الصدمة واثارة الخوف والهلع واستجذاب المجرمين من اهداف اعلام داعش
كشفت تسجيلات الفيديو، التي يبثها تنظيم “داعش”، على مواقع التواصل الاجتماعي لإبراز جرائمه وعمليات قطع الرؤوس، عن “حرفية وتقنية عالية” يستخدمها التنظيم، يشبهها مختصون بـ”التقنيات الهوليودية والسينمائية”.
المتابع لما ينشره “داعش” من فيديوهات، تعكس وحشية هذا التنظيم وإجرامه، يلحظ أنه يحرص على استخدام تكتيكات تقنية تماما، مثل المشاهد التي تستخدم في أفلام الرعب، لكن الفرق عنها، أن ما تنشره أفلام “هوليوود” هو تمثيل، فيما ينشر “داعش” حقيقة قاسية تعكس تكوين هذا التنظيم الإرهابي.
مؤثرات صوتية وعرض بطيء، أو ما يسميه المختصون بالـ”سلو موشين”، تظهر في فيديوهات لـ”داعش”، وهي تعرض جرائم الإعدام بحق الرهائن، أو مناهضيها، سواء كانوا مدنيين أو عسكريين، في العراق وسورية، فضلا عن أن تقنيات الصورة، في الفيديوهات، وإضاءتها “تحتاج إلى خبراء تقنيين” لإتقانها، كما يرى مختصون.
في الفيديو الأخير، الذي نشره “داعش”، حول إعدامه لـ15 عسكريا سوريا، يلحظ من يتابعه أنه محبوك ومعد بعقلية مخرج سينمائي أو تقني، يريد أن يوصل رسالة تبث الذعر والرعب لمن يشاهده. ولوحظ أن إثارة الرعب في الشريط المذكور يشعر بها المشاهد منذ الدقيقة الأولى له، وتحديدا عند ذلك المشهد، لعناصر “داعش” وهم يمشون وراء بعضهم، كل منهم يحمل سكينا (حربة)، يدعمها “مخرج” الفيديو بمؤثر صوتي، لصوت السكين، التي ستكون في نهاية الفيديو، أداة لنحر الجنود.
الاختصاصي في صناعة الأفلام، التي تبث على “اليوتيوب”، محمد رياض، يقر بحرفية العاملين في إعداد أفلام “داعش”، ومختصيها التقنيين بأفلام الفيديو، بحسب ما يظهر للمتابع، مبينا أنه من الواضح “وجود فريق عمل متخصص بين صفوف عناصر هذا التنظيم، يتقن صناعة الأفلام، ومن الواضح أنه خاض دورات تدريبية مكنته من هذه الحرفية”.
ويشير إلى أن هذا الفريق، ومن خلال ما يظهر في فيديوهات “داعش”، يستعمل كاميرات تصوير عالية الجودة، وذات تكلفة عالية جدا، لافتا الى أنه من المؤكد أن هذا الفريق يضم عدة أشخاص، كل واحد منهم متخصص بمجال، فهناك من لديه خبرة في الإخراج، وآخرون في مهمة مساعدة مخرج، فضلا عن منتجين ومتخصصين في المؤثرات البصرية والسمعية.
ويرى أن المشاهد التي تظهر في هذه الفيديوهات أشبه بمشاهد أفلام هوليوود، مخمنا أن يكون فريق العمل في صناعة الفيديوهات،فريق اميركي على الاغلب او فريق اوربي اميركي مشترك وليسوا عربا كون ان داعش هي صنيعة المطبخ السري الاميركي.
من جهته، يعلق المخرج الأردني محمد حشكي على الفيديوهات الداعشية بقوله: “من الصعب جدا أن نستوعب أن هكذا أشخاص موجودون في نفس الكوكب، الذي نعيش فيه، فالمخرجون يخرجون مشاهد عنيفة، في أفلامهم، وهي مشاهد تمثيلية، ويصعب على كل المتابعين مشاهدتها، فيما “داعش” يصور مشاهد متوحشة، ليست تمثيلا، دون أن يكترثوا لتأثيرها على المشاهد”.
