ناظم كزار يطلب من رئيس وزراء عراقي سابق الرقص مثل راقصة شرقية
لماذا يخاف البكر من حردان ولماذا سمموا زوجته فماتت في الطائرة بعد ساعتين؟
هل عرفت والدتك بمن كان والدك سيلتقي في الفندق؟
– نعم ذهب للقاء عبدالحميد الخربيط (سفير سابق للعراق ظهر في حياتنا في ١٩٧٥ هو وشقيقه عبدالكريم الخربيط) والمسؤول العراقي). كنا نرى الخربيط مرات عدة في السنة وكان يزعم أنه يسعى إلى ترتيب العلاقات بين السلطة ووالدي. كان يفترض أن يكون الخربيط حاضراً لكن عندما سأل والدي عنه في الفندق أجابوه أنه غادر. عندها التقى المسؤول العراقي في غرفته.كل ما نعرفه أن المسؤول العراقي نزل مع والدي إلى بهو الفندق مودعاً وعاد إلى غرفته. فور خروج والدي من الفندق كان القاتل بانتظاره وعاجله برصاصات عدة.
ما اسم القاتل؟
– خالد أحمد. عراقي. سجن لمدة ٢٥ عاماً. البواب أمسك القاتل. أما المسؤول العراقي فقد غادر لندن ولم يظهر اسمه في التحقيقات. بالتأكيد جاء بجواز ديبلوماسي واسم مستعار.قلت انني توجهت مع والدتي إلى المستشفى، وبعد توسلات تمكنا من رؤية والدي وكان المشهد مؤلماً.
أين دفن والدك؟
– في مقبرة سحاب على طريق العراق”.
سئل صدام من قبل المحقق الفدرالي عن اغتيال النايف ودور السلطة في ذلك ” عندما قيل لصدام إن بعض الأفراد يعتقدون أنه تم قتل نايف من قبل قوات الأمن العراقية، قال «إن الله قتل نايف. فقد بدأ نايف في العمل ضد البلاد. لقد ذهب إلى إيران وقابل بارزاني في شمال العراق، وحسب المعلومات التي توافرت لدينا، فقد قابل موشى ديان، (وزير الدفاع الإسرائيلي). وقد كان ينظر إلى مثل هذه التصرفات على أنها تصرفات مشينة. وبالنسبة لمن قتله، فإن ذلك أمر آخر. فالله وحده هو الذي يعلم». وعندما تم توجيه سؤال إلى صدام عما إذا كان يعلم من قتل نايف، قال «لقد قلت لك إن الله وحده هو الذي يعلم». وعندما تم الضغط عليه أكثر ليجيب عن هذا السؤال، قال «لقد قلت لك بصورة واضحة تماما». وقال صدام في ما يتعلق بمصير داود «ربما يكون ما زال حيا، لكنه لم يكن خائنا. فلم يتم تسجيل شيء ضده». وعندما سئل صدام عن تصرف الحكومة العراقية في ما يتعلق بنايف، قال صدام «لست متأكدا لكنني أعتقد أننا حذرناه. لا أتذكر». وبعد ذلك سئل صدام عما إذا كان قد ألقي القبض على نايف وسجنه ومعاقبته بدلا من نفيه، وأن بعض الأشخاص يعتقدون أنه كانت هناك أوامر بقتله.
فأجاب صدام على ذلك بقوله: «ما يعتقده الناس شيء آخر، لكنني أعطيتك إجابتي».
كما يبدو من هذا الحوار لم ينف صدام دور العراق في اغتياله بل على العكس فهو يقدم تفسيراً لبقاء الداوود حي واغتيال النايف فالاول “لم يسجل شيئا ضده” والثاني “كانت تصرفاته مشينة”.
كانت اجابة صدام على نفس السؤال , في اجتماع حزبي عقد بعد فترة قصيرة من اغتيال النايف , واضحة تماماً عن من قتله حيث أجاب بعد أن قهقه “حنه اللي چتلناه”.
