صمت دهرا ونطق كفرا – طالباني ينبش النار تحت الشعب ويقدم قانونا لاشعال حروب بين المحافظات

/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:”Table Normal”;
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-priority:99;
mso-style-parent:””;
mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt;
mso-para-margin:0cm;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:10.0pt;
font-family:”Calibri”,”sans-serif”;
mso-bidi-font-family:Arial;}

مايحدث في العراق لايشبه مايجري في بلدان أخرى .. فرئيس البلاد الذي أقسم على الحفاظ على وحدة البلاد يقدم مشروعا يدق اسفينا بين محافظاتها يقضي بأعادة ترسيم حدودها وتغيير خرائطها الادارية في وقت لم تهدأ فيه الضجة المعلنة حول انشاء اقاليم جديدة .. وكأن الجميع الذين ينادون بأعلى اصواتهم لوحدة العراق يعملون بخلاف مايقولون.

فالاكراد يطالبون بكركوك كلها وبمناطق من محافظات نينوى وديالى وصلاح الدين وواسط .. وبغداد تنادي بأستعادة بلدتي الدجيل وبلد من صلاح الدين .. وكربلاء تطالب بقضاء النخيب من الانبار .. وذي قار بناحية بصية من المثنى .. وأخيرا ولايبدو انها الاخيرة حيث تطالب اليوم محافظة ميسان بناحية شيخ سعد من محافظة واسط .. والجميع يلقي بالمسؤولية على صدام حسين الذي اخذ هذه البلدات ومنحها لاخرى بجرة قلم .. ثم ليعود الرئيس الحالي لينبش الرماد من تحت النار عسى ان تشتعل مرة أخرى

والدستور العراقي الذي وضعه سياسيون عاشوا خارج بلدهم عشرات السنين ثم عادوا اليه وكأنهم عازمون على الانتقام منه ومن أهله قد حملوا هذا الدستور كل العورات والاسباب التي تغذي تقسيم العراق وتفتته حيث وضعوا مصطلح “المناطق المتنازع عليها” في مادته 140 لتشمل كل تلك النزاعات وتؤججها متى ما اريد ذلك .

فمشروع طالباني الجديد الذي قدمه الى مجلس النواب من اجل ترسيم جديد لحدود محافظات العراق الثماني عشرة يحمل في طياته تداعيات خطيرة على وحدة العراقيين وأوضاعهم الصعبة الحالية.

وتتخوف مصادر عراقية من ان يؤدي مشروع طالباني الى تفجر نزاعات بين المحافظات العراقية المتجاورة حيث يطالب مايسمى باقليم كردستان بضم مدينة كركوك الشمالية الغنية بالنفط الى محافظاته الثلاث التي يحكمها منذ عام 1991 اضافة الى مناطق اخرى في محافظات نينوى وصلاح الدين وديالى كما تطالب محافظة كربلاء بمناطق تقول انها انتزعت منها وضمت الى محافظة الانبار في زمن النظام السابق أضافة الى مطالبة محافظة بغداد بمدن بلد والدجيل وسامراء التي سلخت منها والحقت بمحافظة صلاح الدين في زمن ذلك النظام ايضا.

وهذا الامر من شأنه ان يثير نزاعات خطيرة داخل كركوك نفسها بين مكوناتها التركمانية والكردية والعربية والمسيحية حيث يؤيد الاكراد بقوة تنفيذ المادة 140 فيما يعارض التركمان والعرب والتركمان فيها على ذلك لخوفهم من احتمال ضم المحافظة الغنية بالنفط إلى إقليم كردستان العراق بعد اتهامهم للأحزاب الكردية بجلب مئات آلاف السكان الاكراد الى ألمدينة لتغيير هويتها السكانية

* الاكراد يطالبون بأراضي أربع محافظات   

وأضافة الى كركوك يطالب الاكراد بمناطق في محافظة ديالى المجاورة لها جنوبا مثل مناطق خانقين ومندلي وبلدات اخرى في المحافظة التي تعتبر نموذجا لعراق مصغر حيث يسكنها مواطنون ينتمون لمختلف طوائف وقوميات العراق.

وفي الاتجاه نفسه يطالب الاكراد بمناطق من محافظة نينوى الشمالية التي لها حدود طويلة مشتركة مع اقليم كردستان وهو امر ترفضه المحافظة بشدة . وكان مدراء نواحي في المحافظة من الاكراد قد اعلنوا خلال العامين الماضيين عصيانا على الحكومة المحلية في المحافظة مطالبين بضمها الى اقليم كردستان واصطدموا مع محافظها اثيل النجيفي الامر الذي ادى الى خروج تظاهرات متقابلة من طرفي النزاع يدعو كل منهما لمطاليبه

ويطالب الاكراد بما يقولون انها مناطق استقطعت من اقليم كردستان في سهل نينوى إلى اقليم   كردستان تشمل قضاءي تلكيف وقرقوش وناحيتي بعشيقة وبرطلة والمناطق التابعة لها إدارياً . وتضم منطقة سهل نينوى الواقعة شمال شرق الموصل ثلاثة أقضية هي الحمدانية والشيخان وتلكيف  وهي ذات غالبية مسيحية وكردية إيزيدية وشبكية وتعتبر من المناطق المتنازع عليها والمشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي. لكن مجلس محافظة نينوى يؤكد ان المحافظة متمسكة بحدودها الإدارية لعدم صدور أي قرار أو تشريع قانوني يتعلق بالموضوع.  
كما تمتد مطالب الاكراد الى محافظة واسط الجنوبية التي يريدون انتزاع مدينتي بدرة وجصان منها والتي يقولون انها كردية الاصل ويجب ان تعود الى اقليم كردستان.

