تكشف وثائق رسمية عن فساد كبير تقوده مافيات وعصابات، تتربّع على مناصب حكومية، وتسهّل صفقات الفساد والرشوة مع رجال اعمال، يُنشِؤون شركات وهمية، يقيمون في خارج العراق وداخله.
وبطل فضيحة صفقة الفساد هذه المرة، موظف حكومي رفيع، مشمول باجتثاث البعث لأنه كان من فدائييّ صدام، هو نجم عبود الجبوري، المنسوب الى وزارة الصناعة في شركة “العز” العامة، ويشترك معه رجل الاعمال، سارق أموال العراقيين، خميس الخنجر، ومثنى السامرائي.
لقد سعت هذه العصابة الى الاستحواذ على عقود تجهيز لوزارة التربية بما تحتاجه من أثاث، عبر ابرام عقد فساد، بفارق يزيد على الـ 26 مليار دينار عراقي عن عطاءات شركات أخرى، ما يكشف الطرق الملتوية، والدنيئة، التي يجري عبرها تمرير الكثير من العقود التي باتت احدى الطريق “المخفية” للاستحواذ على أموال الشعب العراقي.
وفي تفاصيل عقد الفساد، فان شركة “العز” العامة، وهي احدى تشكيلات وزارة الصناعة والمعادن، قامت بتوقيع عقد مع شركة “الزمرد” الأردنية، وهي احدى الشركات الوهمية لمثنى السامرائي، شريك سارق أموال العراقيين، خميس الخنجر،(كلاهما يقيم في العاصمة الاردنية)، لتجهيز وزارة التربية، بما تحتاجه من الأثاث والوسائل، و قام مدير عام “شركة العز” بإحالة اعمال تجهيز العقد، بمبلع اجمالي قدره مائة وأربعة وسبعون مليار دينار الى الشركة الأردنية على رغم وجود عرض سعري، اقل من عرض الشركة الأردنية.
ويشير كتاب صادر من مكتب وزير الصناعة والمعادن، و يخاطب فيه المفتش العام، الى تقرير المفتش العام، في 22-9-2014 و 2-10-2014 الخاص بالعقد المرقم 14/2014 المبرم بين شركة “العز” العامة التابعة لوزارة الصناعة، وشركة “الزمرد” لتجهيز اثاث مكتبية ومدرسية لصالح وزارة التربية تنفيذا لقرار مجلس الوزراء 309 في 2014.
لقد درس مكتب الوزير الطلبات الاعتراضية المقدمة من شركة “الزمرد” الأردنية. وشركة “الرسوم” العالمية، والممثلة لشركة “ارت اوفس” التركية، استنادا لعقدي المشاركة المبرمة مع شركة العز العامة، وتبين الفارق السعري الكبير بين عطائي الشركتين.
ان هذا الاختلاس تم برعاية أحد المسؤولين البارزين في الرئاسات الثلاث، مستخدما منصبه، ونفوذه والضغط على القضاء، و أصحاب القرار، في الوزارات لتمرير صفقة العقد المشبوه.
لقد كانت غاية الشركة، الحصول على مبلغ “التشغيل”، ومن ثم التلاعب في المواصفات، عبر مدير عام وكالة الدائرة الإدارية في الوزارة، لانه “مُعيّن” بواسطة “صفقة” ايضا.
وكان قرار لمجلس الوزراء 309 في 2014، افاد بتخصيص مبلغ 175 مليار دينار لشراء اثاث مدرسية ومكتبية، لصالح وزارة التربية.
ويوضح صفقة الفساد، كتابان رسميان، الأول هو كتاب شركة “الزمرد” ويفيد بعطاء مسعّر بمبلغ 174 مليار دينار، من دون وجود دراسة وتحليل للعطاء او تأييد لاعتدال السعر. في حين ان كتاب شركة “الرسوم” العالمية في يوليو 2014، يفيد بعطاء تجهيز المواد بمبلغ 148 مليار دينار، وبهذا يكون الفرق بواقع 26 مليار دينار عراقي.