***
رشيد مصلح من مواليد تكريت بعد أن أنهى دراسته الأولية في تكريت انتقل الى بغداد ثم دخل الكلية العسكرية ليتخرج منها ضابطاً وظل يعمل في مختلف الوحدات حتى وصل الى رتبة لواء.عين بمنصب الحاكم العسكري عام ١٩٦٣ وساهم مع عبد السلام عارف بمحاربة الحرس القومي. عذب بقسوة وأهين في قصر النهاية حيث ذكر عبد الكريم فرحان في كتابه ” حصاد ثورة” “نودي على طاهر يحيى ورشيد مصلح وبعد نصف ساعة نودي على نافع وفتح الحارس باب زنزانتنا ومضى نافع يتبع الحارس لم أستطع النوم وكنت اتوقع أن استدعى أيضاً وجاء نافع بعد أن تقدم الليل وسألته لماذا طلبوكم ..قال كان التلفزيون مفتوحاً وظهرت على شاشته راقصة مصرية جاءت للعراق بمناسبة ثورة ١٧ تموز فطلب ناظم كزار من طاهر يحيى ورشيد مصلح أن يرقصا مثلها..ثم قال لي أرقص أنت أيضاً ..قال نافع أجبته لا أعرف الرقص وإنما ساقرا لكم نشيدا باللغة الالمانية وقرأت النشيد.”
فضل رشيد مصلح الموت على استمرار التعذيب فظهر أمام شاشة التلفزيون عام ١٩٧٠ معترفا بالتجسس لصالح العدو ليعدم بعد ذلك.
***
نائب رئيس الجمهورية ووزير الدفاع – حردان التكريتي: ولد في تكريت عام ١٩٢٦. احد المنفذين لأنقلاب ٨ شباط عام ١٩٦٣ والاطاحة بحكم عبد الكريم قاسم حيث تولى منصب قائد القوة الجوية. وهو احد المشتركين والمخططين الرئيسيين لأنقلاب ١٧ تموز عام ١٩٦٨. عين بعدها عضوا لمجلس قيادة الثورة ووزيرا للدفاع ورئيسا لاركان الجيش العراقي.
عرف حردان بالشجاعة وبالطموح بين الحزبيين ويبدو أن البكر كان يهابه حيث ذكر تايه عبد الكريم وزير النفط الأسبق في مقابلة مع قناة البغدادية
“أذكر أن فى احد الأيام فى اجتماع القيادة قال البكر انني اخشى من حردان التكريتي، أخشى أن انام فى القصر وحدى، وارجو من احد اعضاء القيادة أن ينام معي بالقصر وكنت أحد الأثنين الذين ناموا معه، وفى الصباح قلت له سآخذ ملابس قال : لا ربما احتاجكم” خوف البكر دفعه الى التجسس على مكالمات حردان كما ذكر الدكتور فخري قدوري في كتابه “هكذا عرفت البكر وصدام”
“كان البكر يرحب وقوفاً بالقادمين الى مكتبه ، ثم يجلس أمام منضدته التي تتواجد عليها هواتف عديدة ينشغل أحياناً بالمكالمات عبرها. واسترعى انتباهي وجود هاتف تحت جانب من منضدته. ولولا رن جرس هذا الهاتف أحيانا لما انتبهت لوجوده بتاتا. كنت ألاحظ مطالبة البكر الحاضرين التوقف عن الحديث حين يرن جرس هذا الهاتف . يرفع السماعة بهدوء ويضعها على أذنه مركزا على الأستماع للكلام وقتا طويلا دون أن ينبس ببنت شفة، ثم يعود ويضع السماعة على الهاتف بهدوء مماثل. تكرر هذا المشهد مرات عدة حين مقابلتي البكر في مكتبه ، ثم علمت بعدها أنه كان يتصنت على مكالمات حردان التكريتي الهاتفية.اللافت هو أن حردان كان على علم بعملية التصنت على مكالماته الهاتفية ومراقبة تحركاته. ومما أذكره اغتنام حردان أحدى جلسات مجلس الوزراء التي كان يترأسها بنفسه ليناشد الوزراء بأسلوب المداعبة كي يأخذوا حذرهم من الأعتقاد أن الهواتف الحكومية السرية هي سرية فعلا! ثم تطلع الى الوزراء وعلى وجه ابتسامة عريضة ساخرة”.لم يبق حردان في مراكزه فترة طويلة ، فقد جرى أعفاوه من جميع مناصبه وعين سفيراً في أسبانيا في ١٥ تشرين الأول عام ١٩٧٠ ولم يلتحق بمنصبه حيث رفض الامتثال للقرار، وعاد إلى بغداد، ولكنه وضع في المطار في طائرة متجهة إلى الجزائر.
