اتهم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي، عمار الحكيم، التحالف الدولي بعدم جديته بمحاربة تنظيم داعش الارهابي في العراق ووصف ضرباته الجوية بالاستعراضية.
وقال الحكيم في ملتقى الأربعاء الاسبوعي الذي اقامه بمكتبه في بغداد، “:شهدنا في الايام الماضية انتصارات كبرى في معركتنا ضد الارهاب، ان المعارك التي يخوضها الحشد الشعبي الآن بمعية الجيش والشرطة الاتحادية وابناء العشائر الكريمة وانضمام البيشمركة مؤخراً تمتد على مساحة جغرافية شاسعة تصل الى 6 الاف كيلو متر مربع … وان هذه المساحة الكبيرة تمثل تحدياً اخراً من تحديات المعركة ولكن قيادة الحشد الشعبي ولله الحمد تتعامل مع هذا التحدي بجدية وحكمة … انها حرب شوارع وتطهير مناطق ومسك الأرض وهي ليست حرباً عسكرية بين جيشين حيث تكون خطوط النار والتداخل واضحة ومحددة”.
واضاف “:اننا نخوض معركة صعبة من الناحية الجغرافية والديموغرافية …. حيث المساحات الشاسعة والتداخل الكبير بين المدنيين والمسلحين وحساسية القتال في الاحياء السكنية والشوارع وتطهير القرى المحيطة بالمدن … وتامين خطوط الامداد بين القطعات المختلفة … في بداية المعارك كانت هناك شكوك كبيرة في قدرة قوات الحشد الشعبي على التعامل مع الانتشار الجغرافي المعقد للمسلحين وفي تطهير هذه المساحات الشاسعة، ولكننا اليوم نجد ان القدرات اللوجستية والتعبوية قد تطورت بشكل كبير وأصبحت قوات الحشد قادرة على تحرير وتطهير مناطق واسعة من الارض في مدة زمنية قصيرة وقياسية …اننا بحاجة الى حشد سياسي واعلامي وجماهيري يوازي الحشد العسكري لمواجهة داعش لان تحقيق الانتصار يتطلب تكامل الادوار وما زال البعض يتعامل بطريقة خجولة في الدعم والاسناد في وقت ما بات فيه مجال للوقوف على الحياد وفي المنتصف”.
واوضح الحكيم ان “دماء شهدائنا وجرحانا ليست رخيصة لتستهدف تضحياتهم عبر محاولات تضليل الرأي العام ونشر الاخبار المفبركة والكاذبة للتأثير على سكان المناطق المغتصبة وشحنهم طائفيا فيما ان هؤلاء الابطال قدموا لتحرير وطنهم وحماية اهلهم من القاطنين في هذه المناطق وصيانة اعراضهم واموالهم وبعد تحرير المناطق وتطهيرها واعادة النازحين اليها يكونوا قد حققوا مهمتهم الشرعية والوطنية والانسانية”.
واشار الى ان “من الضروري التركيز على دور العشائر في المناطق المغتصبة في عملية تحريرها مع تقديم الدعم والمساعدة من قوات الحشد الشعبي والقوات العسكرية الأخرى…لأن اهل المناطق المغتصبة يعرفون جيدا الطبيعة الجغرافية لمناطقهم ويميزون بين أبنائهم المدنيين وبين المسلحين الإرهابيين المندسين معهم…ويدركون جيدا حجم الدمار والوحشية التي مارسها الدواعش على أهلهم وذويهم …ان تلاحم العشائر العراقية الاصيلة في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ وطننا يعبّر عن اصالتها وموقفها الحقيقي والصادق في حربهاضد الإرهاب الأسود الذي يعيث فسادا في مناطقها وعقول بعض أبنائها المغرر بهم .انها فرصة ثمينة لأثبات صدقية ووطنية وعراقية الكثيرين الذين لم تتوفّر لهم الفرصة من قبل ليعبروا عن موقفهم تجاه الإرهاب بالأفعال لابالأقوال”.
