذائف المورتر.ومضى بالقول إن المسلمين ليسوا هم من لا يرغبون في الحرية أو الديمقراطية، ولكنها الديمقراطية التي تأبى أن تأتي أكلها عندما تكون بلدانهم تحت نير المحتل والمستعمر الأجنبي والقوات الغربية.
وأوضح أن الديمقراطية لم تنفع في أفغانستان المحتلة، ولا هي ستعمل في العراق الذي سيبقى في قبضة الولايات المتحدة القوية رغم انسحاب قواتها المقاتلة