صاحب الامتياز
رئيس التحرير
عبدالرضا الحميد

على اكتاف النار تنوس فاختة نادية العبيدي

بين اليمامات النائسات على اطراف دجلة تنام ارواحهم المستنيرة بصبر الايام وعلى ضوء الشموع الخافتة تعلو انفاس الصبح على واقعة اليمة وتلك الارواح لاتزال تبحث عن متكأ لها على عرائش الوطن وشرفات الحياة العاجة باصوات الانفجارات …

مشهد تأنف الروح نسيانه .. ارتقيت السلم خلف اصوات تتمتم بطلسم غير مفهوم وغير ابه لصوت العويل الذي يصم الاذان من حولي نزلت السلم فامتلآت خياشيمي برائحة الدم والاجساد المتفحمة لكنها كانت تشبه رائحة المسك والزعفران .. كنت ابحث عن ذلك الصوت الخافت وكنت اسال من حولي هل تنصتون ؟هل تسمعون ام لاتزال في اذانكم وقر ..؟.

كلما نزلت اكثر كلما زاد الصوت اقترابا ووضوحا .. وبين حطام المبنى والمياه التي تملآ المكان ورائحة البخور الممتزجة بدماء الابرياء كان ثمة ضوء خافت من تحت كومة حطام كنت اقترب فتدفعني الى الوراء وترجعني من حيث بدأت ريح قوية مع اصوات خاطفة .. لكنني كنت مصممة على الوصول  اجل انها هناك تبكي خائفة مرعوبة تتلمس ماحولها لكنها لاتجد ما يسكن روعها .. تجتر اللحظات وتجرعها واحدة بعد الاخرى تخفي وجهها بيديها المصطبغتين بلون الرماد وطعم الدم . حاولت ان اهدهدها واسحبها من ذلك الجبروت واوقف الذاكرة المتدفقة على عالم اسود لا يخفي في طياته الا النار والرماد والبكاء والعويل لكنني لم استطع ان اخرجها من تلك الدائرة المحصنة وهالة الضوء المحيطة بها وهي قابضة بيدها على جمر نار تكاد تحرقها اكلمها اسمع تنهدات خوفها توجعني . اريد ان انقذقها من فكي الموت والاختناق اصرخ لكن صوتي غاب في جوفي . حبيبتي هلمي الي لاخرجك من الجب . تعالي لامنحك الامان . تنظر لي وشفتاها لا تتوقفان عن التمتمة والنار تنشب في ثوبها القرمزي . ضفائرها متدلية على كتفيها وزهور تملأ المكان تلوح بكفيها الصغيرين مرة ومرة اخرى تنبش بين الرماد باحثة عن شيء ما قد يكون هيكل لعبتها التي احترقت .. صرت اصرخ كلما زاد لهيب النار وازداد لهيب القلق عليها وصارت في وسط الهشيم واخذ منها كل قواها المخبأة للحظة ما صرت اركض نحو السلم المحترق ربما هناك من يسمعني فياتي للمساعدة لكن الناس كانوا يقفون في خشوع . لايحرك اي منهم احد ساكنا . وحتى انهارت قواي وخارت كان ازيز الصوت وهي تتمتم لايزال يدور في رأسي عندها قررت ان انسحب واعلن فشل انقاذي لها .. وما ان غادرت المكان حتى صرت اسمع كل يوم عن حال هذه الطفلة بل الروح التائهة لرماد من احترق ..

Facebook
Twitter