وتابع رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي “:كما نشدد دائما على أبنائنا في الحشد الشعبي في الحفاظ على أرواح المدنيين وممتلكات المواطنين وتجنب الدخول في اشتباكات في المناطق المكتضة بالسكان قدر الامكان …. ان الإرهاب الداعشي ليس لديه ما يخسره وهو يتجه نحو الهزيمة ويعمل من اجل نشر ثقافة الموت والدمار، بينما نحن كعراقيين وبكل اعراقنا ومذاهبنا وادياننا نمتلك الكثير الذي يجب ان نحافظ عليه واوله أرواح أبنائنا المواطنين والمقاتلين في الحشد والقوات المسلحة الاخرى ….. وبمنح دور فعال لأبناء المناطق المغتصبة في عملية تحرير مناطقهم فإننا نحمي الكثير من الأرواح ونحقق تفوقاً نوعياً على العدو ونرسخ مبدأ العدو الواحد المشترك”.
وحول دور التحالف الدولي في الحرب على الإرهاب في العراق، ذكر الحكيم “:يتساءل البعض عن تقييمنا لدور التحالف الدولي في الحرب على الإرهاب في العراق …اننا لا نشعر بالجدية والفاعلية الكافية والمطلوبة للتحالف الدولي مقارنة بالهجمة الشرسة البربرية التي يتعرض لها العراق والعراقيون من قبل الإرهاب….ان هؤلاء الارهابيين اثبتوا بما لا يدع مجالاً للشك انهم ضد التاريخ والحضارة والإنسانية وانهم يدمرون الاثار بعد سرقتها وهناك الاف الضحايا الأبرياء الذين سقطوا منذ بداية هذه الهجمة البربرية وملايين النازحين ومئات القرى وعشرات البلدات المدمرة ، ومع كل هذا فان التحالف الدولي يتعامل مع الاحداث وكأنه نزاع عسكري مسلح ويخضع لقواعد الاشتباك وعامل الوقت !!… عشرات الدول أعلنت انضمامها الى التحالف الدولي ضد الإرهاب ولكن من المؤسف ان تكون مشاركتها شبه رمزية وكأننا في استعراض عسكري !!!…. وليس في مواجهة ابشع تنظيم إرهابي عرفه التاريخ ..انهم يتحدثون عن جداول زمنية مخجلة !! لا تتلائم والقدرات العسكرية الهائلة لهذه الدول المشاركة في التحالف”.
وبين ان “الإرهاب يستخف كل يوم بالتحالف الدولي و يرد على عملياته الجوية بالمزيد من التدمير للمواقع التاريخية والحضارية للعراق ومزيد من الضحايا العراقيين وحملات الإرهاب الدموي المنظم … نحن واثقون ان التحالف يستطيع ان يقدم المزيد من الدعم العسكري والاستخباري واللوجستي للعراق .. كما انه يستطيع ان يزيد من فاعلية عملياته وضرباته الجويةويدمر البنية العسكرية لداعش في اكثر من مكان … وان قواتنا الامنية والحشد الشعبي وابناء العشائر والبيشمركة بدأت تأخذ المزيد من الأدوار وتمتلك زمام المبادرة لأنها ادركت ان عليها خوض معركتها المصيرية معتمدة على امكانياتها الذاتية وإرادة أبنائها بشكل أساسي”.
