عدم قانونية تجميد عضوية سوريا

/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:”Table Normal”;
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-priority:99;
mso-style-parent:””;
mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt;
mso-para-margin:0cm;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:10.0pt;
font-family:”Calibri”,”sans-serif”;
mso-bidi-font-family:Arial;}

محمد رياض

 

أحاول قدر الإمكان عندما أتحدث عن النواحي القانونية – وهي مجال تخصصي – أن أحصر الحديث بالجانب القانوني المتعلق بالمسألة ذات الصلة بطريقة بحثية مجردة بحيث أتجنب تحويل البحث إلى عرض لرأيي الشخصي، ولهذا فأنه مع عدم إيماني بجدوى وجود الجامعة العربية من الاساس، فأنني سأتطرق لبحث مسألة تعليق عضوية سوريا وهي دولة مؤسسة لهذه الجامعة ومخالفة ذلك لميثاق الجامعة الذي يعتبر بمثابة قانونها الأساسي ويحدد آليات ونطاق عملها.

 

نبذة تاريخية موجزة عن تأسيس الجامعة وإقرار الميثاق

 

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وحصول بعض الدول العربية على إستقلالها قامت العديد من الأحزاب والهيئات العربية في مصر والشام والعراق وكذلك الصحف الوطنية بإصدار بيانات مفادها أن الوقت قد حان لتحقيق إتحاد عربي فدرالي بين الدول المستقلة حديثاً، وتلبية لهذه النداءات وما أنتجته من رأي عام شعبي ضاغط بهذا الإتجاه، فقد قام السيد مصطفى النحاس باشا رئيس وزراء مصر بدعوة الدول المستقلة السبعة لإجتماع خاص في الإسكندرية لمناقشة موضوع الوحدة العربية أو الإتحاد الفدرالي بين الدول المستقلة.

وقد لبت خمسة دول عربية من اصل سبعة الدعوة لحضور المؤتمر التأسيسي وهذه الدول هي (مصر، سوريا، العراق، الأردن، لبنان) بينما تخلفت دولتان هما (اليمن والسعودية).

وقد كانت نتيجة المؤتمر مخيبة للآمال ومحل إنتقاد الأحزاب والصحف في هذه الدول، حيث توافق المجتمعون لمناقشة مشاريع الوحدة بمختلف أشكالها كما يفترض بهم بدلاً عن ذلك على تأسيس كيان تنسيقي للعمل المشترك سموه بجامعة الدول العربية (بعد رفض الإقتراح السوري بتسميته بمجلس الإتحاد العربي).

بروتوكول الإسكندرية

بإختصار، ميثاق الجامعة الحالي هو النسخة المعدلة من بروتوكول الإسكندرية وهو (أي البروتوكول) الوثيقة التأسيسية لمنظمة جامعة الدول العربية والتي تم الإتفاق عليها وإبرامها بين الدول الخمسة الحضور في مؤتمر الإسكندرية الذي إستمر من 25 سبتمبر (أيلول) إلى 25 اكتوبر (تشرين أول) 1944، ويتكون البرتوكول من 5 أجزاء على النحو الآتي:

1ـ ماهية الجامعة 2. التعاون في الشؤون الإقتصادية والإجتماعية والثقافية 3. تدعيم التعاون المستقبلي 4. قرار خاص بلبنان يتعلق بإحترام سيادته وإستقلاله 5. قرار خاص بفلسطين يؤكد ان المساس بفلسطين يشكل خطراً على الأمن القومي ككل).

ميثاق الجامعة

بتاريخ 22 مارس (أذار) 1945م، إجتمعت الدول الخمسة المؤسسة مجدداً بالإضافة للسعودية واليمن هذه المرة، حيث كان هذا أول إجتماع رسمي لمجلس الجامعة العربية وفيه تم إقرار نظام أساسي دائم للجامعة مبني على ما تم إقراره في (بروتوكول الإسكندرية) ومضافاً إليه بعض التعديلات الإجرائية التفصيلية، وسمي هذا النظام الداخلي بالميثاق ويتكون من عشرين مادة وملحق خاص بفلسطين يقضي بأن يقوم مجلس الجامعة بتعين مندوب مراقب لفلسطين لحين نيلها الإستقلال التام وملحق ثاني يتعلق بالتعاون مع الدول العربية غير المستقلة بعد وثالث يتعلق بتعيين المرشح المصري السيد عبد الرحمن عزام كاول امين عام للجامعة لمدة عامين. (ملاحظة السعودية واليمن رفضت التوقيع على الميثاق في الدورة الاولى لمجلس الجامعة ثم قامتا بالتوقيع عليه لاحقاً).

المواد المتعلقة في الميثاق

تبين أن الميثاق هو دستور الجامعة ونظامها الداخلي ولهذا فسوف أستعرض المواد المتعلقة بقضيتنا الراهنة وهي مسالة تجميد عضوية سوريا كدولة مؤسسة من الميثاق:

1.     المادة الثامنة من ميثاق جامعة الدول العربية تنص على الآتي:

(تحترم كل دولة من الدول المشتركة في الجامعة نظام الحكم القائم في دول الجامعة الأخرى، وتعتبره حقاً من حقوق تلك الدول، وتتعهد أن لا تقوم باي عمل يرمي إلى تغيير ذلك النظام فيها)

2.     المادة الثامنة عشرة من ميثاق جامعة الدول العربية تنص على الآتي:

(إذا رات إحدى دول الجامعة أن تنسحب منها، أبلغت المجلس عزمها على الإنسحاب قبل ذلك بسنة، ولمجلس الجامعة أن يعتبر اي دولة لاتقوم بواجبات هذا الميثاق، منفصلة عن الجامعة، وذلك بقرار يصدره بإجماع الدول الأعضاء عدا الدولة المشار إليها)

التعليق على احكام المادة 8 من الميثاق

الجامعة وبعض الدول الأعضاء خالفوا المادة الثامنة أعلاه من الميثاق كالتالي:

 1. الطلب من سوريا إقرار (إصلاحات داخلية) تتعلق بإجراء تغييرات أساسية في شكل ومضمون نظام الحكم القائم يعتبر مخالفة لأحكام المادة 8 من الميثاق والتي لا تجيز لمجلس الجامعة التدخل في مضمون ونوع نظام الحكم في الدولة العضو واعتبار ذلك أمراً سيادياً للدولة لا يجوز إنتهاكه.