ولم تستجب شركة العز، ومن يقف وراءها لأسئلة الوزارة ض وجهات المسائلة، حول حقيقة ما حصل، فيما سعى فاسدو الصفقة الى محاولة تسوية الموضوع.
ويكشف عمق فساد هؤلاء المسؤولين والتجار، ان اعتراض شركة “الرسوم” العالمية الموجه للمفتش العام ظل من دون إجابة.
وكان كتاب لمكتب رئيس الوزراء، 11794 في 5-8-2014 تضمن إيقاف العقد واحالة الملف للتحقيق لوجود فساد ومخالفات في الصفقة.
وقال كتاب الوزارة، ان العقد لم يستند الى مبدأ الشفافية ومبدأ تكافؤ الفرص، ولم يستند لتحليل الأسعار، وإقرار اعتدالها، بموجب محضر اصولي.
واعتبرت الوزارة ان العقد يصيب المال العام بهدر وغبن فاحش، بمبلغ يزيد على 26 مليار دولار عند تنفيذه،مما يقتضي زوال ذلك الغبن الفاحش والهدر في المال العام الذي يعد بعد اليوم معيارا للنزاهة.
وقالت الوزارة أيضا ان جميع مسؤولي الدولة المعنيين، مسؤولون امام القانون، وعليه تقرر الغاء العقد المبرم بين شركة “العز” العامة وشركة “الزمرد” المرقم 14- 2014.
ويخاطب كتاب “اللجنة الوطنية العليا للمسائلة والعدالة”، في 26-01 – 2015 مكتب وزير وزارة الصناعة والمعادن حول سعد نجم عبود الجبوري المنسوب الى وزارة الصناعة في شركة “العز “العامة وشموله بإجراءات الاجتثاث وفقا لأحكام المادة (6/رابعا) من قانون المسائلة والعدالة رقم 10 لسنة 2008.
وكشف فساد هذه العصابة التي يقودها سعد الجبوري، ويشترك فيها الخنجر واردنيون، كتاب الدائرة الاقتصادية في وزارة الصناعة والمعادن في 2014، ويتضمن توصيات تفيد بان اللجنة اطلعت على عرض شركة “الرسوم” العالمية، وانه مطابق للمواصفات الفنية المطلوبة، وبسعر اقل من شركة “الزمرد” الأردنية وبمدة التجهيز مستوفية للشروط، مع الاخذ بالاعتبار موافقة شركة “الرسوم” العالمية، على بيان العلاقة التعاقدية بينها وبين شركة “ارت اوفس” التركية.
بل ان شركة “الرسوم” قبلت بشروط الدفع المقدمة من قبل وزارة التربية، وتعهدها بمنتجات مقبولة من قبل وزارة التربية، وموافقتها على شروط التجهيز الى بغداد والمحافظات، ما كشف فساد عصابة الجبوري والخنجر وشركة الزمرد.
وكان قرار لمجلس الوزراء، قد حدد تسليف وزارة التربية مبلغا قدره 10 بالمائة من العقد، ولم يحدد مبلغ السلف المتبقية وأسلوب تسديدها.
وفي تفاصيل القضية، فان كتابا رسميا يشير الى تشكيل لجنة وزارية برئاسة الوزير، تتولى دراسة عطاء شركة “الرسوم” العالمية، وهو الأخفض سعرا، باعتبارها مخوّلة عن شركة “ارت اوفس”، لارتباطها معها بعقد شراكة.
لقد راجعت الجهات المعنية في وزارة الصناعة والمعادن، العقود المبرمة في زمن الوزير السابق احمد الكربولي وبتوجيه واشراف وزير الصناعة الجديد نصير العيساوي، ليتأكد وجود فساد وغبن فاحش، وهدر للمال العام، ما دعا الوزير الى فسخ العقد مع شركة الزمرد الأردنية، واحالة التجهيز الى شركة “ارت اوفس” التركية”.