وبشان الدور الإيراني في المعركة مع الإرهاب “، قال الحكيم “:في نفس الوقت نجد هناك من يتساءل عن الدور الإيراني في مواجهة الارهاب ؟!… وهناك من ينظر بعين الريبة والشك لهذا الدور … من وجهة نظرنا فأن الجمهورية الإسلامية كانت اول من استجاب لطلب المساعدة الذي اطلقه العراق وعلى كل الجبهات … ابتداء من حزام بغداد والى حدود أربيل وبدون شروط او تحفظات سياسية !!……. وفي الحروب فأن تقييم الموقف يعتمد على سرعة الاستجابة لطلبات المساعدة … ولم تنتظر الجمهورية الإسلامية ان يقوم الإرهاب بجرائمه كي ترسل مساعداتها وانما استشعرت خطورة الموقف منذ اللحظات الأولى …. ان داعش الإرهابية تشن حملتها بأهداف معلنه واخرى خفية وايران تدرك انها ستكون الهدف التالي لهذا الإرهاب اذا انهارت الاسوار العراقية لا سمح الله … وهي اليوم تقاتل الإرهاب في الخطوط الامامية لأنها تدرك انها هدف مباشر للإرهاب عن طريق البوابة العراقية … في هذا الظرف فأن من المنطقي والطبيعي ان يكون لإيران دور فعال في هذه الحرب لأنها حربها المباشرة مع الارهاب كما هي حرب العراقيين … وكذلك هي حرب المنطقة والعالم ككل …. ولكن للأسف البعض في منطقتنا لا يشعر بالخطر حتى يطرق بابه بصورة مباشرة !!!… ولا يتعامل مع الإرهاب بجدية حتى يضرب مدنه ويقتل أبناءه !!… وايران ليست من هذا النوع … اننا نخوض معركة مصيرية ولسنا في نزاع مسلح محدود … وسنقيّم علاقاتنا المستقبلية مع الجميع من خلال موقفهم معنا في هذه الحرب المصيرية …. وكل من يدعي الأهتمام بمصير العراق وحياة العراقيين عليه ان يثبت ذلك من خلال دعمه الواضح والمباشر والفعال للعراق والعراقيين في هذه الحرب التي يخوضها العراقيون دفاعاً عن انفسهم ونيابة عن دول المنطقة والعالم …. ان الجمهورية الإسلامية وقفت كثيرا مع العراقيين بالأمس البعيد والقريب ….. وتقف اليوم أيضا وبكل امكانياتها … ومن يسال عن الدور الإيراني في الحرب على الإرهاب عليه ان يقيم دور الاخرين الذين يصل بعضهم الى حد التآمر على العراق وشعبه ….. وهي فرصة نجدد فيها دعوتنا لجميع الخيرين المستعدين لمساندة العراق في مواجهة الارهاب الداعشي للتعاون المشترك في هذه المواجهة وتشكيل جبهة اقليمية واسعة للقضاء على الفكر المتطرف والسلوك المتطرف بعيداً عن الحساسيات المذهبية وبما يعزز الامن والاستقرار في المنطقة”.
بخصوص الاتفاق النووي الإيراني الغربي، استدرك رئس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي قائلا :وفي المحور الإيراني ايضاً فأننا نتلمس بوادر اتفاق وشيك بين ايران والقوى الغربية بخصوص الملف النووي … ونحن نرحب باي اتفاق يعزز الثقة ويحفظ الحقوق للجميع ويجنب المنطقة المزيد من التوتر … ان الاتفاق الإيراني الغربي اذا ما تحقق سيكون عاملا إضافياً في تدعيم الجبهة المضادة للإرهاب … وسيكون خطوة مهمةللأمام … ان الجمهورية الإسلامية التزمت وامام العالم بسلمية مشروعها النووي ورفض انتاج واستخدام الأسلحة النووية وعلى العالم عموما والغرب خصوصا ان يحترم هذا التعهد ويتعامل معه بثقة وحسن نية ….ان الاحداث التي نعيشها والتجارب القاسية التي نخوضها تخبرنا ان الإرهاب التكفيري الدموي الأسود لهو اخطر من السلاح النووي وتأثيراته المدمرة … لان الإرهاب يدمر العقول مثلما يدمر الاثار والمدن ويقتل الأبرياء …. ان المغامرة بإضاعة هذه الفرصة الكبيرة سيفتح الباب امام الكثير من المخاطر والاحتمالات السيئة … ونامل ان نرى اتفاقا شاملا وعادلا في المستقبل القريب”.