ثمة نكتة حادة تداولها أهل العراق زمانا طويلا حيث ولدتْ في ستينات القرن البائد، وتواصل سيحانها على الألسنة ويبدو أنها انقرضت الآن، لكنَّ متبوعاتها وأسباب انولادها عادت إلى زمن الرمادة الجديد ثانية.
الطرفة اللذيذة تقول إنّ الرئيس الراحل عبدالسلام محمد عارف قد زار الهند يوما وعند مفتتح المباحثات، قال الرئيس الهنديّ لرئيسنا المحبوب إنه سمع نكتة يتداولها أهل الرافدين العظيمين زبدتها ومعناها المعلن يستخف بشعب الهند وفيها يصف شعبك أيها الضيف العزيز كلّ مبالغة أو كذبة بمرجعيتها الهندية، فيقول لاعب الطاولي لصاحبه أن لا يفعل هذا الفعل الأحمق، فيردّ عليه بقولة تساؤلية ضحّاكة “قابلْ آني هندي” أي هل أنا هنديّ كي أصنع هذا الحمق. ضحك الرئيس البشوش عارف ووعد مضيفهُ بأنه حال عودته إلى بغداد سيصدر فرمانا قويا يمنع الناس من استعمال هذه النكتة المسيئة الجارحة.
في صباح اليوم التالي صحب رئيس الهند ضيفه العراقي مودعا إياه وعلى باب الطيارة صافحه بقوة وكرر رجاءه عليه أن يمنع العراقيين من قصّ تلك النكتة المزعجة، فما كان من رئيسنا الجميل إلا أن يرد على مودّعه بضحكة منتهية بجملة “قابلْ آني هندي”.
أغلب ظني أن نكتة أيام زمان هذه قد نسجت وقيلت تحت تأثير الفيلم الهندي المبالغ بمعاركه ونتائجه حيث يسقط بطل الفيلم الأعمى من فوق جبل الهملايا فيعثر عليه صياد عجوز وهو على مبعدة شبرٍ من الموت ويعود به إلى كوخ ويشعل له كانون الحطب ويطقطق حرملا على رأسه ويطعمه حساء سمك طيب، فيتعافى شامي كابور ويفتح عينيه الكحيلتين فإذا بابنة الصياد مزروعة قدّامه وهي آية جمال وفلعة قمر، فيستعيد نظره العزيز ويتزوج البنت الحلوة وينجب منها أحد عشر لاعبا سيفوزون لاحقا ببطولة العالم للكريكت.
اليوم الأعجف الذي نعيش، عادت النكتة بثوب آخر، ويتم ترديدها كلما وعدت الحكومة ببغداد المريضة وعدا، فيقول العراقي المقهور لصاحبه في الحان، لا تصدق ما يقال، إنه فيلم هندي فقط.
بالمناسبة إنّ جلَّ أفلام هوليود الدموية التي تنتجها النذلة أميركا، فيها من المبالغات والنفخ ما ليس في أفلام الهند الديمقراطية الطيبة العالمة، ففي الفيلم الأميركي صار من السهل مشاهدة المعضّل أرنولد شوارزنجر وهو يعلك صاروخا أطلق عليه من طيارة عالية فيمضغه ويعيد بصقه على الطيارة فيفلّشها ويحرقها وييتّمْ أطفال سائقها وهي في الجو، لكن لن تجد أحدا يقول لك هازئا، إنهُ فيلمٌ أميركيٌ فلا تصدقوه.