عمي يا بياع الـ …نفط

أحمد الحاج

  “انا بالله وبالله انا

يخلق الخلق وافنيهم انا”

بهذه الارجوزة كان سليمان القرمطي الباطني يترنم – سكرانا – وهو جالس على باب الكعبة سنة317 هـ، ورعاعه يفتكون بالحجيج وهم بملابس الاحرام في يوم التروية، فقتلوا في ذلك اليوم 30الف حاج في البيت الحرام وفي الشهر الحرام، ثم قاموا بنزع كساء الكعبة، وقلع بابها، ثم ضربوا الحجر الاسود بدبوس كبير فاقتلعوه ونقلوه الى عاصمتهم -هجر- ثم ردموا بئر زمزم بجثث القتلى ومنعوا الحج الى بيت الله الحرام، ما يقارب الـ 25 عاما، ومرد ذلك كله الى التحالف بين الفكر الباطني، والرغبة العارمة بالقتل والتدمير  .

ومن يقرأ التأريخ ويقلب صفحاته يكتشف ان ابشع الجرائم واكثرها دموية هي تلك التي ولدت من رحم التحالفات المشبوهة بين الدجالين من جهة وبين الجزارين من جهة اخرى، ويتوهم من يظن خطأ ان الدجل انما هو حكر على المثيولوجيات والميتافيزيقيات، فمن الدجل ما هو ايديولوجي تتربع على قمة هرمه الصهيونية والماسونية والماركسية والوجودية، ومن الدجل ما هو علمي تتصدر قائمته الداروينية والفرويدية  .

ومنه ما هو اقتصادي وسياسي واعلامي، ومن التحالفات التي جمعت بين الدجل الايديولوجي والاستغلال الاقتصادي، ما ذكره بن غوريون- في كتابه اسرائيل سنوات النضال- الصادر عام 1957 حين اعترف بان الصهاينة غيروا تحالفاتهم أثر الازمة الاقتصادية العالمية عام 1932، وتحولوا تجاه اميركا بدلا من بريطانيا بعد نجاح الاولى في الحصول على امتياز تنقيب النفط في السعودية عام 1932، والكويت عام 1933، مما اتاح لأميركا اكتساح الشرق وتسيد العالم، عن طريق الاحتكارات النفطية، واقصاء حلفائها في المنطقة ولسان حال الصهاينة، يردد قول الشاعر   :

نعم صديق المرء من كان عونه                                

وبئس امرأ من لا يعين على الدهر.

في تلك الحقبة المضطربة التي سبقت الحرب العالمية الثانية ومهدت لها شهد العالم تحالفات من تلك التي ذكرناها آنفا تمكنت من خلالها الشيوعية والفاشية والنازية والرأسمالية من السيطرة على سدة الحكم في اوربا واميركا، وبعدما عجزت الشعوب المغلوبة على امرها من سبر اغوار هذه التحالفات ومعرفة كنهها، عمدت الى نظرية (البقرة الحلوب) للوصول الى الحقيقة بأقصر الطرق، حيث قدمت النظرية تعريفا لكل تحالف انطلاقا من الكيفية التي يتحكم بها بالموارد الاقتصادية للشعوب المستعمرة.

فالشيوعية كما تراها نظرية البقرة الحلوب، الضاحكة على ذقون الشعوب، هي ان تكون لك بقرتان تصادرهما الشركات الاحتكارية بتهمة الملكية الفردية لتمنحك بعضا من لبنها بين الحين والآخر، اما الفاشية فهي ان تكون لك بقرتان تصادرهما الشركات الاحتكارية، لتبيعك بعضا من لبنها، شريطة ان تقف طابورا طويلا للحصول عليه، واما النازية فهي ان تكون لك بقرتان تصادرهما الشركات الاحتكارية ثم تعدمك بتهمة الخيانة العظمى وتعلق رأسك وساما على صدور الجلادين. واما الرأسمالية فهي ان تكون لك بقرتان تصادرهما الشركات الاحتكارية بتهمة الاساءة الى حقوق الحيوان ثم تعمد الى تصدير لبنها اليك بعلب انيقة مكتوب عليها (اضحك تضحك لك الدنيا، ابك تبك لوحدك).

وباستعاضة الابقار بالآبار، والحليب الابيض بالنفط الاسود، تتضح لنا الصورة جليا، وتتبين بعض ملامحها المستقبلية الخفية فهذه التحالفات والائتلافات الاحتكارية التي منحت حق استغلال آبار النفط العراقي الرئيسية التي يشكل انتاجها 80%، من اجمالي انتاج النفط العراقي تأتي في مقدمتها شركة شل الهولندية، وبتروناس الماليزية، وتوتال الفرنسية، وبرتش بيتروليوم البريطانية، وأكسن موبيل، واينا الايطالية، وغيرها التي منحت حق استثمار وتطوير حقل مجنون والحلفاية، والرميلة الشمالي، والرميلة الجنوبي، وحقل كركوك، وباي حسن، والزبير والقرنة، ولا نخال ان مثل هذه التحالفات العملاقة ستقوم بدفع مستحقاتها المالية الى الشعب العراقي، بعد ان تستخرج ما معدله 12 مليون برميل يوميا بحلول 2016، كما اعلن عن ذلك.

ولا نخال المسؤولين العراقيين ممن سيحصلون على صدقات هذه الشركات الاحتكارية من عائدات النفط العراقي، سيوظفونها لبناء المستشفيات والمصانع والمساجد والمدارس، والمراكز الصحية في القرى والارياف، والجسور، ودور الايتام والمسنين، ومراكز تأهيل المعاقين، ومحو الامية… وما الى ذلك  .

هذا فضلا عن ارتياب دول الجوار النفطية، والدول الاعضاء في منظمة أوبك، وشنها حملة اعلامية شعواء ضد العراق في المحافل الدولية والاقليمية وربما حصاره اقتصاديا أو احتلاله عسكريا كما حصل مؤخرا في البئر رقم (4) في الفكة، والله يستر من تاليها.

وبدلا من ذلك، كان بالامكان ان تتحالف القوى الوطنية العاملة والكفوءة لاستغلال خيرات البلاد وتوظيفها للصالح العام انطلاقا من شعار نفط الشعب للشعب بدلا من منح الحقول النفطية لتحالف الشركات الاحتكارية.

Facebook
Twitter