عبد الرضا الحميد
حين انفض جيش الحجاج بن يوسف الثقفي من حوله وهرب جنده بسبب كثرة حروبه وعدم مشروعيتها وانتهاكها لانسانية الانسان، وماعادت كتائبه وسراياه تضم الا انفارا توجس خيفة من انكسار وشيك وهزيمة مرة، وبان له نجم مصيره في الظهيرة الحمراء ، فأستقدم كبار دهاته وسألهم المشورة، واعمل هؤلاء كل مافيهم من دهاء، حتى توصلوا الى حل دلفوا اليه ونصحوه باستدعاء شيوخ العشائر والقبائل ومنح كل واحد منهم لقب (العريف) في جيشه واعطائه من العطايا اجزلها ومن الرواتب افخمها ومن الامتيازات اعلاها شريطة ان يعيدوا كل جندي هارب من افراد عشائرهم الى كتيبته او سريته او يسلموا عنقه الى احد سيافي الحجاج.
ولما سال لعاب الشيوخ العرفاء لعرض الحجاج واندفعوا لتنفيذ امره ، ضجت ارض السواد بدماء تشخب من اعناق جنود قضوا في معارك واعناق جنود جزها السياف.
يبدو ان رئيس الحكومة نوري المالكي هضم هذا الدرس الجيدا واستحلاه واستمرأه لما وجد نفسه وقد انفض من حوله شركاؤه وحلفاؤه وحتى الكثير من حزبه، وتوجس خيفة من نمو الغضب الشبابي المقدس، فعمد الى عرفائه الذين اغدق عليهم من المسدسات صوائت وكواتم ومن المليونات خمسينات وخمسينات ومن الرواتب ما اسال اللعاب وغيب الحق والعرف والقيم والاخلاق، وناداهم انه هلموا الى المسرح الوطني فتنادوا اليه من كل محافظة وقضاء وناحية الا من منعه اسم عشيرته وزهوها وكبرها وقيمها واعرافها، وبعد ان ثقلت موازين جيوبهم وخفت موازين ناسهم عندهم، لم يجدوا ضيرا في ان يركبوا حافلات في جمعة القرار والرحيل صوب ساحة التحرير وقد اخفى بعضهم تحت عباءة عصا او (مكوار) كي ينهالوا بها على الشباب الغاضب بغية اسكات صوتهم ، صوت الحق، صوت الشعب كله، صوت شهداء العراق واحراره، صوت ارامله وايتامه وثكالاه ومشرديه ومهجريه وجياعه، صوت الكفاءات العلمية المهدورة على رصيف البطالة في ظل حكومات الكفاءات المزورة، وكان ان طاردت العصي اي شاب نادى بمحاسبة المفسدين وكأن عقال الرأس قد خلق عند هؤلاء لحماية الفساد، وان تهاوت العصي والمكاوير على اي شاب نادى بترحيل الكاذبين الى مستعمرات اكاذيبهم وكأن عقال الرأس قد خلق لحماية الكذب والكاذبين، وان خفت العصي وراء اي شاب واية امرأة نادى او نادت مطالبا او مطالبة بحق مغدور وكأن عقال الرأس قد خلق لحماية الباطل.
وكانت واقعة (العقال) في ساحة تحرير بغداد توأما فذا ونادرا لواقعة (الجمل) في ميدان تحرير القاهرة ، وفي التاريخ والحكمة والمنطق ان حكام السهو والخطأ التاريخي واتباعهم على اشكالهم يقعون.
نعم، ان العقال الذي انهال بالعصي على شباب اعزل الا من ايمانه بالله ووطنه وشعبه ليس من عقالات العراقيين الاباة البواسل الشجعان الذين لايرهبهم ترهيب حاكم ولا يسيل لعابهم لترغيبه.
نعم، ان عرفاء الحجاج من قبل وعرفاء المالكي الان ليسوا من سادة قبائلنا وشيوخ عشائرنا فحاشا لقبائلنا الابية وعشائرنا الكريمة ان ينتسب لها الهازجون القوالون الهزازون على رنين الذهب والفضة وخشخشة الدولار.
نعم ان عرفاء المالكي الذين هتفوا (جيش وشعب وياك نوري المالكي) في ساحة التحرير في جمعة القرار والرحيل هم انفسهم شيوخ التسعين الذين هتفوا من قبل (جيش وشعب وياك يامجلس الثورة)، وهم انفسهم سيهتفون ضد المالكي لو ازاد احد ما درهما على مايعطيه لهم المالكي.
نعم ان عرفاء المالكي الهزاجون بقضهم وقضيضهم لايرتقون باجمعهم الى عشر معشار شجاعة ذلك المهوال النجفي الذي وقف بوجه طاهر يحيى رئيس وزراء العراق الاسبق وصاح:
انلاصت يبن يحيى وبعد هم تنلاص
مثل كحاب ششتر حالقات الراس
قسم لبن الزنيم وقسم لبن الكاس
وقسم لطاهر يحيى يمصمص بيه
ان عشائرنا وقبائلنا ملزمة الان دينيا واخلاقيا وقيميا باعلان براءتها من كل رأس شال عقالا وهوم بعصا على اي شاب من شباب ساحة التحرير.
لشباب ساحة التحرير راية البراءة والحق والصدق والنبل وفروسية الرأي وشجاعة الموقف، ولهم محبة ربهم ورضاه ، ولعرفاء الحجاج من قبل وعرفاء المالكي الان غضب الشعب، وغضب القوي الحليم الذي يمهل ولا يهمل.