وربما كتحذير لحردان من الأنخراط بعمل ضد البكر وصدام تم تسميم زوجته وهي في طريقها اليه حيث ذكر في مذكراته “بعد تسفيري الى الجزائر أخبروها أن عليها أن تلتحق بي في الجزائر ، ويجب عليها أن تقضي عمرها كله هنا ، وامروها بمغادرة العراق خلال ثلاثة أيام فقط ، وامتثلت للاوامر ، وحجزت مكانا في الطائرة العراقية التي كانت ستتوجه الى هنا، وفي المطار طالبوها بشهادة التطعيم ضد الكوليرا ولم تكن هي تحمل مثل ذلك ، فاجبروها على التلقيح.
ولكن ماذا كانت المادة التي لقحوها بها ؟ لقد كانت مادة قاتلة لم تعش بعدها ألا ساعتين فقط، حيث لفظت انفاسها الأخيرة على متن الطائرة. وحولها أولادي الستة الذين شاهدوا وفاتها لحظة بلحظة”.
سرد سفير الولايات المتحدة الأمريكية في الكويت عملية اغتيال حردان التكريتي بتقرير رفعه الى وزارة الخارجية في واشنطن بتاريخ ٣١/٣/١٩٧١ ذكر فيه “اغتيل هنا في الكويت، صباح أمس، حردان التكريتي، نائب الرئيس العراقي السابق، على مسافة نصف ميل من سفارتنا”.
يومها أحس حردان التكريتي بآلام في المعدة فتم تحديد ميعاد مع اختصاصي مشهور في المستشفى الأميري. ذهب مع حردان إلى المستشفى مدحت جمعة، سفير العراق في الكويت، وكانا في سيارة السفارة الرسمية، يقودها السائق الرسمي.عندما وصلت السيارة إلى مدخل المستشفى، تقدم نحوها شخص يرتدي بذلة غربية جميلة، وفتح الباب الخلفي ليخرج حردان. وعندما بدا حردان يخرج ووضع رجله اليمنى على الأرض وانحنى برأسه، اخرج الرجل مسدسا، وأطلق النار مرتين مباشرة في رأس حردان وعندما وقع حردان أطلق الرجل طلقتين نحو قلبه وطلقة خامسة نحو معدته…”.
السفير مدحت جمعة،الذي كان يجلس إلى جوار حردان لم يصب بأذى. هرب القاتل ومعه أربعة رجال ويحمل بعضهم بنادق كلاشنكوف.
أطلق أحدهم النار على رجل شرطة طاردهم فأصابه في قدمه. وأطلق آخر النار على مواطن مدني طاردهم فأصابه في رجله.وكان هناك رجل يتحدث في هاتف عام،واعتقد الجناة انه يستدعي الشرطة،فأطلق أحدهم النار عليه فأصابه في يده ورجله.
واتجه الجناة نحو سيارة “فيات” كانت تقف على مسافة مائة قدم من المدخل المستشفى.وفي طرقهم رموا بعض أسلحتهم.عندما دخلوا كلهم السيارة، فشلو في إدارة محركها لسبب ما فأسرعوا بالخروج منها تاركين بندقية كلاشنكوف داخلها، واتجهوا نحو شاحنة في الطريق واجبروا سائقها على تركها،هربوا بها، ثم تركوها على مسافة أربعة شوارع من المستشفى واختفوا.
وأصبح واضحا أن ما حدث كان خطة دقيقة، وأنها نفذت كما حدد لها. وأن الجناة لا بد أن يكونوا خططوا لهربهم من الكويت. وعلى أي حال بدأت الشرطة الكويتية في التحقيق واعتقلت بعض الناس…”.