تقع بلدة نفط خانة في قضاء خانقين، التابع لمحافظة ديالى، شمال العاصمة بغداد، على الحدود العراقية الايرانية، وتتوسط المسافة بين خانقين وناحية مندلي. وما زالت ازقتها ومنازلها عبارة عن خرائب لم يعد اليها ساكنوها.
ويوجد في البلدة حقل نفط خانة الذي اكتشف في فبراير/ شباط 1919 لتتم المباشرة باستخراج النفط الخام من اباره في 1924 من قبل الشركات البريطانية، ويُعتبر حقلا مشتركا مع ايران (يطلق عليها في الجانب الايراني حقول نفط شاه) ويبلغ عدد الابار في كلا الحقلين 42 بئراً 14 منها بالجانب العراقي.
وينخفض في هذا الحقل الاحتياطي النفطي والغاز الطبيعي المستخرج مع النفط الخام يوميا دون الاستفادة منها بالنظر لعدم توفر الامكانيات لتطوير العمل في الحقل وإنشاء مصفى جديد او اعادة القديم الذي تم نقله الى الناصرية ابان الحرب العراقية الايرانية لاسباب امنية، كما قيل حينها.
ويقول احد المسؤولين في حقل نفط خانة، والذي طالب بعدم الكشف عن هويته، ان “الحقل يحتوي حاليا على 14 بئراً، اربع منها منتجة والباقي بحاجة الى صيانة واصلاح”، مؤكدا ان “انتاج هذه الابار بلغ 4500 – 5000 برميل في اليوم الواحد بعد 2003 وحتى سنة 2012 الا ان هذا العدد اخذ بالتراجع نتيجة الاهمال وعدم تلقي الدعم لتطوير العمل وصيانة باقي الابار المتوقفة عن الانتاج”.
واضاف، ان “احتياطي النفط الخام في الحقل يكفي لـ13 سنة واحتياطي الغاز الطبيعي لـ35 سنة اخرى”، لكن يشير الى أن الغاز “يهدر، ولا تتم الاستفادة منه بالنظر لعدم وجود مصفى او محطات للاستفادة من الغاز الطبيعي الذي يستخرج مع النفط الخام”.
ويوضح، أنه كان هناك مشروع مستقبلي لتحويل نفط خانة الى شركة من جديد، وتخصيص ميزانية لها وتحويل اسمها من حقول نفط خانة الى شركة نفط ديالى، وتشغيل المصفى، مضيفا “كنا قد طالبنا بحفر 4 ابار افقية بكلفة 50 مليون دولار، الا ان هذه المشاريع لم تستجب لها وزارة النفط وبقيت حبرا على ورق”.
ويتوقع المسؤول في الحقل، انه في حال تم حفر ابار افقية، من الممكن زيادة انتاج النفط من 5000 برميل في اليوم الى 17000 برميل يوميا، مكررا القول “يتم حرق 13 مليون قدم مكعب قياسي من الغاز يوميا في الحقل”.
ويلفت الى أن “كل مليون متر مكعب قياسي، يولد 4 ميكاواط من الكهرباء، اي ما يساوي 60 ميكا واط”، مؤكدا اقتراح دائرته على وزارة النفط، اعادة انشاء مصفى الوند ومحطة لتوليد الكهرباء بالغاز الطبيعي، لتغذي مناطق جلولاء والسعدية والخانقين، والمناطق التابعة لها، الا ان الوزارة رفضت المقترح، معللة السبب بان استثمارها قصير الامد، ولن يخدم المنطقة على المدى الطويل، وانه سيكلف الدولة اكثر من الاستفادة من المشروع”.
يشار الى ان انتاج النفط الخام لحقل نفط خانة بلغ 20 الف برميل يوميا سنة 1980، لكنه توقف عن العمل بعد ذلك، نظرا لدخول العراق الحرب مع ايران قرابة العقد، ثم استؤنف استخراج النفط الخام بعد الاحتلال سنة 2003 الا ان عمل هذه الحقول لم تعد كالسابق من حيث الانتاجية.
يذكر انه تمت المباشرة بالعمل في مصفى الوند سنة 1927 بطاقة انتاجية تبلغ 12000 برميل في اليوم الواحد.
وكان مصفى الوند يضم الورش والمعامل ليس لتكرير النفط ومنتجاته فحسب، بل وحتى معملا لتصنيع الصفيح، الذي افتتحه الملك فيصل الثاني انذاك، نظرا لانه يعتبر اول مصفى تم انشاؤه في العراق. وكان المزود الرئيسي للاسواق المحلية في العراق بالمحروقات حيث كان يغطي نسبة 70% من احتياجات السوق المحلية للنفط والغاز.
ويقول سامان سدير، خبير جيولوجي متقاعد، كان يعمل في ذات الحقل، ان “احتياطي النفط في الحقل يكفي لـ13 سنة اخرى”، مضيفا ان “ارض الحقل تتميز بالارتفاع عن نفط شاه، وهذا ما يجعل الاحتياطي يتأثر بالنظر لان نفط خانة حاليا لا تنتج سوى 2000 برميل في اليوم الواحد، بينما تنتج نظيرتها اضعاف ذلك، ناهيك عن ان نفط شاه تملك اباراً افقية ممتدة داخل اراضي نفط خانة”.
ويؤكد، ان “مخاطر تجفيف الآبار النفطية في حقول نفط خانة من الاحتمالات الواردة، لان ايران تستخرج النفط من نفط شاه باستمرار، ما يجعل النفط الموجود في نفط خانة تصب في آبار نفط شاه”.
واوضح، ان “عدد الموظفين في حقل نفط خانة حاليا يبلغ 250 موظفا؛ 150 منهم من اهالي خانقين والنواحي التابعة لها. ويشكو هؤلاء العمال والموظفون من الاهمال والتهميش الذي يتعرضون له على عكس من يعملون في شركات النفط الاخرى”، بحسب ما يقول سدير.
يذكر أن العراق وايران يمتلكان 12 حقلاً مشتركاً، تحوي احتياطيا يصل إلى أكثر من 95 مليار برميل وهو أكبر احتياطي للمواد الهيدروكربونية في موقع واحد بالشرق الأوسط.
وأن مساحات بسيطة من تلك الحقول تقع خارج الأراضي العراقية، لكن العراق أضعف من جيرانه تقنياً ومالياً في استثمار المكامن النفطية المشتركة.
ويقول الباحث والمختص النفطي، ابراهيم باجلان، ان “النفط الخام في حقل نفط خانة من اجود انواع النفط في العالم ويتميز بكثافته، بالاضافة الى قلة نسبة الكبريت والاسفلت الموجود فيه”، مشيرا الى انه، كان ينتج من هذا الحقل بنزين الطائرات، وكان انتاج مصفى الوند من تكرير النفط الخام من ذلك الحقل، يغطي 70% من احتياجات السوق المحلية حتى خمسينيات القرن الماضي”.
- info@alarabiya-news.com