صاحب الامتياز
رئيس التحرير
عبدالرضا الحميد

(فرهدوا) ما عاش الا (المفرهد) عبدالرضا الحميد

في انباء الموازنات العراقية ان 400 مليار دولار صرفت خلال السنوات الخمس الماضية.

وفي انباء العراق ان معامله ومصانعه التي كان يضاهي بها بلدان المنطقة صارت مبولات.

وان 1173 من مدارس طلابه توشك على السقوط على رؤوس فلذات الاكباد، وان الافاعي والعقارب تشارك التلاميذ رحلات الدرس في مدارس الطين والقصب.

وان خدمات الصحة صارت مختبرات للتجارب على البشر من قبل اشباه اطباء لم تجد وزارة الصحة غضاضة في الاعتراف بان بعضهم ينسى مباضعه وادواته الجراحيه في امعاء وبطون المرضى.

وان مئات الالاف من الناس الذين بلا مأوى يلعب البرد  الغميضة على اجسادهم في بيوت الكارتون والصفيح والخرق البالية.

وان العراقيين المشردين في مشارق الارض ومغاربها يتوسلون البقاء على قيد الحياة بمن كان يعتاش على فضلات موائدهم، ويرتع الخير من بيض ايديهم.

ويقال ان الاربع مئة مليار دولار قد مضت الى غيابة الجب دون ان تترك اثرا تعليميا او اقتصاديا او صحيا او زراعيا او تجاريا او علميا واضحا.

ويقال ان لصوص بغداد الجدد قد اتوا على الموازنات من امام ومن خلف فلم يتركوا منها الا ما لا يذر الرماد في العيون.

قال احد اصحابي بعد ان بلغ به الاعياء في ادراك ماهية الطبقة الحاكمة في محفل المنطقة الخضراء: لماذا لايتخلق اللصوص الجدد باخلاق اللصوص القدامى؟

قلت : وما اخلاق اللصوص القدامى؟

قال: ( كان ابن حمدي اشهر لصوص بغداد واظرفهم في القرن الرابع الهجري , وكان يقطع الطريق ، كما يقول ابن التنوخي ، ويعترض السفن التجارية ويفرض عليها إتاوة محددة ، وكان لا يعرض لأصحاب البضائع اليسيرة ، واشتهر عنه أيضا تخلقه بأخلاق الفروسية ، فكان لا يفتش امرأة ولا يسلبها . ولما أعيا السلطان أمره أمَّنه في سنة 332 هجرية مقابل أن يؤدي اللصُ للسلطان كل شهر خمسة عشر ألف دينار مما يسرقه وأصحابه في مقابل إطلاق يده في جباية القوافل التجارية الواردة على أسواق بغداد ! واحتفت العامة بابن حمدي ورأت فيه سيف النقمة الإلهية الذي سلطه الله على ظلم الظالم).

قلت لصاحبي : واين وجه القرابة بين لصوص المنطقة الخضراء وابن حمدي؟

قال: ليسرقوا ماشاء لهم ان يسرقوا، لكن ليضعوا الله بين اعينهم، فيرحموا الجياع والفقراء ومقطوعي الرحم والارامل واليتامى، فيؤمنون لهم قوت يومهم، وعافيتهم، وتعليم فلذات اكبادهم علهم يقشعون عنهم في مقبلات الايام غائلة الجوع والفقر والعوز.

قلت: وكيف السبيل الى ذلك؟

قال: ان لا يكونوا من العيارين؟

قلت: وكيف؟

قال:  (عندما نشبت الفتنة ببغداد عام سنة 443 هجرية ولم يكن بوسع الخليفة أن يفعل شيئا حيالها ، استعان بالعيارين مما أغراهم باقتسام السلطة في بغداد ، فانتشروا فيها وتولوا أمر السلطة وجبوا الأسواق ، وأخذوا ما كان يأخذه أرباب الأعمال ، وفي هذه السنوات (444-454 هجرية)انخرقت هيبة الخلافة ، وعظم انحلال أمر السلطنة بالكلية . وفي سنة 536 هجرية استفحل خطر العيارين إذ تواطأ معهم ابن الوزير، وابن شقيق زوجة السلطان، فكانا يشاركان اللصوص فيما ينهبانه من الناس ، وعتم الفقهاء على وضع حد الحرابة موضع التنفيذ وتفعيله على النحو الصحيح الذي أراده الله لمنع الفساد ، وقصَره الفقيه على قطع الطريق بالذات ، لأن قطع الطريق وإغارات السلب والنهب من قِبل الفقراء والمعدمين ومن قِبل أعداء السلطة والسلطان ، كانت ظاهرة ولم يكن ليحدها إلا قصر الحرابة عليها) .

قلت: الى ماذا ترمي؟

قال: الى امرين : اما ان يقول لصوص المنطقة الخضراء ان الدنيا صارت فرهودا، فيطلقوا ايدي الناس في ان تنوش ما تنوشه، او يقوم رجال الدين الذين امنوا الشرعية للعملية السياسية بالاستغفار الى الله الحي القيوم نهارا جهارا امام الناس، ويأذنوا بانزال حد الحرابة كأن (تكون عقوبة القتل لمن قتل الناس عشوائيا بالرصاص الحي وللقناصة الذين رموا الناس بالرصاص ولمن دهس الأبرياء عمدا وقصدا بالسيارات ذات الصفارات والبنادث المشرعة في الشارع ولمن استورد الأغذية الفاسدة والادوية الفاسدة والأسمدة المسرطنة والاجهزة الفاسدة، ولمن نهب اموال الناس باسم القانون، وتحت سقف التشريع، او بدونهما، فكل ذلك أدى إلى إزهاق أرواح الناس فتكون العقوبة هى الموت .اليس من السخف وخفة العقل أن يقول قائلهم بأن عقوبات حد الحرابة (غير إنسانية)! ، أفيؤخذ بالرحمة من لم يرحم أمة بكاملها فسرق أموالها ، وسبَّب لشبابها البطالة ولبناتها العنوسة ، وأصابهم الجهل بعد تدني التعليم ، وفتكت بهم الأمراض بعد تدهور الأداء الصحي ، ولما هبّ أبناء هذا الوطن المبتلَى للمطالبة بحقوقهم ، حصدتهم أسلحة كلاب السلطة .

هل من يشرح لي ما المقصود بالخيانة العظمى؟

Facebook
Twitter