ويرى حشكي أن فيديوهات “داعش” تفوقت على كافة الفيديوهات، التي تبثها الجماعات الإرهابية، مثل تلك التي كان يبثها تنظيم القاعدة، مبينا أنه من الواضح أن “داعش” لديها كادر عمل متخصص في صناعة الأفلام، و”بصرف النظر عن جودة أدواتها، إلا أنها تكشف عن وجود محترفين تقنيين لديها”.
ورجح أن يكون فريق “داعش” لإخراج هذا التسجيلات “من فئة الشباب القادرين على مخاطبة جمهور “اليوتيوب” والـ”سوشيال ميديا” بشكل عام، فهم لديهم خبرة كما هو واضح ببرنامج “الفاينال كت”، ويبدو أنهم خاضعون لدورات تدريبية”.
وفيما يتعلق بما يمرره “داعش” من رسائل إعلامية، عبر الفيديوهات التي ينشرها، يرى الكاتب والمحلل السياسي الدكتور محمد أبو رمان أن “داعش” أكثر تنظيم أتقن استخدام الشبكة العنكبوتية بطريقة محترفة، الأمر الذي يبين ان هناك كادرا متخصصا في هذا المجال.
ويضيف ان “هذا التنظيم يعتمد بدرجة كبيرة على “السوشيال ميديا”، ومتابعيها، ويهتم بفكرة الدعاية او “البروباغاندا”، وهو يدرك تماما ما هي الرسائل التي يريد إيصالها، وإدراكه هذا ليس اعتباطيا، بدليل طبيعة الرسائل التي تخرج من تلك الفيديوهات”.
فمضمون الرسالة الإعلامية الرئيسي، التي يبثها هذا التنظيم، بحسب أبو رمان، هو القوة. ويرى أن هذا التنظيم “قلب مضمون الرسالة التي كانت تستخدمها الجماعات الإرهابية، في فيديوهاتها، مثل القاعدة، رأسا على عقب، حيث كانت تلك الرسائل تركز على مفهوم الاستعطاف، أما “داعش” ومن خلال فيديوهاتها، فتحرص على إظهار نفسها، بأنها تنظيم قوي ومتوحش، ويؤذي من يخاصمه، بحيث لا يحرص على جمال صورته للإعلام، وبالعكس فهو يحرص على أن يظهر أنه تنظيم قاس ومرعب، وإذا قال فعل”.
ورسائل “داعش”، كما يضيف أبو رمان، لها وجهان؛ الأول أنها تعكس حالة التوحش، لهذا التنظيم، فبالتالي تبث الرعب لمن يشاهد الفيديوهات، والثاني رسالة تهدف إلى جذب المستضعفين، من فئة الشباب العربي والمسلم، الذين ومن خلال متابعتهم لما ينشر، يفترض بهم أن يشعروا بأن هناك قوة قادرة على حمايتهم، وقادرة على الانتقام، لتكون هذه الرسالة قادرة على استقطاب الساخطين والمحبطين؛ الأمر الذي تحرص “داعش” على تكريسه”.
من جانبه، يرى الدكتور باسم الطويسي، أن الاستراتيجية الداعشية، التي يحرص عليها التنظيم، من خلال فيديوهاته، تقوم على مبدأ “بث شعور الصدمة والذعر للمتلقين”، بهدف نشر الخوف والإرهاب، بمعناه المادي، وليس المعنوي فقط، أي بالأفعال.
فالإرهاب التقليدي، بحسب الطويسي، يعتمد على التهديد، فيما “داعش” وكما تبينه الفيديوهات، لا يكترث بالتهديد، بل بالفعل، بحيث يتحول التهديد والابتزاز المعنوي الى أفعال مادية على الأرض.
ويرى الطويسي أن المستهدف من رسائل “داعش” ثلاث فئات، الأولى المجتمعات المحلية داخل المنطقة، التي يدخل فيها التنظيم بهدف استسلامها لقوته، وعدم التفكير بأي مقاومة له، والثانية المجتمعات العربية والإسلامية، والثالثة للعالم، وتحديدا الغرب، لإيصال فكرة أن هذا التنظيم قادر على الفعل ويفعل