1
وتلك واحدة ليست بوحيدة ، من طسّات ومطبّات الفيسبوك المشتقة من باب الضحالة .
كائنٌ بدا لطيفاً جميلاً أول مرة ، ثم صار يمطر صفحتي بأشياء منفرة لا أحبها ولا يحبّها جلّ صحبي ، حيث عطن الطائفية المريض . نبّهتهُ عشر مرات فلم ينتبه ولم يستقم ، فذهبت معه مذهب أنّ آخر الدواء هو الحظر . بعد يومٍ من الواقعة أرسل إليّ طلب صداقة ورسالة عذبة وتكسر القلب والخاطر باسم وهميّ فقبلته . بعد سويعات معدودات ، قصفني الولد برسالة سطرها الأخير يلمع ويكاد يصيح
وراك وراك علّوكي حتى لو تحط نفسك بشيشة أمّ التبدورة
2
تموت أُمّ واحد فيقيم لها وليدها مجلس عزاء ألكترونيّ بغابة الفيسبوك ، فيتلقى المواساة والترحمات الطيبات من صحبهِ الألكترونيين والحقيقيين ، فترتاح روحه وينثلم حزنه ، مع أن بعضهم قد داس على كلمة لايك الأفرنجية التي تعريبها هو أعجبني ، فتبدل المعنى وانقلب على البطانة وصار الأمر أقرب إلى مضحكة وعلى نيّاتهم يضحكون ، لذا نقترح على الولد الجميل مارك زوكربيرج السوداني ، إضافة مفردات وخيارات جديدة من مثل أزعجني أو قزّزني ، لكي تصبح خيارات القوم طيبة وسلسة ومن دون قناع اجتماعي سميك ، مع فهمنا أن كثرة من القارئين تدوس على زرّ الإعجاب لتقول لك شكراً عزيزي وصلت فكرتك والخبر
3
إذا أردت أن تتعرف على شعبٍ ما ، وتفهم مزاجه وصدقه وكذبه وشجاعته وجبنه وذائقته وجماله وقبحه ، فلا تدوّخ نفسك بنبش تأريخه حتى وإن بلغ سبعة آلاف سنة وسنة وتسعة شهور وليلة ويوم ، بل خذ بيمينك نمّونة عشوائية من ألف صفحة فيسبوك مسجلة على ذمة رعيته ، وهناك سترى الحقيقة صائحة نائحة مشعّة عارية حتى من سروال الستر والعافية
4
مازالت نسوان الفيسبوك الحلوات ، يحصدنَ الإعجاب والتعليق بطريقة أنّ لواحدتهنّ من الحب والمديح ما يساوي حظّ سبعة من الفحول الشداد المتاعيس المناحيس
5
موائد الطعام وجلسات المقاهي والرحلات المدرسية وسهرات الحانات والتشميسات العائلية وخيام الأعراس والأتراح ، صارت لا تستهلك إلّا القليل من اللغوة ، حيث الرعية منشغلة تماماً بتطبيقات تلفوناتها الحديثة جداً . أما أنا فرأسي بارد وروحي مطمئنة ، وهاتفي عتيق ورحيم ، وهم من الموديل الذي استعملهُ العمّ عبد الله غيث في فلم الرسالة