صور الزعماء الاكراد تشعل حربا سياسية في السليمانية واربيل
لا تزال الكثير من الدوائر الحكومية في إقليم كردستان ترفع صورا للزعماء السياسيين حتى أن طالباني لا يزال رئيساً لجمهورية العراق بالصور.
في عام 1998 عندما كان إقليم كردستان يدار بإدارتين في السليمانية وأربيل، قرر برلمان كردستان الذي كان يقع تحت سيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني تعليق صورة مصطفى بارزاني (مؤسس الحزب الديمقراطي الكردستاني ووالد مسعود بارزاني) في البرلمان والدوائر الحكومية، وبعد سبعة أعوام حين تم دمج الإدارتين وتشكلت الحكومة المشتركة للإقليم قرر مجلس الوزراء تعليق صورة لمسعود بارزاني وجلال طالباني في إطار واحد في جميع المؤسسات الحكومية (طالباني بصفته رئيساً لجمهورية العراق وبارزاني بصفته رئيسا لإقليم كردستان).
وقد حدد القرار نوع الصورة التي يجب ان تعلق وحجمها وألوانها وعليه كان لا بد أن يكون طالباني فيها لابسا بدلة سوداء مع ربطة عنق اما بارزاني فكان لابد أن يظهر بالزي الكردي والكوفية الحمراء على رأسه.
ولا يزال القرار مطبقاً حتى الآن كما هو، على الرغم من أن جلال طالباني لم يبق في منصبه كما هناك خلافات وآراء مختلفة حول مدة ولاية مسعود بارزاني كرئيس للإقليم ولكنه مستمر في منصبه.
وكان يوسف محمد رئيس برلمان كردستان قد عاد عبر مطار السليمانية في الثالث عشر من نيسان (ابريل) الماضي الى إقليم كردستان بعد جولة في السويد وعقد في المطار مؤتمرا صحفيا أوضح فيه أهداف زيارته كما زار سليم الجبوري رئيس مجلس النواب العراقي في السابع من أيار (مايو) الحالي إقليم كردستان عبر مطار السليمانية الدولي ايضا وعقد في المطار مؤتمرا صحفيا حول أهداف زيارته.
وقد تم تنظيم المؤتمرين الصحفيين لرئيس مجلس النواب العراقي ورئيس برلمان كردستان في جناح الـ(في آي بي) في المطار ولكن لوحظ أن رئيسي البرلمانين كانا يقفان أمام صورة لجلال طالباني كتب عليها باللغات الكردية والعربية والانكليزية: “السيد جلال طالباني رئيس جمهورية العراق”.
بحسب الصورة فان جلال طالباني لا يزال رئيساً لجمهورية العراق بينما توقف عن العمل فعليا في منصبه بسبب المرض منذ السابع عشر من كانون الأول (ديسمبر) من عام 2012 ولم يبق في منصب رئيس الجمهورية رسميا منذ الثالث والعشرين من تموز (يوليو) من عام 2014 وذلك بعد ان تم انتخاب فؤاد معصوم في اليوم نفسه رئيسا جديدا واقسم اليمين.
واقر طاهر عبد الله المدير العام لمطار السليمانية إنهم لم يرفعوا صورة جلال طالباني من جناح الـ(في آي بي) حتى الآن وعزا ذلك الى “مكانة الرجل العالية”.
وقال عبد الله إن لديهم خططاً لرفع جميع صور جلال طالباني من المطار وأضاف “بدأنا ذلك من مكتبي ولكن العمل لم يصل بعد إلى رفع صورة جلال طالباني من جناح الـ(في آي بي) من المطار”.
وكان الحزبان المتنفذان في الإقليم (الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني) قد خاضا بين أعوام 1994 – 1998 حرباً أهلية دموية وقد تحول إقليم كردستان منذ ذلك الوقت الى جزأين (اربيل ودهوك للحزب الديمقراطي والسليمانية وكرميان وحلبجة للاتحاد الوطني) وعلى الرغم من مرور حوالي (18) عاما على انتهاء تلك الحرب لا تزال ملامح الإدارتين باقية في كثير من مناطق الإقليم.
وتعلق في كثير من الدوائر ضمن حدود محافظة السليمانية وكرميان وحلبجة صور لطالباني فقط فيما تعلق صور كبيرة لطالباني كرئيس لجمهورية العراق في نقاط التفتيش.
وفي المقابل تجتاح صور لمصطفى بارزاني ومسعود بارزاني ونيجيرفان بارزاني الكثير من الدوائر الحكومية في مدينتي اربيل ودهوك وخاصة في مكاتب المدراء.
