علاوي والمالكي وحروب الكنة والحماة

 حصل اياد علاوي على الكثير من التعليقات المرحة والناقدة بسبب لازمته : لا أدري ! ما أدري! . يستغرب الكثيرون كيف يستخدم سياسي لكلمة تنم عن جهله وعدم علمه . لكن السؤال الذي يبدد الاستغراب ويمنع الدهشة : هل هو سياسي حقا ؟
الحقيقة أن علاوي لا يستحق وحده هذا السؤال المتشكك ، ، وقد يستحق الإنصاف بشان الاعلان عن جهله ، فهو تلقائي ، لا يتبجح ، ولا يدري . في مقاييس المجاميع التي جاءت بعد 2003 لا يمتلك علاوي ما يفخر به من إنجاز ، وهذا هو حال الكثيرين من السياسيين الذين ظهروا بعد عام 2003 وهم بلا أي تدريب سياسي ، وبلا أي انجاز . ربما يحفظون بعض الآيات القرآنية والأدعية ، لكنهم لا يصرحون بعدم علمهم أو عدم درايتهم . وهكذا نعرف أنهم جميعا لا يدرون وغير عالمين ، وكفاءتهم الوحيدة أنهم متظاهرون ، مثل الاخ صولاغ الفنان في كل شيء ما عدا أن ينجح في عمله ، فهو فاشل مضروب في عشرة !
في الوسط السياسي العراقي الرسمي جهلة حقيقيون يدعون المعرفة ، وهناك من تصرف عن جهل حقيقي وسبّب خرابا كبيرا لكنه ظل متماسكاً ، وظل مسؤولاً ، وظل كبيراً ، وبالتأكيد ظل جاهلاً بأمر نفسه ، أي أنه جاهل مضاعف. يحضر في الذهن المالكي الذي يعرف كل شيء ، ويحتفظ عن كل شيء بملفات ، لكن بسبب جهله في شؤون الدولة سبب الكوارث ، ثم بسبب إدارته الفاسدة أفسد جيشا لجباً من الموظفين المدنيين والعسكريين وأساء إلى سمعة حزب الدعوة .
ما أن يحضر المالكي حتى يظهر المنافس ، اياد علاوي . ويبدو أنهما متساويان في الحظ ، كما حصل في انتخابات 2010 ، حيث ظهرا متساويين تقريبا في الأرقام ، إلاّ انهما في (التصوير!) ظهر أن علاوي الأول ببضعة سنتمترات ، ثم تبين أن الأعداد الواقعية لا تعني شيئا في الديمقراطية العراقية ، بل حجم الكتلة التي ينتمي اليها المرء ، وهكذا ظهر المالكي متفوقا طائفيا ، ثم سياسيا . وإذا بعلاوي يتكرس كحزبي قديم .
ونبقى في هذه العلاقة الغريبة ما بين علاوي والمالكي ، فقد تقاسما لعبة توتير الحياة السياسية ، وتقسيم كل شيء ، بما ترتبت عليه زيادة مناسيب المحاصصة ، وتحويل الجماعات السياسية الى دكاكين.
نعرف أن علاوي كان أكبر ناقد للمالكي ، بل هو القطب إزاء القطب الآخر ، لكن علاوي لم يتحول وجماعته الى معارضة منظمة . كان هذا عجيبا ، فعلاوي يعارض الحكومة بينما هو في الحكومة ، والوزراء الذين يمثلونه يبربعون بنعيم الحكومة وأطايبها . لم يفكر علاوي في تحويل جماعته في البرلمان إلى تكتل معارض لها ستراتيجية خاصة ، أي أن يكون داخل البرلمان ويراقب الحكومة وينتقدها ، ومن ثم يجرب حظه في الانتخابات . بل تصرف علاوي كمشروع دكان سياسي ، فهو لا يريد أن يفقد التمتع بالسلطة ، ولا يريد أن يخسر صيته كمعارض للسلطة . بمثل هذه الشيزوفرينيا أفقد جماعته روح الجماعة المتماسكة ، وعرضهم لرياح الفساد الآتية من خصم إسلامي يحب دفع الرشا دفاعا عن الإسلام!
إن نضال علاوي ضد المحاصصة ليس سوى نفاق عادي ، مادام احتفظ بمنزلة مهمة في تقاسم المغانم الحكومية والتمتع بأرزاق السلطة .
ولسوف يؤكد ذلك بقبوله منصب نائب رئيس الجمهورية ، بعد أن وصف هذا المنصب بالحذاء!

Facebook
Twitter