عبد الرضا الحميد
اما فطاحل العملية السياسية فهم ثلاثة اجناس: جنس ركب ظهر العقائدية حتى اذا استوى على ظهر الدولار ركلها بعجيزتها وهز ردفيه على حفيف الورق البنكنوتي ، وجنس امتطى الديمقراطية حتى اذا اوصلته الى سنام الحكم بال عليها، وجنس ركب حصانا من قصب ثأرا لوجاهاته واقطاعياته التي ذبحتها ثورة الرابع عشر من تموز 1958.
وجميع هؤلاء الذين يظهرون على الملأ اندادا بقواطع البرامج واضدادا باضراس الافكار وربما اعداء بانياب الملل والنحل، اتفقوا على المواربة والتدليس، واللعب في الخفاء، وتصاهروا باستظهار غير ما يستبطنون، واعتناق مايكفرون، حالهم حال اولئك الذين ينكرون على الملل مللها وعلى النحل نحلها وعلى المذاهب مذاهبها ، ولكنهم يظهرون لكل ذي ملة أو مذهب ما يحب، فإن أتوا النصارى أظهروا لهم القول بالتثليت وأكدوا لهم ألوهية المسيح، وإن أتوا اليهود أظهروا لهم بغض المسلمين والنصارى، وإن التقوا بزاهد أظهروا الزهد في الدنيا ومجانبة أهلها، فهم يلبسون لكل حالة لبوسها، حتى إذا أمن لهم الحال القوا فيه شبهاتهم، وكشفوا عن عقائدهم، التي لاتبقي لاحد سواهم شذرا ولا مذرا.
لكن افحش مابهؤلاء انهم لايستحون، فان وصموا احدهم صباح اليوم بالخيانة للوطن وظهر اليوم بالعمالة للاجنبي، وعصر اليوم بتأليه الدولار واستباحة ارواح المواطنين واموالهم واعراضهم وارزاقهم، لن يتورعوا في مساء اليوم عن وصفه ببعير الوطن والوطنية الاوحد الذي شال على سناميه مظالم المواطنين حين ظلموا وحسرات المستضعفين حين استضعفوا واستغاثات المفجوعين حين فجعوا فلم يسترح له خف ولم يقع على اربع حتى انتصف للناس فرد المظالم عن مظلومهم وكشف عن المستضعفين حسراتهم واغاث المستغيثين. ولانهم يتنابزون دائما امام عيون الملأ والعدسات تنابز الغزاة على المغانم لايجدون ضيرا عندما ترتد سهام تنابزهم عليهم في الاحتماء بساتر الدستور الذي لم يجد احدا خرقه سواهم ولا احدا استخف به سواهم ولا احدا صيره مطية لبلوغ مرامه سواهم ولا احدا وضعه على رف النسيان او القى به الى سلة المهملات سواهم.
قام احد هؤلاء الفطاحل وقد اختنق صوته في بلعومه بعد ان خاب رجاؤه حين صوت مجلس النواب لصالح ورقة مايسمى بالاتفاقات السياسية بين نوري المالكي واياد علاوي ومسعود بارازاني وقال شبه مخذول( الاتفاقات السياسية ليست بديلا عن الدستور) ظانا ان مقولته هذه سيصدقها العراقيون فيقفون طوابير لمبايعته (حاميا لحمى الدستور)، وربما اعجب هو بقولته، فنام على ظهره مكشرا عن ابتسامة حتى الصباح ، لسببين لعل اولهما ان منافقا وسوس له بالاعجاب بها، وثانيهما ان احدا ، ايما احد من العراقيين لم يقف له بطول قامته ويقول له بفم ملآن بالحق:
ـ لماذا لم يسخن حمامك ياهذا الرجل دفاعا عن الدستور الذي نص على ان رواتب رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان تحدد بقانون ولكن قانونا لتحديد رواتب هؤلاء لم يصدر رغم مضي خمس سنوات، ومازال الرؤساء ونوابهم ينعمون برواتب وامتيازات ماشهدت مثيلا لها كل التجارب الديكتاتورية والرأسمالية في العالم؟.
ـ لماذا لم يجف بلعومك ياهذا الرجل دفاعا عن الدستور وانت تقبض رواتبك ومنافعك ورواتب ومنافع حماياتك خلافا للدستور،وتحول بعض مباني الدولة الى مشاغل لحزبك خرقا للدستور وللقانون حالك في ذلك حال (النهابة والسلابة) الذين استولوا على منشآت ومؤسسات الدولة عقيب يوم الاحتلال الاسود؟.
ـ لماذا لم يشحب وجهك ياهذا الرجل وانت تهتك الدستور حين تتجاوز على حريات المواطنين في الشوارع التي يخرقها موكبك وكأنك السيد الاوحد وكأن المواطنين عبيدك الذين عليهم التنحي عن طرق مرورك والانحناء لفوهات بنادق افراد حمايتك؟
ـ لماذا لم يتطاير زبد فمك دفاعا عن الدستور وانت ترى بأم عينيك وتسمع بأم اذنيك وقد تحولت بعض السجون الى مقابر لموت الحلم الانساني عند اناس ابرياء قادتهم الوشاية الكاذبة والكيد المعد سلفا والضغينة الجاهلية الى غياهب السجون فتحولت اجسادهم الى ميادين لممارسة الوحشية بابشع صورها وعصفت ريح الجوع والتشرد بعوائلهم ايما عصف؟ أفي الدستور نص يجيز اعتقال المواطن لسنوات وتعذيبه تحت طائلة الشبهة والظن والوشاية والكيد والضغينة؟
ـ لماذا لم تتطاير عيناك شررا ولم تستشط غضبا على نفسك وانت تسخر من الدستور الذي الزمك عندما صرت نائبا بموجبه بان تحضر جلسات البرلمان لكنك كنت الغائب الدائم وصاحب صولجان الغياب وحدك..افهل انتخبك ناخبوك كي تثرى وكي تغيب؟