صالح التميمي
في تمام الساعة الثانية عشرة والنصف من ظهر يوم الخميس الموافق 26 /2/ 2015 استوقفني احد العسكريين في سيطرة المحمودية او ما تسمى نقطة التفتيش الشمالية بعد طول ازدحام استغرق نحو ساعة في النقطة مستفسرا عن هويتي وهل انا من سكان مدينة المحمودية .. قلت له كنت في المحمودية وانا حاليا أسكن العاصمة بغداد واهلي في المحمودية واعطيته بطاقة سكن اخي الساكن فيها وبعد مطابقته للبطاقة مع هويتي طلب مني سنوية السيارة التي ظننت ان ا?مر بات محلو?ً لطالما انه طلب سنوية السيارة وذلك لمعرفة عائدية السيارة التي هي بإسمي وحال تسليمي السنوية أحتفظ بها وطلب مني ا?ستدارة من أقرب استدارة مرورية لتسلم السنوية والعودة من حيث أتيت .
قلت في نفسي ياالله يعني ان ا?مر يلزمني نسيان ان لي والدة واهلا في المدينة وان لي ابناء وبنات أخ رجالاً ونساء وزملاء دراسة .. قلت له اخي ان لي مرضى جئت لزيارتهم هي ( والدتي وزوجة اخي ) وليس لدي متسع من الوقت للتأخير لأنني يتطلب مني عيادة مريض آخر في مدينة المسيب فأبى واستكبر وأصر على عودتي الى بغداد ما دفعني الى قيادة السيارة والوقوف على جانب من الطريق عسى ان أجد من يتفهم ظرفي ويشفع لي عذري عنده ويسمح لي بالدخول .. ترجلت من السيارة وذهبت الى المسؤول الأمني في النقطة الذي حسبت انه سيحل المشكلة التي كانت في نظري انها بسيطة ما دمت امتلك كل المستمسكات التعريفية الخاصة بي وبالسيارة وعرفت له نفسي اني صحفي واطلعته على هوية نقابة الصحفيين ففوجئت انه لا يقل عن زميله تعجرفاً وتعنتاً ولا أهمية للنقابة وهويتها عند مثل هؤلاء الذين اصلاً لا تشفع عندهم عيادة مريض ورؤية والدة طاعنة في السن ، فانسحبت وقررت العودة الى بغداد ورجعت الى السيارة التي كان ينتظرني فيها ابن اختي البالغ من العمر 58 عاماً..
لكن وكما يقول المثل (لو خليت قلبت ) وبينما كنت أتحدث الى ابن اختي بضرورة رجوعنا الى بغداد حيث لم تشفع عندهم اعمارنا وهويتنا واعذارنا تقدم الينا رجل أمن كان يراقبنا من بعيد ، يبدو لي ان الإرادة الإلهية كانت قد بعثته الينا في الوقت المناسب والمكان المناسب وفي هذا الظرف العصيب الذي شعرت فيه بعدم آدميتنا .. قال لنا ما الأمر ؟ أجبناه .. وبعد ان تفهم وضعنا اصطحب ابن اختي الى الرجل الذي احتفظ بسنوية السيارة وبرؤية رجل مؤمن وواثق من خطوته تحدث مع ذلك الشخص بكلام لائق ولا أبالغ في القول عندما أقول ان أثمن شيء هو ان يمنحك الله شخصاً حليماً في الوقت والظرف الذي انت فيه أشد حراجة ، فاستطاع بكل حكمة ان يسترد سنوية السيارة ويعيدها الينا ويسمح لنا بالإستمرار في رحلتنا قاصدين بيت الأهل .
أقول : برغم ان البلد يمر بظروف أمنية صعبة ومعقدة وان التحوطات مطلوبة للحفاظ على ارواح مواطنينا الذين يتعرضون كل يوم الى جرائم إبادة جماعية بشعة الا ان المحمودية ليست هي أهم من بغداد العاصمة المهددة من ا?رهاب في كل وقت وهي مقر السلطات الثلاث وفيها إهم الدوائر الحساسة لكن التنقل فيها أيسر وأسهل وانه تم أخيراً رفع حظر التجوال الليلي والكتل والحواجز الكونكريتية وتقليل نقاط التفتيش وكل ذلك لم يتم الا بعد أن ايقنت القيادة تحسن الأوضاع ما بعد التغيير .. والمحمودية هي قضاء ليس بمستوى دول مهمة مهددة من الإرهاب لكنها باتت تسمح للوافدين اليها بالدخول من دون تأشيرة في وقت يشهد العالم برمته ارهابا ? مثيل له يشكل خطراً على السلم الدولي .. كما وأقول : إذن لماذا نعيب على اقليم كردستان اذا طلب المسؤولون فيه كفيلاً ضامناً وتأشيرة من العراقيين الوافدين الى أ?قليم اذا كان شرطي الأمن في نقطة تفتيش لقضاء لا يسمح لنا ان ندخل مدينة اهلنا التي ترعرعنا فيها صغاراً حتى شاء الله لنا ان الإنتقال الى العاصمة بحكم الوظيفة ؟ فماذا ابقينا للأخواننا الكرد من حجج اذا كنا نحن متخوفين من ابناء جلدتنا ؟ .
لقد خالفتم الشرع الذي يوصي بصلة الرحم وخالفتم العرف من خلال تمزيقكم النسيج ا?جتماعي والروابط ا?سرية وا?جتماعية وا?نسانية بهذه الفعلة التي لا يرضى بها الله وكل ذي بصيرة .. .اما كان ا?جدر بهذا الجندي ان يفتش السيارة للتأكد من سلامتها من المتفجرات والعبوات اللاصقة والناسفة ، وان يفحص اسماءنا في الحاسبة ليتأكد له من اننا لسنا من المطلوبين للجهات الأمنية .. ومن ثم يقدم لنا اعتذاره عن التأخير كما هو معمول به في كل الدول التي ندعي الحرص على اللحاق بها في مجال حقوق ا?نسان ؟ !! ام ان انسانيتنا لا تستحق ذلك وان العراقي مجرد رقم في التعداد السكاني غير مؤهل للإحترام ، وان المسؤولين عن أمننا وراحتنا يرفعون حقوق الإنسان مجرد شعارات مغمسة بإهانة المواطن ؟ ؟.
سادتي : للتفضل بالعلم ان من اردت زيارتهم هم والدتي التي تبلغ من العمر 95 عاماً و زوجة أخي المصابة بمرض خبيث وزوج اختي الذي كسر حوضه أخيراً وتجاوز عمره السنة الثامنة بعد المئة والصور المرفقة هي الشاهد .. واختم بالقول .. سادتي راعوا ظروف الناس فليس كل العراقيين ارهابيين ومجرمين ولا مزايدات علينا بالوطنية وحب العراق وأهل العراق .