* كربلاء تريد النخيب من الرمادي

ومن جهتها تطالب  محافظة كربلاء ببادية وقضاء النخيب وناحية الرحالية من محافظة الانبار المجاورة الامر الذي اثار مشاحنات كلامية بين المسؤولين في المحافظتين وخاصة بين محافظ كربلاء والشيخ ابو ريشة احد زعماء العشائر والصحوات في الانبار الذي عارض ذلك.
ويؤكد محافظ كربلاء أمال الدين الهر إن لدى الحكومة المحلية في كربلاء العديد من الوثائق التي تثبت عائدية النخيب لمحافظة كربلاء .. موضحا ان مدينة النخيب كانت تابعة لقضاء عين التمر التي تبعد نحو 70 كم إلى الغرب من كربلاء.

وقد تسببت عائدية مدينة النخيب من الناحية الجغرافية والادارية بازمة بين محافظتي كربلاء والرمادي بما ينذر ببروز مشكلة مشابهة لقضية كركوك . ويقول مسؤولون في محافظة الانبار 
ان النخيب هي قضاء تابع الى المحافظة ولم تكن في العقود الماضية سوى مخفر صغير يسمى مخفر النخيب وهناك وثائق تؤكد عائدية النخيب إلى الرمادي حيث اقر ذلك الزعيم عبدالكريم قاسم واكده الرئيس العراقي الاسبق احمد حسن البكر عام 1973 وان حدود النخيب مرسومة بوضوح ومنشورة في جريدة الوقائع العراقية وهي الجريدة الرسمية لجمهورية العراق.

ومما يؤجج الصراع بين المحافظتين حول هذه المنطقة هو ما تؤكده مصادر نفطية وجيولوجية عراقية من ان الاستكشافات الاخيرة اكدت ان النخيب مدينة صحراوية لكنها عائمة على بحيرة من النفط حيث قدرت المسوحات الاولية ان هناك احتياطيا نفطيا فيها يصل الى اكثر من ملياري برميل وهو الامر الذي دفع الاطراف السياسية الى التنازع على المدينة لاستثمار خزينها النفطي. ويتوقع نواب عراقيون ان تتسبب قضية ترسيم الحدود بين محافظتي الانبار وكربلاء في أزمة خطيرة بين الفرقاء السياسيين الذين مازالت تلفهم دوامة مشكلة كركوك ومازالوا عاجزين عن الخروج منها حتى الآن.
يذكر ان قضاء النخيب الخاضع إداريا إلى محافظة الرمادي استحدث سنة 1961 من القرن الماضي وكان يتبع إداريا محافظة كربلاء قبل أن يلحق مطلع السبعينيات بمحافظة الأنبار.
 
*
بلد والدجيل .. بين مطالب بغداد 

يضاف الى كل هذه النزاعات ايضا ما تطالب به محافظة بغداد بأستعادة بلدتي الدجيل وبلد اللتين تقول المحافظة انهما انتزعتا منها والحقتا بمحافظة صلاح الدين ابان عهد النظام السابق . كما ان هناك مناطق اخرى انتزعت من بغداد والحقت بمحافظة ديالى شمالها . وبرغم ان مطالبة بغداد بهذه المناطق لم تأخذ بعدا تصعيديا بعد  الا انه يتوقع انها ستثير مسألتها في حال تم الشروع بتغيير الحدود الادارية لمحافظات اخرى.

* مخاطر داخلية وخارجية

 وأزاء كل هذه التداعيات يتوقع العراقيون ان يلاقي مشروع القانون صعوبة وسجالا بين الكتل السياسية بسبب حساسية الموضوع خاصة في الوقت الحالي وسط دعوة العديد من المحافظات لإنشاء الأقاليم.

يخشى العراقيون ان ييثر مشروع اعادة ترسيم الحدود الادارية للمحافظات مشاكل جديدة تهدد وحدة البلاد واستقرارها خاصة مع التفاعلات الحالية حول اعلان بعض المحافظات التحول الى اقاليم مستقلة اداريا وأقتصاديا وما تفرزه من تصعيد يومي في الخلافات بين القوى السياسية والحكومات المحلية وحكومة بغداد المركزية.

واضافة الى هذه التحديات الخطيرة هناك ايضا العامل الخارجي الذي يؤثر في تطورات الاوضاع العراقية ومثال ذلك الموقف التركي الرافض بشدة لالحاق مدينة كركوك التي تسكنها اغلبية تركمانية بألاقليم الشمالي الكردي. ويدعم تركمان وعرب المدينة جعل محافظتهم أقليمآ فيدراليآ محايدآ يجمع القوميات التركمانية والكردية والعربية اضافة الى المسيحيين ولايخضع   لسلطة الأكراد.

Facebook
Twitter