ولشدة الفساد الواقع لدى مدير عام وكالة شركة “العز” العامة، سعد نجم عبود الجبوري، والذي هو من عناصر فدائيي صدام القمعي والمشمول بقانون المسائلة والعدالة، حاول المماطلة في تنفيذ الامر والتسويق وإيجاد الحلول الى شركة “الزمرد” الأردنية، ومفاتحته للوزارة للطلب في استمرار العقد دون أي مسؤولية وطنية للحفاظ على المال العام، بل انه سعى الى التلاعب في آلية تسديد المبالغ خلاف نص قرار مجلس الوزراء.
ان تدخل الجهات المعنية لاسيما رئاسة الوزراء، كان حاسما، في ابطال الصفقة، وهو المسمار الذي يدق نعش الفاسدين والمرتشين وسارقي أموال الشعب العراقي.
وشركة “الزمرد”، هي شركة مسجلة في عمان لأغراض الحصول على الإقامة، ولا تمتلك مصانع، ما يخالف ما جاء في اهداف عقد المشاركة، بنقل التكنولوجيا الخارجية في مجال تصنيع الأثاث الى دخل العراق، وبدلا من ذلك، نقلت الشركة، تكنولوجيا النصب والاحتيال، الى البلاد.
كما ان الشركة، لم تطبّق عقد المشاركة الموقع معها لأنها غير مسجّلة في العراق، ولديها حسابات خاسرة، ولم تكن شركة رابحة لمدة ثلاث سنوات. وسبب ذلك يعود الى انها في الحقيقة، كيان وهمي، و متهربة من دفع الضرائب في العراق، وغير مسجّلة في الهيئة العامة للضرائب العراقية، بسبب خسارة في حسابات الشركة في الأردن، لان راس مالها قليل جدا، لا يكفي لتنفيذ مثل هكذا مشروع “
و بلغ الفارق بين أسعار العروض المقدمة من قبل شركة “ارت اوفس” التركية، وبين شركة العز العامة بفارق يزيد على 26 مليار دينار.
وكانت لجنة النزاهة البرلمانية كشفت في 2013 عن وضعها اليد على عقد يشوبه الفساد خاص بوزارة التربية قبل اسبوع من ابرامه مع الجهة المستفيدة، و أن “اللجنة طلبت استضافة وزير التربية محمد تميم ومفتش وزارة التربية مظفر ياسين لبحث الموضوع”.
وتقول مصادر ان “وزارة التربية أعلنت عن مناقصة طبع المناهج الدراسية في مطابع القطاع الخاص بمبلغ 15 مليار دينار عراقي، وان محمد عبد الصمد السامرائي شقيق مثنى السامرائي يتحكم بعقود المستلزمات التربوية”.
وتحدثت وسائل اعلام عراقية، عن وثائق تؤكد وجود 109 من المناهج الدراسية، وبكلفة اجمالية تقارب 80 مليار دينار عراقي يتم طبعها في مطبعة الشركة العامة للتبوغ، ومطبعة الوقف السني، فيما يطبع جزء كبير في خارج العراق.
وتفيد التفاصيل أن مثنى عبد الصمد كان يعمل مدير فرع لمصرف الوركاء للاستثمار والتمويل وتم التحقق من ارتكابه مخالفات مالية وادارية واستعمال الاموال الموجودة في حيازته لأغراض شخصية مخالفا التعليمات الصادرة من الادارة العامة للمصرف، وقام المدعو بسحب مبالغ صكوك راجعة لشخص آخر حسب الاشعارات الصادرة من المصرف المسحوب عليه وهو مصرف “البلاد” الإسلامي، حيث بلغت المبالغ التي سحبها نحو ثلاثة ملايين دولار. وبحسب الصحيفة فان الشخص المذكور، صدرت بحقه مذكرة قبض صادرة من رئاسة محكمة استئناف بغداد/الكرخ وفق المادة القانونية 446.
وتشير مصادر الى ان محمد عبد الصمد السامرائي كان صاحب مطبعة صغيرة، وعمل مديرا لاحد فروع المصرف الذي رفع بدوره دعوى قضائية وحكمت المحكمة عليه بأن يسدد المبلغ وتم الحجز على امواله المنقولة وغير المنقولة ومنعه من السفر.
وأضاف المصدر “رغم ذلك منحته وزارة التربية عقود طبع كافة كتب المناهج المدرسية “.(المسلة).