2. تعليق عضوية سوريا في المجلس بحجة عدم القيام بإصلاحات داخلية قانونية محددة يعتبر مخالفة سافرة للمادة 8 من الميثاق التي لا تجيز للمجلس القيام بأعمال قد تؤدي لتغيير نظام الحكم في الدولة العضو كما هو واضح في نص المادة اعلاه

3. دعوة بعض الدول العربية المباشرة الرئيس السوري إلى الإستقالة تعتبر إنتهاكاً سافراً لنص المادة 8 من ميثاق الجامعة التي لا تجيز التدخل في شكل النظام القائم في اية دولة عضو وإعتبار ذلك حقاً سيادياً من حقوق هذه الدولة

4. قيام اجهزة إعلام رسمية او شبه رسمية بالتحريض على نظام دولة عربية عضو من اراضي الدول العربية المحرضة يشكل إنتهاكاً لأحكام المادة 8 من الميثاق والتي لا تجيز للدول الأعضاء القيام بأي إجراء يرمي إلى تغيير نظام الحكم في اي دولة عضو كما بينا أعلاه.

التعليق على احكام المادة 18 من الميثاق

مجلس الجامعة خالف أحكام المادة 18 من الميثاق على النحو التالي:

1. فصل اية دولة من عضوية الجامعة حسب المادة 18 المبينة أعلاه مشروط ومحدد بعدم إلتزامها بمواد الميثاق فقط، وبما أنه لم يرد في حيثيات قرار أو مشروع قرار تجميد العضوية الصادر عن مجلس الجامعة أي إشارة لمخالفة سوريا لأي بند من بنود الميثاق فإجراء التجميد يفقد بهذا الأساس القانوني المطلوب لتفعيله.

 2. إجراء الفصل حسب احكام المادة 18 على فرض إستناده على أساس قانوني يتطلب إجماع دول المجلس بالموافقة بإستثناء الدولة المعنية، وفي حالتنا هذا ما لم يتم حيث إعترضت بعض الدول وإمتنعت أخرى عن التصويت، وبالتالي القرار غير نافذ لعدم توفر شرط الإجماع حسب أحكام المادة 18.

مخالفة الإجراء العقابي للمبادئ المستقرة في القوانين والأعراف الأممية
    بغض النظر عن مستوى الثقافة القانونية للوفود الخليجية المشاركة فأنه من الثابت والمستقر عليه قانونياً في أعراف وتشريعات الأمم المتحضرة بالإضافة للمنصوص عليه في ميثاق عمل الأمم المتحدة وكذلك مبادئ معاهدة روما المتعلقة بتأسيس المحكمة الجنائية الدولية وكذلك الثابت في النظام الداخلي لقانون عمل محكمة العدل الدولية أن الإدعاءات المتعلقة بمخالفات دولية لحقوق الإنسان أو إرتكاب جرائم حرب تجاه المدنيين أوما شابه ذلك يستلزم إستنفاذ الخطوات القانونية التالية قبل الإقدام على اتخاذ أي قرار عقابي بحق الدولة المخالفة، الخطوات الواجب إستنفاذها هي:

 أ‌. إيفاد لجنة أو لجان تحقيق مستقلة ومحايدة و(مهنية) تتولى التحقيق وجمع المعلومات والأدلة القانونية اللازمة المتعلقة بالإدعاءات محل التحقيق

 ب‌. تقوم هذه اللجنة أو هذه اللجان بتجهيز ملف يتضمن جميع الحيثيات والتفاصيل ومشاهدات وملاحظات أعضاء اللجنة أو اللجان بالإضافة لعرض وجهة النظر الحكومية ودفاعاتها ثم يتم عرض توصيات اللجنة النهائية على المؤسسات ذات الإختصاص، ثم بعد ذلك يتم التصويت على هذه التوصيات من قبل الأعضاء الممثلين في هذه الهيئات.

 ت‌. في الحالة السورية تعتبر إية إجراءات عقابية من الجامعة العربية مخالفة للمبادئ المشار إليها أعلاه لعدم إتباعها للآليات القانونية المتعارف عليها (بالإضافة طبعاً لمخالفتها الصريحة لميثاق الجامعة نفسها كما هو مبين أعلاه)، فلا لجنة تحقيق أرسلت ولا بيانات دقيقة ومفصلة وذات مصداقية جمعت ولا مشاهدات ومقابلات ميدانية لإعضاء اللجان دونت ولا توصيات صدرت عن لجان تحقيق مهنية أنجزت، وكل ما حصل هو إندفاع وراء تقارير إعلامية تستمد معلوماتها من مصادر مجهولة يصعب التحقق من صدقيتها أودقتها.

وفي النهاية يبدو ان الإندفاع العربي المحموم وراءه جيوش أطلسية قادمة لحرق الأخضر واليابس. أما الذين يتباكون على الحرية والديمقراطية اليوم فسيبكون غداً لو كانوا صادقين على الحرية والإستقرار والسلم الأهلي وعلى الوطن الذي كان يوماً ما واحداً

Facebook
Twitter