وأعرب هيمن فريد الناشط المدني في مدينة اربيل عن استغرابه من ظاهرة تعليق صور الزعماء وأوضح أنهم نظموا مع مجموعة من أصدقائه حملة في أربيل من اجل رفع صور الزعماء السياسيين من الأماكن العامة، إلا أن حملتهم لم تسفر عن نتيجة.
وقال هيمن حول ذلك: “أثناء نشاطاتنا واجتماعاتنا مع المنظمات الدولية ووفود البلدان يؤخذ علينا دائما لماذا نعلق صور الرؤساء في الأماكن العامة؟ ونحن نرد على ذلك بقولنا ان هذه هي صورة الزعيم الفلاني لذلك الحزب وتلك هي صورة الزعيم الفلاني للحزب الآخر”.
وشدد هيمن على ان اقليم كردستان لابد أن يتجاوز تلك المرحلة ولا يبالغ بالتفكير في تعليق صور الزعماء السياسيين في الأماكن العامة لان الإقليم يخطو نحو الدولة المؤسساتية والديمقراطية والانفتاح بوجه العالم.
ولا يطبق قرارا برلمان وحكومة إقليم كردستان كما هما في مناطق الاقليم المختلفة بسبب طغيان هيمنة حزبية عليه، اذ لا يطبق قرار البرلمان حول تعليق صور الملا مصطفى بارزاني ضمن حدود السليمانية كما لا يطبق قرار الحكومة حول تعليق صور طالباني ضمن حدود مدينتي أربيل ودهوك.
وقد بدأ جدل بين نواب البرلمان أنفسهم أيضاً حول الظاهرة وهناك حديث عن ضرورة الغاء قراري البرلمان والحكومة حول تعليق صور الزعماء.
وقال كوران آزاد النائب عن الاتحاد الوطني ونائب رئيس اللجنة القانونية في برلمان كردستان: انه “عندما اصدر برلمان كردستان قرار تعليق صور الملا مصطفى بارزاني كان البرلمان تحت سيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني وكان ذلك قرار حزب منفرد ونص القرار على ان تعليق الصورة من الناحية الدبلوماسية إجراء بروتوكولي ولابد من تواجد الصورة خلف المسؤولين خلال المراسيم الرسمية في الإقليم ويعتبر ذلك نوعا من الإكراه”.
وحول قرار الحكومة تعليق صورة طالباني وبارزاني معا قال آزاد: “أما هذا القرار فليس بروتوكولياً ويمكن تعليقها في مكاتب مدراء الدوائر”.
وكان يمكن لأي مدير لا ينفذ قرار الحكومة بتعليق صورة طالباني وبارزاني أن يحاسب ويعاقب. وقال هيمن فريد الذي شارك في حملة ضد القرار: “لقد حصلنا خلال حملتنا على امثلة عن العديد من المدراء الذين عوقبوا لعدم تنفيذهم القرار حتى ان هناك من ابعد عن عمله جراء ذلك”.
ويبدو ان محمد رشيد ميره مدير المخازن في المديرية العامة للتربية في السليمانية هو المدير الوحيد في كردستان الذي لم يعلق صورة طالباني وبارزاني في مكتبه اذ يقول صراحة انه ليس مستعدا لتعليق صورة الزعماء في مكان عمله الرسمي.
وقال ميره: “عند مباشرتي كمدير عام 2010 رفعت صورة الشخصيتين بحجة تغيير تصميم مكتبي ولم أعلقها بعد ذلك، وقد تمت معاداتي كثيرا في البداية إلا أنني ولحسن الحظ حولت الأمر الى قرار ولم اعلق الصورة بعد ذلك”.
وأضاف “يعود الشأن الأكبر في تفشي الظاهرة إلى المدراء أنفسهم الذين لا يجرؤون على رفع الصور في حين لا يحبون تعليقها في أعماقهم”.
ومع ان طالباني لم يبق في منصب رئيس الجمهورية وهناك خلافات حول منصب بارزاني الا ان حكومة الإقليم ليست لديها خطط لإعادة النظر في قرارها الذي اتخذته في عام 2005 حول تعليق صورتهما.
وقال سفين دزائي المتحدث باسم حكومة اقليم كردستان: انه “لا توجد الآن خطط لإلغاء قرار تعليق صور الزعيمين في المؤسسات الحكومية”.
وحول عدم بقاء طالباني في منصبه وبقاء صوره في المؤسسات قال دزائي: “صحيح أن طالباني لم يبق في منصبه ولكن لكونه زعيما كرديا بارزا لم يتم القيام بأمر لمس صوره”.